أعدت الدفتر إلى الحقيبة وبدأت بالتحضير للخروج من الفندق. أعطاني غوشين ورقة بها أسماء ومواقع الأماكن التي يتوجب علي الذهاب إليها في العاصمة، وأول وجهة لي كانت المدرسة كي أسجل بها. كانت المدرسة تبعد عن الفندق مسافة عشرة أميال، وكانت في جنوب مركز المدينة. وصلت و جرى كل شيء بسلاسة بسبب كلام غوشين المسبق مع الإدارة.
خرجت من المدرسة ماشيًا على الرصيف، ثم وقفت لأقرأ الورقة، كانت الوجهة التالية هي "وزارة البلّور"، ما أثارت إهتمامي، كان قد كتب بجانب إسم وموقع الوجهة أنها ليست بمثل ضرورة بقية الوجهات، بالتالي سأتجه إلى الوجهات الأخرى أولًا. وكان ينطبق على الوجهة الثالثة "جامعة البلّور" الأمر ذاته.
أما الوجهة الرابعة والأخيرة فـ كانت "السوق المركزي الـ فوهامي" وكان يقع في جنوب غرب العاصمة خارج مركز المدينة، قرب الحدود (غير المرئية) لمدينة تودانديه.. كنت اتسائل، لماذا قد يرغب غوشين أن أذهب إلى هذا السوق المركزي البعيد ذو الإسم الغريب ؟ لابد من تواجد شيء في هذا السوق، وضعت الورقة في الجيب الداخلي للمعطف ومشيت.
بقيت اتأمل ماشيًا جمال الأحجار التي استُعملت لصنع الشوارع والأرصفة ، كل الشوارع والأرصفة التي رأيتها في بلَير كانت قد تحمل نفس المواصفات ، نفس التصميم الهندسي التكراري الجميل ، وفي مرات اخرى ، تصميم هندسي آخر .. جميلة هي أقل ما يمكن قوله.
مشيت لعشرة دقائق ، حتى رأيت جسرا يقف عليه الكثير من الناس ، كان الجسر يقع فوق نهر معروف في شبه الجزيرة ، فكان النهر أول مكان عاش على ضفافه البشر في شبه الجزيرة ، وكان كبيرا وواسعا ، ويصب في الجزء الشرقي من المحيط الفرازي الواقع في شرق المملكة. ويمتد من شرق المملكة إلى باقي المدن وصولا إلى "أبلاث-فراز" ثم جنوبًا نحو "ليد-فراز" وينتهي هناك. كان اسمه .. "فانيمر" ..."جميل" قلت في نفسي حين رأيت غروب الشمس من بعيد، مع انعكاسات الماء البرتقالية بسبب الشمس، وكأن الشمس تنزل الى ماء النهر. مشيت حتى وصلت الى الجسر.
"فطائر! بأربعة أجرام فقط!" صاح البائع في الكشك على جانب الجسر - أي على يساري - ، فوق الكشك مكتوب إسم الشركة المالكة ، "فرايل" ، وهي شركة أطعمة وأغذية معلبة ووجبات سريعة ، إنها أضخم وأقوى شركة أطعمة في المملكة ، كانت كالملاذ في الأطعمة لأهل المملكة في فترة الحرب ، أنشأها ثري من اثرياء الدولة يدعى "أديبيت"، وتقوم هذه الشركة بوضع علامتها التجارية على كل منتوجاتها.
حينها تذكرت أنني لم اكل شيئا منذ ساعات طويلة، جذبني سعر الفطائر الرخيص جدا، لذلك لم أهتم إذا كانوا يطهون بشكل جيد أم لا، أردت ان أكل فطيرتي المفضلة فقط.. "سمورميس".
وهي فطيرة شعبية في شبه الجزيرة، خطوات تحضيرها هي حين يسلقون لحم البقر او الخروف مع عظامه جيدا، ثم يزيلون العظام من اللحم فيضعون اللحم في طبق، فيضعون الملح، ثم الفلفل، ثم الفلفل الأحمر، ثم يضعون القليل من الينسون، وبهذا يكون اللحم جاهزا، فيحضرون عجينة دائرية سميكة نسبيا ويضعون عليها القليل من اللحم، ثم يضعون عجينة مماثلة للتي قبلها فوق اللحمة، ويغلقون العجينتين جيدا، ثم يضعون القليل من الزبدة الذائبة على سطح العجينة، ثم يرشون السمسم وحبة البركة على العجين، ثم يضعون العجين في الفرن، فور خروجها من الفرن تصبح الـ"سمورميس" جاهزة للأكل.
أنت تقرأ
بلورات الدماء | Crystals of Blood
Mystery / Thrillerمملكة وجمهوريتان. "ماهي إلا تقاسيم حدودية لأرض كانت موحدة يعيش عليها الشعب." - أمير ويكوفير. فأدرك "أمير" أنه مقحم في قضية "بِلّورات الدماء"، فـ يسافر دون علم كافٍ للماضي، وبجهل تام للمستقبل.