البارت الرابع عشر

21 1 1
                                    

نفض يدها بقوة فأرتدت للوراء علي أثرها وقال بغضب جامح:انتي
تسكتي خالص ..هو أنتي مفكرة أني بحبك وال ايه..لا يا حلوة تبقي هبلة
..أنا متجوزك وجايبك هنا علشان أنتقم منك ..انتي بالنسبالي مجرد
أداه..جماد..نكررررة..وهرميكي بعد كدا فاكرة لما قلتلك إني بحبك ومش
عايز غيرك..كنت بثبتك..وانتي صدقتي زي المتخلفة ..كلكوا
متخلفين...كلكووووا
قال الاخيرة بغضب أكبر..كانت ليل تقف وتنظر له وفمها يكاد يقبل
الارض من الصدمة..تكلمت أخيرا بصعوبة وصوت خافت مختنق:أنت
بتقول ايه..هو ده وقت هزار
حسام بقسوة :أنا مش بهزر.. انتي هتترمي هنا..لوحدك..علشان مش عايز أشوف
الخلقة دي..ولو حد كلمك هتردي عادي..ولو سألوكي عليا قوليلهم أي
حاجة..في الحمام..في الشارع..نايم...في داهيييية..ولو عايزة وشك
الجميل ده يتشوه ابقي فكري بس إنك تكلميني أو تخرجي من البيت
صرخ فيها :انتي فاهمة ولا لا
أغمضت عينيها بألم وكأنها تغلقها علي أشواك حتي تمنع الدموع من
الهطول..ولكن دموعها أبت ذلك فهطلت تباعا
حسام بسخرية واشمئزاز:أنا همشي....مش عايز أشوفك..عارفة ليه
اقترب منها وهمس في أذنها:علشان بكرهك
خرج وكادت روحها أن تخرج معه..نظرت إلي المكان الذي كان يملؤه
جسده منذ قليل وجدته فارغا ...
تلفتت حولها علها تجده ولكنه لم يكن موجود..نعم..رحل ..رحل
وتركها..تركها وحيدة مجددا ..جلست علي الارض وهي تنظر لفراغه
وتبكي كأنها تعاتب فراغه بدموعها ألنه سمح له أن يذهب..لا تصدق ما
يحدث...هل هي في حلم ..لا.. إنه كابوس وسوف تستيقظ منه الان ..نعم
فاليوم هو عرسها ..ولكنها ترتدي الفستان ..أي أنه ليس كابوس ..إنه
حقيقة
قامت من مكانها وفتحت باب الشاليه وخرجت لتبحث عنه..وقفت في
الحديقة الخاصة بالشاليه وظلت تدور حول نفسها كثيرا ثم صرخت
بصوت إهتزت له الصخور.. وإرتفعت له أمواج البحر .. وإنخلعت له
قلوب الازهار..صوت قوي ..ضعيف ..مؤلم ..موجع...خرج من قلبها قبل
لسانها ..قلبها الموجوع
ليل بصراخ :حساااااااااااااام
وبعدها سقطت مغشيا عليها..سقطت بين الازهار..ولكنها سقطت زهرة سوداء مقطوعة الأوراق
***************************************************************
ركب حسام سيارته وانطلق بها إلي شقته التي تبعد نسبيا عن الشاليه
صعد إلي الشقة ودخل ..جلس علي الاريكة ووضع رأسه بين كفيه
وبكي..بكي ما فعله بها..لماذا قال لها هذا الكلام ..لماذا ألمها ..كم تألم
لدموعها ..أقنع نفسه أنه فعل هذا حتي تكرهه ولا تتألم عندما يتركها
ورحل حتي لا تراه فتتألم وتثور
***************************************************************
في الصباح استيقظ حسام وارتدي مالبسه ونزل يمارس رياضة الجري
وبعد حوالي ساعة صعد مرة أخري ارتدي مالبسه وذهب إليها..اراد أن
يراها..اشتاق لها..لن يدخل لها..سيحاول أن يراها من بعيد..وإن لم يراها
سوف يدخل ويقول لها أنه جاء ليأخذ أي شئ..ركب سيارته وانطلق بها
وعندما وصل أمام الشاليه ودخل من البوابة الخارجية وخطي بضع
خطوات بطيئة أوقفه ذهوله..فقد رأي باب الشاليه مفتوح ..يبدو أنها
رحلت..ولكن البوابة الخارجية كانت مقفلة كما تركها بالأمس ..اقترب
من الباب فلمحها..كانت ساقطة علي الارض غائبة عن الواقع اقترب
منها وهو مندهش وجلس بجانبها علي ركبتيه ..كانت مازالت علي هيئة
أمس بفستان الزفاف..والكحل الذي لون وجنتيها باللون األسود من أثر
البكاء..كان يبدو علي مالمحها التعب واإلرهاق..وقف حسام ووضع يد
أسفل رأسها والاخري عند ركبتيها وحملها ..دخل بها إلي الشاليه
ووضعها علي الاريكة في الصالة ووقف يتأمل مالمحها الجميلة ثم رحل
سريعا قبل أن تستيقظ وتراه
***************************************************************
استيقظت ليل من نومها ولكن قلبها مازال في غفوته , وجدت نفسها
علي الاريكة بفستانها
ليل بفزع:اييه دا؟!...حسام..حسااام..هو راح فين ؟
دخلت الغرفة فلم تجده..خرجت مرة أخري إلي الصالة فوجدت شنطة
ملابسها بجانب الباب فتذكرت ما حدث بالأمس..فبكت....بكت وصرخت
وهي تجلس علي الارض علي ركبتيها ..صرخت بقلبها ولسانها وكل
جوارحها
ظلت تبكي كثيرا وتنتحب
ليل بصراخ وبكاء:ليه..؟؟ليه عمل فيا كدا..كل ده علشان زعقتله ليه يارب حياتي كلها كدا..ليه أهلي يموتوا وأتيتم بدري ..ليه
الوحيد اللي حبيته يعمل فيا كدا...يطلع مبيحبنيش ويتجوزني علشان
ينتقم مني..ليه أنا !!!...ليه كنت لوحدي ودلوقتي برضو بقيت
لوحدي..كفاية بقي...كفاااااية يارب ....ييييااارب
ظلت تبكي كثيرا ثم قامت من مكانها وظلت تستغفر ربها كثيرا ...دخلت
أخذت حماما وتوضأت ووقفت بين يدي خالقها..وبكت مرة أخري
وانتحبت كثيرا ..كانت تناجيه وتسأله أن يرح لها بالها ويخفف عن قلبها
الالام..انهت صالتها وجلست تقرأ في المصحف وتبكي..وكلما جاءت أيه
تتحدث عن عذاب يوم القيامة يزداد بكاؤها ...وعندما تأتي أيه تتحدث
عن نعيم الجنة تسأله أن تكون من أهلها ..وتقرأ أيه عن رحمة الله فتبكي
أمال في نيل تلك الرحمة ...ظلت تقرأ حتي نامت مكانها من البكاء والتعب
استيقظت في اليوم التالي عند شروق الشمس فقامت من مكانها وهي
تدلك رقبتها فقد ألمتها من أثر النومة..صلت الصبح والضحي وجلست
في الشرفة تنظر للشمس التي تولد للتو ..كانت تفكر في حبيبها الراحل
..القاسي..سمعت صوته في أذنها :بكرهك...هتفضلي لوحدك...هتترمي
هنا..لوحدك..متجوزك علشان أنتقم منك...انتي أداة...نكرة...
وضعت يدها علي أذنها وظلت تحرك رأسها يمينا ويسارا حتي تنفض
منه تلك الكلمات الالزعة ولكن هذة الكلمات لم تهدأ ابدا :مش عايز
أشوفك ...بكرهك ..هبلة..بكرهك...بنتقم منك...بكرهك...بكر..
صرخت بهستيريا:كفااية بقي ..كفاية...ياااااارب ...يارب
رن هاتفها فإنتبهت له فقامت من مكانها وجدته أدم , كفكفت دموعها
وردت محاولة أن يبدو صوتها طبيعيا
ليل :السلام عليكم
ادم :وعليكم السالم...عاملة ايه يا عروسة؟!
ليل :الحمد لله  يا حبيبي ..أخبارك ايه؟!
ادم بشك :مال صوتك يا ليل
ليل بتوتر :مفيش..علشان لسة صاحية بس
ادم :اااه..أمال فين حسام واحشني و الله 
هل تخبره..هل تخبره أنه تركها ورحل ..هل تخبره بقلبها الذي يعتصر
ألما ..تذكرت كلمات حسام التي لم تنساها قط
ليل بكذب  :في الحمام
ادم :سلميلي عليه كتير
ليل بصوت مختنق : الله يسلمك
ادم بشك :ليل انتي بتعيطي
ليل ببكاء : وحشتني اوي يا ادم 
ادم :يا حبيبتي..أنتي كمان وحشتيني
كفكفت دموعها وقالت بصوت يبدو عليه المرح :هروح بقي ...أحسن
جوزي حبيبي بيندهلي
أدم بمرح:روحيله ياختي تالقيه اتزحلق في الحمام ولا حاجة
ليل :باي يا أدم
ادم :خدي بالك من نفسك
ليل :حاضر
أغلقت الخط وبدأت في البكاء مرة أخري
***************************************************************
جلست تقرأ روايتها المفضلة "أحببتها في أنتقامي" حدثت نفسها :كم
تشبه ليل يارا, ويارا ليل , تركها ورحل ..تركها وحدها كما فعل معها
حسام ..تزوجها لانتقامه منها كما فعل معها حبيبها ..ولكن يارا وأدم
أكملوا حياتهم بحب ..هل سوف يحدث معها هذا..لا لن يحدث فكبريائها
يمنعها من فعل ذلك
خرجت من الشاليه ووقفت أمام صديقها ..كم أشتاقت له..كانت تخبره بما
حدث لها , وهنا بدأ قلبها وعقلها اللذان كانوا يتابعان حديثهم في
مشاركتهم
قلبها:أنا أحبه بشدة
عقلها:أيها الاحمق لقد تركك بعنف وقسوة كيف مازلت تحبه
البحر: يجب أن تتخلي عنه كما تخلي عنك
قلبها:لا أستطيع
عقلها:لانك أحمق وتدق لمن يعذك
قلبها:لم أحب أحد مثلما أحببته
عقلها:غبي
البحر:أحمق متسرع
***************************************************************
علي الهاتف
امل :صباح الفل يا حبيبي
حسام : صباح النور يا ماما
امل :أخبارك ايه  واخبار العروسة
حسام :كويسين الحمد الله
  امل :أمال هي فين ...عايزة أكلمها والبنات عايزين يكلموها
حسام ببرود :كلميها علي تليفونها أصل أنا بشتري شوية حاجات
امل بعتاب :في حد ينزل ويسيب عروسته كدا برضو
حسام بتوتر :هي مرضيتش
امل : طيب هكلمها انا بقي 
حسام :ماشي يا ماما..سالم
هاتفت "أمل"ليل
ليل :السلام عليكم
امل:وعليكم السلام يا عرووسة..عاملة ايه؟!
ليل:الحمد لله يا طنط بخير
امل :الحمد الله يا حبيبتي ...متقوليليش يا طنط دي تاني اسمي ماما
ليل :-ماشي
امل :خدي كلمي البنات
ليل :ااه طبعا
كلمت ليل أخوات حسام واطمأنوا علي حالها وبالتأكيد لم يخلو الاتصال
من سؤالها عن صوتها الذي تغير وكانت تخبرهم أنه الارهاق لا غير
***************************************************************
بعد مرور أسبوعين كانت ليل تجلس في الحديقة وفجأة انتفضت من
الفزع من صوت وقع قريب منها كان الوقت متأخر فظنت أنه حرامي أو
أحد يريد أختطافها قامت من مكانها ببطئ وكانت في طريقها إلي الداخل
فلمحت عصفورة ذات ألوان مبهجة ساقطة علي الارض وبجانبها جزع
شجرة يبدو أنها تتألم ..حملتها بين يدها ووضعتها في قفص كان في
الحديقة وجاءت لها بماء وطعام ..وبعد أن أكلت فتحت لها القفص لكنها
لم تطير..كانت تحاول ولكنها لم تستطع فعرفت أن جناحها مكسور
وأغلقت باب القفص مرة أخري وأخذتها إلي الداخل وأهتمت بها وجلست
تتحدث معها
ليل بحزن :يا تري أنتي كمان حبيبك سابك..واضح كدا من الكسرة
اللي في عنيكي..عارفة أنا كمان حبيبي سابني ومشي ..واضح إن كلهم
كدا..بس انتي بقي حبيب سابك ليه..علشان ينتقم منك برضو..هو مفيش
حد بيغلط غير الستات ولا ايه...بس أقولك كويس إن القدر رماكي
هنا..أهو نسلي بعض...يلا تصبحي علي خير
بعد مرور شهر ونصف ..كانت ليل قد فقدت الحياة..كانت تأكل فقط بضع
لقيمات تساعدها علي العيش ..ولا تفعل شئ في يومها سوي أنها تصلي
الفروض والسنن والقيام وتقرأ القرأن وتفكر به...تفكر لماذا
تركها؟؟..لماذا تزوجها..؟..لماذا لم تخبر أحد..؟!وبالطبع كانت تقضي
بعض الوقت مع صديقها العزيز ..والعصفورة التي تركها حبيبها أيضا
جلست تكتب بعد أن أنهت صالتها ..فهي تخرج همها في الكتابة
..أمسكت قلمها وخطت بعض الكلمات وبالتأكيد لم تكن تذكر سوي حسام
"عزيزي الساكن في قلبي
اشتقت لك..لكلماتك..ضحكتك..عيناك الذي يزيد بريقهما في ضوء
الشمس كأنها تبتسم لك وحدك لتبين جمالك..اشتقت
لهمساتك..لقسوتك..لضحكك علي مزاحي الذي لا يلقي الاعجاب سوي
منك
أين أنت الآن..؟! ..بحثت عنك في رواياتي ولم أجدك ..في صوري...بين
وجوه المارة ولم أجدك..لم تعد ذلك الحبيب الذي عرفته..لقد تغيرت ..ولم
أعد أنا كذلك ...أصبحت قاسية..حزينة..شاحبة...لقد كنت "كوني" والآن 
لم تعد شئ في هذا الكون ..لم تعد نجما في سمائي ..ولا جنة في
أرضي..لم يعد يفرق قربك من بعدك..لم أعد أنتظر وقت مكالمتك التي
تجعلني أتوتر من شدة أشتياقي لك ..لم أعد أفكر بك ..لقد أصبحت بلا
مشاعر..بلا قلب..وبلا حياة.....أصبحت...أكرهك"

تذكرت بيت شعر للشاعرة )أميرة البيلي(
أنا قلبي أصبح مر من سكرك ياللي
قلت بهدوء يا حلوة إتجلي
إتجلت الحلوة ويارتها ما إتجلت
حطيتلي سمك في العسل ثــــم
روحك سابتني بسمي واتخلت
ملعون أبوه الحب لو فينا
روح سابت التاني عشان خالص ملت

قررت أنها لن تفكر فيه بعد الان وسوف تعيش حياتها ولن تبالي
له..توضأت ووقفت تصلي قيام الليل ..ظلت تصلي وتبكي كثيرا وقد
أنهكت من الوقوف ولكنها تذكرت أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان
َم يقوم الليل حتي تتفطر قدماه فتقول له عائشة :لم تَصنع هذا يا رسول الله
وقد غير الله لك ما تقدم وما تأخر من ذنبك فرد رسول الله: افلا  اكون عبدا مشكورا 

فتبكي أكثر وتنتحب وتكمل صالتها وهي ال تبالي لتعب قدميها..فرسولها
الكريم..أشرف خلق الله..كان يقوم الليل برغم أنه الرسول وأنه مغفور له
كل ذنوبه..إذن من هي لتبالي لتعبها وهي مليئة بالذنوب والخطايا والنعم
التي تريد شكر الله عليها

ويتبع
نلقاكم في البارت الخامس عشر
غرور عاشق وكبرياء متيمة 💗💗💗💖💖
بقلم شهد النجار 😘😘
بأي 😘
.

غرور عاشق وكبرياء متيمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن