بعد انتهاء يوم دراسي مرهق خرج الطلاب من بوابة المدرسة الضخمة يذهب كلّ منهم في طريقه ، ظهر من بينهم سمير الذي كان يضحك برفقة أصدقائه وهو يمازح احدهم بالأيدي ، وعلي جانب منهم خرجت غزوة برفقة صديقتها تمسك كل منهن أوراق امتحان الشهر
تراجع أجاباتها بتذمر وهي علي وشك البكاء حين أدركت أنها سوف تنقص درجة
ونصف فقط وقد ألقت نظرة علي أخيها بسخط تتعجب من عدم مبالاته بامتحانه الذي خاضه اليوم ايضاً .زفرت بحنق تلاشي في لحظة حين رأت عينيها عمها دامر يقف بجانب سيارته السوداء بملابسه الأنيقة كعادته دائماً وقد زادت نظارته الشمسية من جاذبيته التي خطفت انظار بعض الفتيات حولها وهن يتغزلون به همساً وأخريات يمازحنها بضحك علي حظها الذي رزقها بهذا العم الوسيم ، دفعتهن غزوة وهي تبتسم بغيظ ثم ركضت نحوه ، ابتسم ما أن رأها مقبلة عليه حتي وقفت أمامه هاتفة بابتسامة واسعة :
_ حبيبي ، جيت عشان توصلنا صح !ربت علي رأسها بلطف يحدثها بنبرة هادئة :
_ لقيت مفيش شغل كتير في الشركة فقولت اجي اخدكم نتغدي برا
ونقضي اليوم سوا ، ايه اللي في ايدك ده ؟ذمت شفتيها بحنق حين تذكرت وأجابته أثناء رفعها للورقة :
_ امتحان دراسات بتاع الشهر ده ، كان حلو بس وقعت في نقطتين اختياري..جاءت أصالة وهي تقفز يميناً ويساراً وتدندن كعادتها وما أن وقفت أمامه أطلقت صفيراً تبدي إعجابها بوسامته الشديدة اليوم ، حسناً في الواقع هو وسيم كل يوم وليس اليوم فقط ،استندت بكتفها علي حافة السيارة تغازله قائلة :
_ هو الحلو منين !
نقر بإصبعه علي جبينها فتأوهت بتذمر وهي تعود خطوة للخلف
أثر نقرته يجييها ساخراً :
_ من عيلتك يا ظريفة ، اخوكي النحنوح فين ؟
أجابته بتهكم وهي تهندم جديلتها القصيرة وتشير برأسها حيث يقف زيد برفقة فتاة يلهو معها لعبة بالأيدي شهيرة وهما يتضاحكان :
_ اهو بيلعب هناك مع احدهن.
نظر حيث أشارت فتنهد بيأس وأخبرها بغيظ مشيراً نحوه :
_ روحي هاتيه من قفاه ، سامعة من قفاااه !
أشارت له علي عينيها بابتسامة مرحبة ثم ركضت بإتجاه أخيها ، وأثناء ذلك أتي سمير بعد أن ودّع أصدقائه يفرد ذراعيه بترحيب قائلاً ببسمة واسعة :
_ الباشا بنفسه جاي يوصلنا ، ياريت كل الاعمام في حنيتك دي .
ثم اقترب ليعانقه بسعادة يستمع إلي كلماته الساخرة :
_ ايه الحب اللي نزل عليك ده ، فرحان طبعا عشان ابوك وافق علي المسابقة صح !تراجع سمير يومأ برأسه ضاحكاً :
_ بصراحة اه أصلك كنت جامد اوي وانت بتهدده بشغله عشان يوافق ، فكرتني لما حكالي عنك لما اتقابلتوا زمان وانت هددته وحبسته ف.....
توسعت عيني دامر وجذبه إليه بذراعه ليكمم فاهه بيده الأخري يقاطع كلماته التي كادت أن تُفضح ماضيه السىء مع أخيه ، رفعت غزوة حاجبيها بتساؤل لتري عمها قد توترت نظراته لوهلة قبل يحدثها بنبرة جادة يتحكم في من بيده جيداً :
_ حبيبتي اركبي العربية يلا هنتحرك ..
اومأت بخفة واستقلت السيارة في المقعد الخلفي ، نظر له بشرٍ وهمس إليه من بين أسنانه :
_بقا عايز تفضحني قدام اختك يالا ، عايزني اوريك الوش التاني دلوقتي !
همهم سمير سريعاً برفض وتفلت منه يأخذ أنفاسه قبل أن يجيبه بتهكم:
_ ماهو مسيرهم هيعرفوا في يوم بماضيك زي ما انا عرفت ، ده انت كفاية نبرة صوتك وانت بتهدد ابويا امبارح دي كفيلة توضح انك وش اجرام اصلا.
جاءت أصالة تقبض علي أخيها من عنقه ودفعته أمامهما وهو ينظر لها بغيظ يتوعدها جهراً بالمنزل ليشهق بفزع حين جُذب من تلابيبه بواسطة يدي عمه إليه وهو يصيح به ساخراً :
_ وليه تستني للبيت ما توريها هنا احسن !
أجابه زيد مغتاظاً :
_ ما انت مش شايف ماسكاني زي الحرامي ازاي !
هتف به ببرود وهو يشدد من إمساكه :
_ انا اللي قولتلها تعمل كده ، فيه اعتراض !!
نفي برأسه سريعاً يبتسم ببلاهة:
_ وانا اقدر يا باشا براحتك طبعاً.
تركه دامر فأسرع الآخر إلي داخل السيارة بالمقعد الخلفي ، كذلك فعل سمير وجلس بالمقعد الأمامي ، تبقت أصالة تقف محلها تحدق في نقطة ما وتضيق عينيها بتفكير لتنتفض بخفة حين حدثها عمها ساخراً :
_ الحلوة مستنية عزومة ولا حاجة !
زفرت وأجابته أثناء خلعها لحقيبة ظهرها :
_ ياعم خضتني ، بقولك ايه انتظرني هنا شوية هسلم بس علي مس وردة يتاعت الرسم بتاعتي وجاية .
ثم تركت له حقيبتها بين يديه وركضت قبل أن يجيبها ، تابعها بعينيه حتي وصلت لبوابة المدرسة ثم وقفت أمام امرأة حسناء تبتسم لها بلطف بل وعانقتها بحنان ، تحدثت معها اصالة عدة دقائق ثم ودعتها بابتسامة لطيفة ، ثم عادت حيث ينتظرها تقفز يميناً ويساراً وهي تبتسم باتساع فها قد رسمت أول خيط يصل بين معلمتها الجميلة وزين الوسيم.
**********
عاد من عمله مبكراً فلم يكن لديه الكثير اليوم ، أغلق باب الشقة فنظر حوله بتعجب من هذا الهدوء الذي يعم الأرجاء رغم مرور ساعتين علي ميعاد خروج أولاده من المدرسة ، تحرك إلي الداخل يخلع سترته السوداء ينادي عليهم ، خرجت ديمة لتقترب منه مبتسمة :
_ حمدلله علي السلامة رجعت بدري يعني!
مازال ينظر حوله ساخراً :
_ مكنش عندي شغل كتير ، انما ايه الهدوء المريب ده !
أجابته بعد أن أخذت منه السترة تتحرك برفقته للداخل :
_ دامر لسه مكلمني وقالي إنه هياخدهم يتغدوا برا ويقضوا اليوم سوي.
تنهد بدر بإرتياح قائلاً بفخر :
_ اخويا ده اجدع حد انا شوفته في حياتي ، ايوة كده ارتاح كام ساعة من دوشتهم
تعالي بقا قوليلي عاملة غدا ايه !
**********
تناولوا الغداء في مطعم ما ولم تخل جلستهم من الضحك والمزاح ثم انتقلوا بعد ذلك إلي أمام الكورنيش المطل علي النيل ، كان دامر يقف يمسك بهاتفه يلتقط لهم الصور ضاحكاً علي اصالة التي دفعتهم بعيداً لتقف وحيدة وهي تغير من اوضاعها وكأنها عارضة أزياء ،
جاء سمير بعد أن أشتري لهم المثلجات من محل قريب ، ليعطي كل واحد منهم خاصته ثم جلس بجانب عمه علي المقعد بينما لم يتوقف الباقية عن التصوير بعد ان اخذت غزوة الهاتف من يده ، نظر دامر لمن يجاوره متسائلاً :
_ هتبدأ التدريب امتي ؟
نفي سمير برأسه يجيبه :
_ لسه هكلم الكوتش النهاردة بالليل.