أشعلت المذياع على إحدى الاغاني الصباحية، في عادة تفعلها منذ نشأتها، لا يكتمل الصباح سوى بأغاني فيروز ، مع ارتشاف قهوتها ، والتطلع على كل ما هو جديد وهام، وقد حل الهاتف مكان الجرائد اليومية، تضع النظارة على عينيها وتتصفح الأخبار اليومية في الصفحات المشهورة بذلك
كانت منكفئة بتركيز لدرجة جعلتها لم تنتبه على قدوم أحدهما من خلفها حتى اجفلت بقبلة على وجنتها ، علمت بصاحبتها، لتلتف اليها بابتسامة رزينة كعادتها والأخرى تلقي التحية بشقاوة لم تتخلى عنها حتى بعد مرور أكثر من سنتين منذ زوجها:
- صباح الخير يا نونا.
كبتت بصعوبة شعور الغبطة الذي يتسلل اليها في كل مرة تذكرها بلقب الدلال الذي اختارته هي لها، لتردد به على الدوام، رغم استهجانها في البداية وعدم تقبله منها، لكن مع إصرار الأخرى على التقرب ، رويدا رويدًا أصبحت تلين ، وبتكرار منادتها به، أصبح الجميع يقلدها، وكأنها خلقت بهذا الأسم:- صباح الخير يا قلب نونا، صاحية متأخر يعني؟ مش بعادة.
التفت تجيبها وهي تسقط على الكرسي المقابل لها وتتمطع بذراعيها بتكاسل:
- ما انا بصراحة مكنتش عايزة اسيب السرير، بعد ما خلصت من المذاكرة ومن الامتحانات والمرمطة، مفيش احلى من الراحة يا نونا.- يعني واخده اجازة؟
- بالظبط كدة يا نونتي.- اممم
ارتخت على مقعدها، تطالعها بمكر قائلة:- ولما انتي اجازة النهاردة يا حلوة، مش كان اولى بقى تقضي اليوم مع جوزك، بدل ما تسبيه يخرج لوحده ويروح النادي.
- النادي! مين قالك ان هو راح النادي؟
رددت بالسؤال مزهولة لتزيد عليها الأخرى:
- انا سمعته بنفسي وهو بيتفق مع واحد صاحبه انهم يتقابلوا هناك...توقفت لتردف بخبث:
- شكله عايز يعمل ماتش تنس، ويرجع أمجاده القديمة، اللي انت عارفاها بقى، ختمت بغمزة، لترى على الفور رد فعل الأخرى، والتي تحولت ملامحها، مرددة بجزع؛- يا نهار اسود.
- انتي متأكدة من كلامك دا؟
- وانا من إمتى كنت بهزر؟ تعرفي عني الكلام دا يا بسمة؟- لأ طبعا، انتي عمرك ما كنتي بتهزري
هتفت بها بسمة وهي تنهض عن مقعدها، تدبدب الأرض بقدميها مغمغمة:- انا عارفة من الاول، هيفضل تاعبني كدة طول العمر ؤ
ولا هيتهد ابدا حتى لو بقى كركوبة.تبسمت منار تلاحقها بالسؤال:
- طب انتي رايحة على اؤضتك ليه دلوقتي.
- عشان رايحة انيل اغير هدومي، وهروح النادي انا كمان اما اشوف اخرتها ايه معاه سي كازنوفا.
همت لتتحرك مرة أخرى ولكن منار أوقفتها بقولها:- ما انتي لو كنتي خلفتيلوا عيل زي ليلى بنتي ما عملت، يمكن كان اتلهى فيه دلوقتى.
كتمت بسمة زفرتها، لتخفي ضجرها لهذا الحديث الذي لا تنفك حماتها العزيزة بتذكيرها به، فخرج ردها بنزق:
- عشان ليلى معاها ممدوح يساعدها في الدراسة وف رعايا البيبي وف كله
،لكن انا ربنا وفقني في واحد اسم الله عليه، ممكن ينساني انا نفسى قدام ماتش كورة بيتابعه.. عن اذنك بقى عشان اروح اغير هدومي.
أنت تقرأ
كله بالحلال
فكاهةفي حالة الحب والحرب كل شئ مباح، لا أدري إن كانت هذه حكمة ام مقولة عابرة، فقد تبدوا جملة عادية لمن سمعها ولكنها عميقة جدًا لمن فهمها وسارت هي عنوانه في مرحلة فاصلة لاقتناص الفرصة في القرب لمن أحب، وإن كانت الحكمة مفيدة في معظم الأوقات؛ فلمحة من الجنو...