استحداث : الفصل الثاني (أمير، ويكوفير)

46 1 0
                                    

"صعب.. صحيح؟"، فـ قال الآخر ضاحكا : "إنه صعب، لا تنكر الامر، جربت ان ابقى في المنزل لوحدي لساعتين فقط عندما كنت صغيرا وكانت اصعب ساعتين في حياتي!"

نعم، حسنا .. هذا ما أردت ان اجيبهم به، لكن علي المحافظة على طباع ودودة. انا لا أدري حقا. تسمية من يرعاني بـ "المريض" عادلة، ولعلّي عُديت بمرضه وعدم تأكده من أي شيء.
على أي حال، قلت لهم : "لا بأس وأنا معتاد على هذا" ثم ودعتهم وقلت بأني ذاهب للصف "علي ان أرحل الان، احتاج ان أدرس المادة جيدًا" وذهبت.
زملاء المدرسة مزعجون حقا، احيانا اشعر انهم نتيجة دلال، اظن...

منذ أن ولدت، في عام 1998، لا اتذكر الكثير عن أهلي سوى لمحات عن أخي مالك وذلك غالبا لأنه كان يقضي كل وقته معي، ولا أملك أي تواصلًا مع أحد من أهلي سوى أختي التي أكلمها عبر الهاتف كثيرًا، هي أكبر مني بثلاثة عشر عامًا.. لا أعرف أين هي أو كيف تعيش، كل ما أعرفه أنها اختي.
ثم كما قال لي المربي، ذهب مالك ووالداي وتركاني ليسافروا سفرة عمل حين كان عمري عامين فقط، أي في 2000. كان عمر مالك آنذاك سبعة عشر عاما.
أي عشت خمسة عشر عاما من حياتي مع المربي وسنتين مع أهلي. المربي شخص غريب، إسمه غوشين، لا اكرهه بل العكس، لكنه يبدو كئيبا او جادا اغلب الوقت، دائما ما يقول كلاما غريبا فأعتبره يهذي فحسب احتراما لسنّه،عمره 85 عاما! أو... اعتقد.. لست متأكدا بعد..
ربما لدي مشكلة، وعوضًا عن إلقاء اللوم على نفسي، أقوم بإلقاءه على الشخص الذي قضى خمسة عشر عاما يربي شخصا مثلي. أحيانا يسئلني عن ما اذا امتلكت قدرة خارقة او ما شابه، ماذا اريدها ان تكون؟ ودائما ما اجيبه : "تكوين الاسلحة"، أحببت الاسلحة كالرماح والسيوف منذ صغري.

على أي حال، لماذا افكر في هذا الان؟ احتاج حقا ان ادرس المادة..
فبدأت بمراجعة مادة الفيزياء.

احب الادب اللغوي بشدة، وحين يكون النثر ممتازا افضّله على الشعر.
أوه... هأنذا اضيع وقتي مجددا بهذه الافكار، سأكمل المراجعة..

مضت اربع دقائق حتى انتهت الفرصة وتجمّع الطلاب في الصف واتى المدرّس ليوزع اوراق الإمتحان.

كانت مدة الإمتحان ساعة كاملة، لكن استطعت ان انهي الامر بنصف ساعة، وكنت اول من يخرج..
لا أرى سببًا يدفعني لأرهق عقلي في أمر واضح.

فور خروجي ورؤيتي للسماء الضبابية في ساحة المدرسة، قلت في نفسي : "جو الشتاء الصباحي الجميل".
حان وقت العودة للمنزل على أي حال.

وصلت للمنزل مسرعًا في تبديل ملابسي وتركّني. اتى غوشين الذي كان خارج المنزل، لا ادري لماذا، دائما يحدث هذا في الصباح.. "هل هو متزوج ويذهب لبيته في الصباح؟" غالبا ما افكر بهذا وهو مضحك قليلا.

وبدأ المنهج الذي تسير عليه أيامي، أجلس في غرفتي معظم الوقت، أكلم وهج، أتفقد غوشين، أنام، لأصحو فـ يتكرر الأمر.
كان غوشين أكثر كلاما في السابق، مع مرور الوقت أدركُ كم أنني اشكّل عبئا على ظهر العجوز المتعب، فـ لم يعد يتكلم كثيرا، لم يعد يمزح حين أكلمه، لم يعد يخرج من المنزل كثيرا سوى في الصباح، لم يعد يسألني عن ""وهج"".





كان غوشين من المؤسسين لإحدى الاحزاب التي تشكلت بالحرب "الفرازية"، تلك الحرب التي استمرت عشرات السنين.
الاحزاب هنا .. ليست كثيرة بل .. غريبة. الدولة أعمّم غريبة، فـ يوجد أشخاص يلقّبون بـ"مُلّاك الدماء"، فـ يمتلكون مؤسسات كاملة في الدولة المجاورة "مملكة فرازهس" كما يمتلكون حزبا خاصا. تذكرت ان غوشين كان يقرأ كتابا يُدعى "البلورات - مُلّاك الدماء"، لطالما خِلت انها رواية..
فاتجهت مباشرة نحو رفوف الكتب في غرفة المعيشة، مددت يدي لأخذ الكتاب، وقبل ان التقطه سمعت صوت فتح الباب حين دخل غوشين إلى المنزل بابتسامة، كان يصعب علي تفسير ملامحه، يبدو مبتسما لكن عيونه تبدو نادمة لسبب ما. اكمل طريقه نحو الأريكة وجلس بينما التقطت الكتاب واتجهت نحو الكرسي المقابل للمدفئة، وقبل أن أصِل، قال لي : "أمير.. سأخبرك بسر لطالما أخفيته عنك.."، أصابني فضول شديد، فأعدت الكتاب للرف قائلا له : "نعم؟ مالامر؟" متحمسا،
فقال لي بنبرة باردة : "أنت.. أنت مالك دماء"...

" .... "
 ذُهلت حينها، لكون هذه الفكرة هي آخر ما قد افكر به، كيف اكون مالك دماء

فأكمل الكلام وقال : "اصرّ اخاك مالك على أن لا اقول لك هذا الامر لكي يخبرك هو بنفسه، لكنه تأخر، لقد تأخر صحيح؟"

"نعم".



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
بلورات الدماء | Crystals of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن