بعد مرورِ عدةِ أيام منْ حادثةِ أغماء روبي التي أثارت الصخبَ في كلِ أنحاء البلاد ، فأصبح الجميعُ يتحدثُ عنها وعن الأضطرابِ الذي أصاب الدوق جين حينما رأى روبي وهي تسقطُ على الأرضِ الباردة ، فكانَ ممتلئًا بالهلعِ بتلك الحواجب المائلة والمقلةُ الحمراء ،بينما الجميع أنشغلَ في البلبلةِ ونشر الأشاعات ،كان ايزيك قدّ طلب رؤية الكونت كريستوفر إلى قصرهِ الذي يقعُ في الجهةِ الشرقية من قصر الأمراء الأربعة، فقد ذاع عنْ قصرِ ايزيك بأسمِ "قصر الزُمرد" وذلك لانهُ يفتنُ الوجدانَ قبل المقلة لشدةِ حسنهِ وبهاءهِ ، فالزهورُ مُنتشرةً في كلِ القصر والأوراق الخضراء الممتطايرةَ تُنعشُ الجسدَ فالألوان متناغمة كما لو أنها لوحةٌ فنية ،لكنْ لم يكُن هذا الحُسن من تخطيطِ وإدارةِ ايزيك بل يعودُ الفضل كُلهُ إلى الأميرة نافير التي تبلغُ واحد وعشرون عامًا ،أبنةُ الأرشيدوق الراحل ، تزوجت ايزيك مُنذ ثلاثِ سنوات ،وهي فتاةٌ ناضجة ذو مُقلةٍ واسعةٍ ورديةٍ ،لها شعر رمادي مُجعد و ناعم ،تمتلكُ جسدًا نحيلًا طويل القامةِ والأهم انها ذو ذكاءًا حاد فلا مثيلَ لعبقريتها.
(بعد يومين)
وصلَ الكونت كريستوفر إلى "قصر الزُمرد" في الصباح الباكر ثم أنتظر ساعاتٍ عديدة حتى يتمكن من مقابلةِ الأمير ايزيك ، في أثناءِ انتظاره الطويل قرر المشيِ في حديقة الزُمرد ، بينما هو يُلقي نظرة على الحديقة سمع صوتَ أنينًا حادًا لرضيعٍ صغير، فبدأ يمشيِ نحو مصدرَ الصوت بفضول ، حينها رأى الأميرة نافير مرتبكةً ممسكةً بطفلها الرضيع ذو الشهر الواحد سيل ، الذيِ ينتحبُ بشدة تحاولُ تهدِئتهُ ، كان سيل يُشبهُ والدها الراحل الأرشيدوق.
-تحدث كريستوفر بدهشةٍ "جلالة الأميرة! .. ما الذي يجري هُنا؟"، حدقت نافير بريبة نحو الكونت ثم قالت "ماذا تفعل هُنا حضرة الكونت ؟"، أجابها الكونت بثقةٍ " لقد كُنت أتمشى في الحديقة ، لكنني سمعتُ صوت طفلٍ يبكي لذا تبعتُ الصوت ،هل هو الأمير الصغير سيل؟"، وقبل أنْ تُجيب نافير على الكونت قاطعهم صوتُ عالٍ "أخرسيِ هذا الطفل حالًا!".
حينها هلعَ الكونت كريستوفر حينما رأى الأمير ايزيك يتحدثُ بتلك النبرة الغاضبة والوجه الحاد ذو الحاجبِ المُستقيم ، ثم قالت نافير بِسخطٍ وهي تحدق نحو ايزيك "سوف أرحل من هُنا .. فحتى طفلك لم يسلم منك ومن شرك" ثم استدارت وأخذت طفلها بوجهٍ عابسٍ ورحلت وحاشيةُ الخدم خلفها.
تحدث ايزيك بغرورٍ وعلوٍ " ألم تشتق لي حضرة الكونت؟ ... لقد حانَ وقتُ الحساب"، ثم قال كريستوفر بنبرةٍ مهزوزةٍ متلعثمةٍ "ج..جلالتك...سامحني رجاءًا " ، نظر ايزيك بمقلةٍ كانت ستاكُل الكونت من شدةِ الغضب "أسامحك؟..كيف لروبي أنْ تقتربَ من جين؟ ...ولكن لم أكنْ أعرفُ أنك بهذهِ الجرأة ! ، أظننتَ أننيِ لنْ أعلم بحفلتك" ، بعدها نادى ايزيك على خادمه ليُحضر السوط لهُ، قامَ ايزيك بضربِ الكونت بحقدٍ وغضبٍ ، بذاك السوط الذي صُنِع من الحبالِ القوية والشوك ، بينما الكونت يطلبُ بِجبنٍ منهُ السماح والرحمة.
أنت تقرأ
أفكارُ أمنية اليأس
Ficção Históricaبعدَ مرورِ ثلاثٍ وسبعين عامًا من عمرها تتدركُ "روبي" فجأةً وهيَ على شفيرِ الموت أنها لم تفهم معنى السعادة طوال حياتها، فكيفَ للإنسان أن يعيش جسدًا بلا روح سنواتٍ عديدةٍ، ليدركَ مُتأخرًا بعد فواتِ الأوان أنه لم يحقق أي أُمنيةٍ من أمنياته، ليعود مجددً...