9. حـقـيـقـةُ الـأحـسـاس

26 3 5
                                    

انحنى الكونت كريستوفر برجفةٍ تملأهُ ثم خرج من مكتب الأمير ايزيك متجهًا إلى قصرهِ وهو يفكرُ في بعمقٍ وخوفٍ ارتسم على ملامحهُ، فكيفَ لهُ أن يُلبي طلبات الأمير دونَ أن يُعاقب على أفعالهِ، في ذلك الوقت كانت نافير في غُرفتها قابعةً على كرسيِها، مسنِدةً ظهرها على الكرسي وكان شعرهُا الطويل مُنسدلًا للأسفلِ، حدقت بمُقلةِ عينيها المحمرة نحو سقفِ الغُرفة ثم أخذت نفسًا عميقًا وأخرجتهُ ببطئٍ؛ حتى تكبح دموعُ عينيها من السقوط، حتى لا تنهار على ما أتخذتهُ وقررتهُ بنفسها، رفعت رأسها ثم أمسكت بريشةِ القلمِ وغمستها في وعاء الحبر وشرعت في نقشِ ألمها المكبوت على الورقةِ كما لو أنها تكتبهُ على حجرٍ، ثم قرأتهُ بصوتٍ مهزوزٍ وكئيبٍ

" رحل محبوبي دونَ أنْ يرأفَ

على حاليِ وما حالي دونهُ

أنا الخرابُ وشظايا الزجاج

المكسور تبعثرت خلفَ سرابهُ

كحطامٍ أشبهَ ببنايةٍ حمراءَ تداعت

وانهارت إلى فتاتٍ يُرمى خلفهُ

استبدلتهُ ونافحتُ بنيلوفرٍ ذابلٍ عليهِ

وها أنا أُجازى على قرارٍ اخترتهُ

أتذوقُ من مرارةِ الولهِ والهيامِ أيام

فما عادت مُهجتي تقوى حرقتهُ

حتى ترجيتُ ذاتِي أنْ تصغِي لي

قبلَ أنْ أكونَ اليومَ هُنا بعيدةً عنهُ

فما أقسى الندمَ الآن وكيفَ لي أنْ

أستذكرَ أمنياتِ الأمسِ على ما فضلتهُ "

حينما وصلت إلى أخرِ بيتٍ رمت الورقة من بينِ يدها وشهقت بصوتٍ عالٍ لثوانٍ ثم بكت حتى أحست بخنقةٍ شديدة اجتاحت فؤادها، تمنت لو أنها اختارت من يُحبها وليس من هي تحبهُ ولكن كيف للوقتِ أن يعود مجددًا؟ بعد إذا أنها قد اختارت وقررت، سألت نفسها

" لو أنني لم أتزوج بهِ لو أنني أعود للوراء يومًا واحدًا لخترتهُ بدلًا من هذا الرجل الأحمق الحقير، ربما لو أنني لم أختر لم أكن لأصبح بهذهِ التعاسة! "

بقيت تسألُ ذاتها إلى أن سقطت على الطاولةِ فاقدةٍ لوعيها لعدةِ ساعات من شدةِ الأرهاق دون أن يأتيِ إليها أيُ أحد ويطبطب على مشاعرها، بعد أن مضى من الوقت ساعاتٍ عديدة، دخل ايزيك إلى غُرفتها فتفاجئ مما رأتهُ عينهُ، ظن أنها ميتة لوهلة فهرعَ إليها بقلقٍ مسح بيديهِ شعرها بدفءٍ كما لو أنها طفلةٌ صغيرة، ثم لفتت أنتبهاهُ الورقة التي كتبت فيها نافير ألمها ورمتها، أمسكها ايزيك وقرأها فاعتراهُ الغضب وأحس بالاشمئزازِ الشديد فمزقها إلى قطعٍ صغيرة وداس على قصاصةِ الورقِ كما لو أنها قطيعُ نملٍ، سار ماشيًا نحو بابِ الغُرفة خارجًا منها بعجلةٍ دون أن يُلقى بالٍ على نافير، نادى الخادمة حتى ترى نافير وعاد ايزيك إلى مكتبهِ يُقلبُ الأوراق بغضبٍ ثم اتجاه إلى غُرفة الاجتماع.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 05 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أفكارُ أمنية اليأس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن