الفصل الثاني:القلعة المهجورة والقلادة الغامضة .
بخلاف البدايات الجميلة الوردية التي تعطي الناس جرعة السعادة فإن البدايات التعيسة والحزينة تعطي دروسا وعبر ،فلانسان لا يتعلم من السعادة بقدر ما يتعلم من الألم ،فالحزن غالبا معلم لتتجاوزه لابد من أن تنجح في تغيير واقعك وإرادتك للأفضل.
بداية القصة هذه المرة عند الأبطال ليس صباحا مشرقا ولا عصافير تزقزق ولا حياة جميلة إنه ذلك الشارع ذو الأبنية الفوضوية والطريق الموحلة ومجاري المياه المعطلة وصوت صراخ الباعة ،يعيش ذلك الفتى وأخته في بناء من الأبنية في الطابق الثاني لا يوقضهما المنبه بل صوت بائع السمك أو المنظفات في أحسن الأحوال،أما في أحيان أخرى فيسمعان صوت شجار بين أحد السكان أو التجار ،وبذل أن يفتحا النافذة على منظر ينعش النفس لبدأ يوم جميل ،لا يريان سوى الفوضى و النفايات والعمارات المهدمة أو المنازل التي لم يتم بناؤها فتحت البنت نسرين عينيها بصعوبة لم تحظى بنوم كاف بسبب ما حصل ليلة أمس كالعادة شجار بين أخيها وزوج امها الذي يبحث دوماً عن فرص ليضربه أو يرميه بالكلام أو يجعله يبيت أمام الباب ليلا ،تحت صمتها وصمت أمها وإدعان ياسين له خوفا منه ،رغم بلوغ التوأمين نسرين وياسين عامهما السادس عشر ووصولهما للثانوية لا يزالان تحت رحمة علي زوج الأم القاسي الذي حرمهما كل شيء لا يرتاحان منه إلا في الأحلام هذا إن لم يحاصرهما في كابوس ما،كانت نسرين هادئة وتصبر للأدى رغم أنها لاتخشاه اعتادت الضرب وصارت تدافع عن أمها وتتصدى له بينما ياسين لا يواجهه خوفا من أن تتفاقم الأمور أكثر .
كان الولدان وامهما هذا الصباح على طاولة الفطور قبل ذهابهما للمدرسة يتبادلون الأحاديث عن مسابقة اللغة الاسبانية التي ستشارك فيها نسرين .
-نسرين :أريد المشاركة فالهدية تستحق إنها مالية لكني محتارة بماذا أشارك قصيدة أو قصة أو إلقاء شيء ما على كل سأبذل جهدي.
-ياسين :انت ذكية جداً وانا واثق من نجاحك .
-الأم :أبدلي جهدك عزيزتي انت تستحقين،وانت ياسين متى ستجري اختبارات القبول في فريق الكرة .
-ياسين:سيكون ذلك الأسبوع القادم ،سأتمرن بعد المدرسة جيداً.
في تلك الأثناء خرج علي من غرفته يستشيط غضبا فقد استيقظ للتو من نومه وكان ما سمعه أحاديثهم عن مشاركة ياسين في مباراة تجريبية لاختيار لاعبين للإنضمام لفريق الكرة .
-علي:أيقضتموني ايها الاوغاد ،بينما أحاول النوم تحدثون الفوضى عمدا ،وتتحدثون عن غبي قال انه سيصبح لاعباً ،هل تظن انهم سيختارون أحمق مثلك هذا مضحك فعلا.
نسرين:اخي ماهر جداً انت لم ترى مهاراته ،سيكون لاعبا عظيما يوما ما.
-الأم :إنه رائع سأدعو له دوما بأن يوفق في هدفه.
-علي :إخرسا وإلا بدأت صباحي بالسوط ولا أريد تعكير مزاجي لدي عمل مهم أهم من الحثالة أمثالكم .
إزداد النقاش حدة فعلي يبحث دوماً عن الأسباب لتفريغ غضبه عليهم فقلب الطاولة تحت صراخ الأم ونسرين ومحاولة ياسين لإيقافه .
-علي:تظن نفسك رجلاً لتتحداني أيها الغر الأبله.
-ياسين :ما تفعله ليس رجولة انت تستضعف النساء فقط ،اما في الخارج فلا تستطيع مجابهة الرجال.
-علي:طال لسانك حسنا سوف أربيك من جديد .
وأخد يلكمه ونسرين والأم تحاولان منعه .
-علي :اعرف كيف اعالجك أنظر ماذا سأفعل.
وتوجه لصندوق الأحدية وأخرج حداء ياسين الرياضي ومزقه ورماه على وجهه ،إنه يعلم أنه لا يمكنه المشاركة بدون حداء وليس له ثمن حداء آخر .
-علي:ارني مهاراتك الآن ثم ضحك بشر وخرج من المنزل .
أما الام المسكينة وهي تشاهد ما حصل أخذت تبكي لضعفها وما أوصلت أطفالها إليه حين تزوجته ظنا أنه سيكون المعيل لها ولأولادها .
-نسرين :سأنتقم منه إنه وحش.
-ياسين :لا عليكي ،اما انتي يا أمي لا تلومي نفسك سأجد حلا قبل يوم المباراة.
-الأم:يجب أن اعمل اي شيء للحصول على ثمن الحذاء سأصنع فطائر واحاول بيعها وأعطيك ثمنها ،المهم أن لا تتوقف عن محاولة تحقيق هدفك أما الآن إذهبا إلى المدرسة ولا تتاخرا هيا.
-ياسين:ماذا لو عاد ووجدك وحدك وأفرغ غضبه بضربك سأبقى هنا.
-نسرين :وانا أيضا.
-الأم:لا تقلقا بشأني أنتما إذهبا سأتدبر امري هيا قبل أن تتاخرا.
في طريقهما كانا يتحدثان عن موضوع الحداء وكيف سيجدان حلا لهذه المشكلة ،فلو كان لديهما عمل أو كان عمرهما اكبر قليلا لوجدا عملا يخرجان به وامهما من هذا الجحيم .
مر الدوام وذهب ياسين للتدرب في الساحة بأحد الأحدية القديمة المهترئة التي لا تنفع والذي وجده في مخزن قاعة الرياضة،وكانت أخته تشاهده بحسرة وتحاول نضم قصيدة تشارك بها في المسابقة ،وحين انتهيا وفي طريق العودة قررا أن يتنزها قليلا قبل العودة للمنزل.
-ياسين سأريكي مكانا جميلاً نجلس فيه ونرتاح قد يعطيكي إلهاما لتجدي موضوعاً تكتبين عنه.
-نسرين:وما هو هذا المكان ؟
-ياسين :أخبرني اصدقائي عن وجود قلعة قديمة مهجورة في هذه المنطقة تشوقت لزيارتها ،سنبقى هناك حتى يقترب الظلام ،فمنظر الغروب فيها ساحر .
-نسرين ؛حسنا يبدو الأمر مثيرا لكن يجب أن نخبر أمي أولا كي لا تقلق .
-ياسين :حسنا.
كان التوأمان يتجولان ببطء بين أنقاض القلعة القديمة التي يطلق عليها سكان القرى المجاورة لها إسم القلعة الغامضة ،كانا يتنزهان في تلك البقايا الحجرية ،سأل ياسين أخته بحماس :هل تعتقدين أنه كان يحدث هنا أشياء غريبة في الماضي؟
-نسرين :لا اعلم لكن المكان هنا يعطي شعوراً غير مألوف كما أن لكل مكان مهجور أسرار منسية تخصه.
-ياسين :هذه القلعة لها طابع غامض كالأساطير تماما .
بدأ الغروب يقترب والولدان يستمتعان بالمنظر الرائع السماء ولهيبها والقلعة ازدادت جمالا بانعكاس الشمس عليها ،جلسا متأملين ،يمتعان ناظريهما بما يريانه ،ماهي إلا لحظات حتى رأيا دخانا يتصاعد من مكان ما هناك .
-ياسين :ما هذا هل يوجد حريق هنا أو أن أحدهم نسي النار مشتعلة .
-نسرين:دعنا نتصرف بحذر .
اتجه التوأمان بحذر نحو مصدر الدخان متسلقين الأحجار الكبيرة ،وصلو إلى غرفة صغيرة منقوش على جدرانها رموزا غريبة في وسطها كومة دخان تشتعل كأنها تحرق شيء ما،التفتا حولهما بحثا عن شخص يكون تارك الدخان ،لم يجدا شيئا حتى وقعت عين نسرين على قلادة صغيرة قرمزية براقة تطل من تحت طبقة من الرمال مدت يدها نحوها وعندما امسكتها شعرت بنبض غريب يمر منها وكأن الأرض بدأت تهتز.
هل تشعر بهذا الاهتزاز ياسين؟سألته وهي تدير القلادة بين يديها بدهشة ،إنها تبعث طاقة غريبة .
-ياسين :ما هذه القلادة ؟انتبهي قد تكون خطيرة لا تلمسيها كثيرا حتى نتأكد من طبيعتها .
كان داخل الولدين يعج بالأسئلة حول أصل تلك القلادة الغامضة والرموز المنقوشة على الجدران ،ماهو السر الذي تخفيه أنقاض هذه القلعة؟
-ياسين :أعطني إياها ،فإن كانت مؤدية لن تؤديكي سأكون المسؤول عن حمايتك .
-نسرين :تفضل لكن بحذر،أنظر إلى النقوش على الجدار ،أشخاص بأجنحة وتنانين ومخلوقات غريبة كأنهم في قتال ،مهلا أنظر هذا الرسم كأنه لرجل يحمل قلادة تشبه هذه القلادة هل للأمر علاقة ،اي القلادة من تاريخ القلعة أيضاً.
-ياسين :أنتي تمتلكين نظراً ثاقبا لم انتبه في البداية لكنك محقة إنها تشبه القلادة ،ما السر يا ترى ؟ومن أين جاء الذخان لم أفهم شيئا.
فجأة حين وضع الفتى القلادة على حجر كان هناك انطلق منها ضوء ساطع يعمي الأبصار فأغمضا أعينهما بكل رعب مستغربان ما يحدث ،فحاولا الركض للخروج من هذا المكان لكن فجأة كان الضوء المنطلق قد سحبهما لمكان بعيد .

أنت تقرأ
الأمل داخل الكابوس
Phiêu lưuيعلق توأمان داخل بعد آخر فيجدان أنفسهما في عالم الكوابيس وأن عليهما المواجهة والتغلب على المخاوف وخوض مغامرات للخروج في مغامرة مثيرة وعبرة مستخلصة حقوق النشر محفوظة لدى دار نشر التميز الثقافي للنشر الالكتروني أي سرقة يعاقب عليها القانون