ظهيرة اليوم التالي~
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على رأسَيْ كعبَيْها القصيرَيْن توقفت كدميةٍ مثبّتةٍ فوق صندوق موسيقا منسيّ؛ أمام بوابة عظيمةٍ بدت وكأنها تحتضن الدنيا بمصرعيها؛ فأخذت تتفقّد ورقتها التي حوت العنوان في ارتباك شديد
*صاحب مسرحٍ جوّالٍ بسيطٍ للأطفال، يعيش في قصر هائل كهذا؟*مرت عشرون دقيقة بكل ثوانيها ولم تتقدم الأرملة خطوة أو تتراجع خطوة، كل ما تحرك منها هو بصرها، فيترامى بين القصر المهيب مرة و المكتوب في الورقة مرة أخرى.
وفيما هي تراجع نفسها و تضبط أنفاسها، ما إن رفعت طرفها عن الورقة هذه المرة حتى قابلها وجهه مائع المعنى، فقيد اللون تعلوه مظلته السوداء.
تعقدت حبالها الصوتية باحثة عن أعلى صرخة يمكنها الصعود عبر حنجرتها، لكنه سرعان ما حبس شهقتها بنبره المخمليّ الرخيم، فهمهم بتؤدة
"أجل، أنتِ في المكان الصحيح.. هل قراءة العنوان صعبة؟"
لولا أنه سألها برتابة طفل تعلم الكلام المهذب من كتب الكبار، لما استمرت في الاستماع إليه لحظة أخرى.أضاف ويمناه ببطء تهيمن على ورقتها
" لكنني كتبته بخط واضح، و حاولت جعل الأحرف أكبر مما أُفضّلها أن تكون"ابتعدت وورقتَها خطوتين في حركة بدت تلقائية، فتراجع الكونت خطوتين هو أيضاً، ظنًّا منه أن ذلك سيجعله مألوف التصرفات للبشرية البالغة أمامه، مع ذلك كان فضوله يساوي طوله المديد، إذ سألها بلا تردد:
"هل آفة الخيال هي ما تحجمكِ عن طرق البوابة حتى اللحظة، أيتها السيدة الغالية ؟ أئنكِ تتخيلين أموراً تخيفك، فلا تستطيعين التفكير في طرق البوابة؟""مــاذا؟"
همست السيدة تكاد تجزم بأن أذنيها خانتاها، فالسيد المحترم أمامها يتكلم برزانة لا تشوبها شائبة، و في ذات اللآن، تتلفظ شفتاه بطلاسم لا عهد لها بها.ضبطت قبعتها القوطية في ارتباك و أخذت تتلمس حقيبتها الصغيرة التي لن تضرها أو تنفع؛ فنال الكونت لونٌ من التساؤل عن خطبها حين سمع رتماً سريعاً لضخات الدم في أوردتها، لذا قرر أن يكون أقل حماسة مما هو عليه الان، وهو يضيف في ركود لا يختلف عن ركوده منذ البداية
"سيدتي الغالية؛ كنتِ صادقة معي، لذا أنا صادق معك.. لن أستخدم الذهان لأجبركِ على الدخول"و لسبب لم يكن الكونت ليفهمه.. أعجزها حديثه عن الرمش لثوان أربع عدّدها في استغراب لم يكن ليظهر على وجهه المعتدل.
بدأت خطواتها تتجه الى الوراء أكثر بعد، ليتراجع هو أيضاً لعلها تستعيد الأمان، مصغياً لجنون رئتيها بصمت.
"الذهان؟! مبهم كلامك، إنني لا أفهم خردلة مما تقول!"
كانت السيدة الأرملة شجاعة بما يكفي لتنظر في وجهه زاعقة هكذا.
أنت تقرأ
مسرح أوزوالد
Horror'أوزوالد' مصاص دماء حالم، يصبو لأن تنال مسرحياته الجوالة إعجاب البشر يوماً ما.