كان ذلك في الماضي ، قبل خمسة و عشرون سنة .
أما الآن ، فتغيرت "داسين" جذريًا بعد أن أصبحت مملوءة بالأرواح الشريرة، لم يعد نسيمها منعشًا بل أصبحت مكانًا خاليًا من حياة.
سبب هذا التحول كان ماسينسا -الطبيب الروحي- ، الذي قام بالتلاعب في "أرثيوس". نواياه كانت تحقيق القوة من خلال استخدام قوى الحجر لإشباع روحه، إلا أن الحجر جُذب نحو الأرض مما أدى إلى إنكساره إلى حجرين: حجر الأرض وحجر السماء.
هذا التقسيم أحدث تغييرات جذرية في المناخ، حيث جفت الأراضي وفاضت الوديان في رمشة عين ، واندلعت الفوضى ببرق يصل إلى القصر حمل معه الحجرين لينهي معه الفوضى العارمة .خرج ماسينسا مسرعا من قاعة الآثار و الخوف يسيطر على ملامح وجهه ، متجها إلى الملكة .
_سيدتي... لقد إختفى الحجر
وقفت بدهشة و صرخت في وجهه :
_أيها الأبله! أخبرتك أن تكون حذرا .
_لقد حاولت لكنه كان عنيدا هذه المرة !
_يا لها من مصيبة..إن لم نجده فسنفقد السيطرة على...
_على ماذا ؟ الظِلال الملعونة؟ هذا ما أريده أساسا ، في كل مرة يتغدى أحد من أتباعي على روح ما ، تنقص قوة الحجر ، عندها سيصبح حجرا عاديا كباقي الأحجار .
_ هذا الحجر ينتمي إلى داسين ، إنه أكبر مما تظن .
_أعلم ذلك قبلك يا سيدتي
_ إذا ؟
_سأخد دوره ريتما تجدونه !
_ أنت تثير أعصابي يا ماسينسا ، تصرف في أقرب وقت و لا تدع أحدا يعلم بهذا .
_حسنا جلالتك
عندها فُتح باب الجناح بقوة و دخل ولي الأمير دالان و هو ينهج أنفاسه بسرعة بسبب الخوف :
_أمي... كنت في ساحة القصر و رأيت البرق يضرب ، أنتم بخير ؟؟
_ نعم لا تقلق نحن بخير
في حين علّق ماسينسا قائلا و هو ينحني ليظهر احترامه لهم :
_سأذهب لأتحقق ما إن كان جميع أهل القصر بخير .
أما عن دالان بقي مع والدته يتفقدها ثم غادر ، فقد حمل سيفة و إمتطى حصانه و ذهب ليطمئن على أهل المملكة .كان متسلقا على ظهر حصانه ، يركض بين أزقة أحياء المملكة ، بينما تعكس عيناه الشفقة والحزن عند رؤية الحالة و بكاء أهلها ، فهو يشعر بالاضطراب والتأثر تجاه الواقع الصعب الذي واجهوه .
كانوا جميعا في حالة هلع ، حالة يرتى لها . وقف بعيدا فوق ثلة يحدق مستغربا مما حصل قبل دقائق ، خاصة أنا أغلب الخراب حدث فقط على البساتين و الأنهار و الأشجار و لم يقرب المنازل قط.
لم يكن ذلك يشغل باله بمقدار إنشغاله بما إسترق السمع سابقا عن الحجر.
بعد ذلك نادى بصوت عال مخاطبا الناس :
_ يا أهل "داسين" كفو عن البكاء و الحسرة على أراضيكم و بساتينكم ، عدوا إلى بيوتكم و اجمعوا عائلاتكم و ناموا بسلام ، سأحرص على سلامتكم الليلة .في اليوم آلتالي ، عاد دالان إلى القصر ، يظهر على وجهه علامات التعب ، وعينيه تكاد تنغلق من الإرهاق، يتوق إلى السرير ليجد لحظات هدوء وراحة . لكنه سرعان ما تذكر أمر الحجر و ذهب إلى الملكة للحصول على تفسير.
كانت جالسة في حديقة القصر تطعم طيورها المسجونة . لم يضع مقدمة لكلامه دخل في صلب الموضوع مباشرة دون إستئذان :
_هل سيستغرق إسترجاعه وقتاً طويلا ؟
_ماذا تقصد ؟
_الميراث !
تجاهلت صوفينيا كلامه و إستمرت بمداعبة عصافيرها و التحدث معهم .
_أنتٍ تعرفين ما أقصد ..جلالتك ، الحجر مفقود أليس كذلك ؟
_لست مستعدة لخوض نقاش ، رأسي يؤلمني ... عيناك منتفختان من شدة التعب ، إذهب و خد قسطا من الراحة ، و لا تتذخل في شؤون الكبار .
_الكبار ؟ سأذهب لزيارة خالي ، المكان هناك أريَح .
لم تجبه و واصلت ما كانت تفعله بهدوء و كأن كل شيء على ما يرام .***
مع مرور الشهور، استمر غموض الحجرين المفقودين، وتفاقم تدهور "داسين" و"داسينيا". أصبحت البلدتين خاليتين من الحياة، حيث غابت الروح واندثرت الحياة منهما ، مما زاد من الجو الكئيب والمتوتر الذي يلف الشعب .
أنت تقرأ
مملـكة داسـين : حكمة أرثـيوس
Fantasyفي عالم فوق الطبيعة الذي يعج بقوى الخير والشر ،يتداخل فيه الواقع بأبعاد لا تنتهي، تنطلق القصة في رحلة فريدة من نوعها. يمتزج الخيال بالقوة ليخلقوا أحداثا مثيرة. يعتبر أرثيوس حجرا كريما يحمى 'داسين' . بل يعد درعًا يخفيه الرمل الناعم، حيث يشكل حماية ضد...