بعد مرور يومين
عقب آذان العصر بقليل ، دخل صقر برفقة ريان إلي الشقة عائدين من صلاة العصر
بالمسجد القريب وكان معهم سمير يمشي خلفه لا يتوقف عن الحديث ،
منذ أربع ساعات حتي الآن بعد العصر ولازال يدور حوله ويتحرك خلفه بكل مكان
بالغرفة يترجاه أن يوافق علي أخذه معهم ، منذ أن علِم صباحاَ من نشرة اخبار البيت
التي تُدعي أصالة بأنهم سيذهبون لقضاء عدة ايام في محافظة أخري للترفه عن
أنفسهم برفقة اصدقائهم ،والآن يدور خلفه كالنحلة يتوسّل له أن يذهب معهم .دخل إلي الغرفة يتأفف بإنزعاج يذهب نحو الخزانة ليقفز سمير فوق الفراش يمر
للجهة الأخري يعترض طريقه صائحاً برجاء :
_ عشان خاطري بقا وافق عشان خاطري...نظر إليه متأففاً بحدة قائلاً من بين أسنانه :
_ للمرة السبعة آلاف بقولك لا لاااااا ، هما تلات ايام وهنرجع .
امسك يديه بتوسلٍ ووجهه ينكمش ببكاء :
_ حتي لو نص ساعة بس أمانة خدني معاكم ، انا بسمع كتير عن مرسي مطروح
وجمالها ونفسي اشوفها ، واهي جات فرصة هتقف قدامي انت يا بن عمي !نفضَ صقر يديه يتخطاه ثم جذب حقيبة السفر المتوسطة من فوق الخزانة يضعها
فوق الفراش وهو يحدثه بنبرة حادة جعلت سمير يراه الآن ك عمه دامر حين يغضب:
_ قولت مينفعش ، وبعدين انت معاك مدرسة وتدريبك هيبدأ بكرة عايز تسافر ازاي ؟قفز سمير جالساً علي ركبتيه فوق الفراش يجيبه بلهفة :
_المدرسة وهاخد اجازة مرضية وهما تلات ايام مش هتفرق ، والتدريب هكلم
الكوتش يأجل التمرين لحد ما نرجع ولو سأل هقوله متخانق مع ابويا ولسه مش
راضي ، كل حاجة اتحلت اهي فرحني بقا وقول ااااه .
حدق به بجمود ناطقاً :
_ لا.
قبل أن يلتفت ليبدأ بإخراج ملابسه يدسّها بترتيب بداخل الحقيبة يتابعه سمير وقد
احتل الغيظ ملامحه وقد أدرك بأنه توسل كثيراً ، وهو أكثر من يعلم بصقر و رأسه
الحجر فإن قال لا ف لا ، لكن ليس هو من يستسلم ، ليمد يديه يجذب الملابس يقذفها
أرضاً صارخاً بتحدي :
_ يعني ده اخر كلام عندك ؟نظر إلي ما فعله وأعطاه نظرة بعينيه العسلية الحادة جعلته يسرع بجذب الملابس
يعيدها كما كانت لكن دون أن يزيل غيظه وغضبه المكبت عن وجهه مردداً :
_ ققصدي ..ده اخر كلام عند حضرتك ومش هتاخدوني معاكم ؟دون حديث اشار صقر بأصبعه إلي الباب يطرده بدون كلمة ، ذمَ سمير شفتيه يزمجر
بحنق وبحركة شبيهة يفعلها زيد حين يغضب رفع يديه يبعثر خصلاته البنية حتي
تبعثرت كلياً ثم وقف علي قدميه يهز رأسه قائلاً بغموض :
_ ماشى يابن عمي ، ماشى.************
صعد الدرج متأففاً بحنق وفجأة صرخ عالياً بفزع حين قفزت قطة بيضاء تموء
بشراسة لكنها قفزت مجدداً وكأنها فُزعت ايضاً من رؤيته وهي تركض سريعاً إلي
أسفل ، وضع سمير يده فوق قلبه يتنفس بدهشة ، التفت برأسه لتحتد عينيه حين
رأي سيمو صديقه يهبط بسرعة وقد كان يلحق بقطته البيضاء التي افزعته للتو ،