-لقد عدتُ.
أثناء الصمت المخيّم على الدّار، في ساعات الصُّبح الأولى، أعلن كيويا وجوده وقد نزع عنه وشاحه، يرمق بهدوءٍ السّكون، يخبره أنه لوحده هُنا، يُخرج زفيرًا.
يبدو أنّ والده الأحمق خرج دون إخباره مجددًا.
سُمِع صوت خبط وتقطيع قادمٍ من المطبخ الذي انفرد بنفسه معه. وكما واعد نفسه قبل سنوات -منذ أنه صار في سِنّ جيّد، طرد والده من المطبخ وتكفّل هو بهذا الجانب بدل حرقه كلّ مرة وتسبيب جلطات لقلب ريكاردو المسكين.
كان منغمسًا في وضع آخر لمساته على المائدة، متخصّرًا يتأمل إنجازاته، حتى رغم أنه فتًى عاديّ في الرابعة عشر، بارع، لا يجعل الفطائر حلوة سامّة على الأقلّ. وبذكر ذاك الآخير الذي يعاني مثله.. وقد ارتفع بصر كيو الهادئ المزرقّ إلى البُنّ الذي احتواه منذ فترة عند عتبة الباب، ارتخى بعد إدراكه الزائر.
-ريك..
همس، كعادته صامت، برأسٍ ممتلئ.
ابتسامة خفيفة أظهرها ريك وقد برح موقعه مقتربًا، مسّد رأس كيويا في إعجابٍ دافى فاض من عينَيه.
رمق الأصغر ذلك مفكرًا.. كان الفارق شبه جذريّ بين ريك ووالده، رغم أن كلاهما ناضج، كلاهما جيّد في احتضانه، كلاهما عائلة له.. لكن ثمّة تفاصيل بيِّنة يحبُّ ملاحظة تغايُرها.يبدو كما لو أنّ ثلاثتهم فقد منزله ويبحث عنه في اجتماعٍ لطيف مثل الآن.
قعدا جنبًا إلى جنب يتناولان الفطور معًا، فبعدما علم كيو أن والده لن يعود مبكرًا، ضحّى بحِصّته لريك، قائلًا أنّه يستحقّها وأنّ على آراشي إعطاءه إنذارًا في مثل هذه الحالات، والآن سيعود للبيت ويعدّ طعامه بنفسه. ضحك ريك لذلك بشدّة. بات كيويا يجيد فرض سُلطته.
لا يدري كيف.. لكن في عينه، كيويا يشبه آراشي في كثيرٍ من الأحيان ولو لم يبدُ ذلك للوهلة الأولى.
كانت مجرّد لمحة مُرشِدة من روحه.. أنّ دواخله تسبح ببطء لتتناسب في شبهها مع روح أبيه، وإن كان لكلّ منهما هالة ساحرة مضادّة للآخر؛ لن يشكّ أحد أنهما ابن وابنه حتى دون مظهر.. فقط إن رأوا ذلك الجانب الذي يراقب نموّه هو.
-كيويا، عندي سؤال.
تفاجأ المعنيّ بنظرات الخضرة في ريك والتي تفحّصته، لم يحسّ بإيجابيةٍ نحو ذلك.. غير أنه استفهم.
-قبل سنواتٍ، حينما افترقتَ عن كاورو في العاصفة..
كيف وجدتَ السيّد آراشي؟شُلّ بصره، تساؤل ريك البطيء أو ما بدا له.. نظراته التي ارتبكت بعض الشيء، كما لو كان يعلم مدى كونه موضوعًا حسّاسًا للتطرّق فيه.
وبالفعل.. سكت الرّوع في بحره بعد إذ كاد يهتاج، انخمد كما نظراته وتمسُّكه القويّ بالملعقة.
أنت تقرأ
Winter Hymn
Short Storyبعيدًا.. حينما تعرَّف على موطنه الجديد بعدما فقد القديم. غير أنه لطالما لم يفقد شيئًا.. لطالما كان تحت جناحٍ ما، لطالما رافقته ملائكته الحارسة. المصمّم: -_Stranger_- ▪︎عائليّ، قصير، عميق. [جانبيّ 3]. Op: 28/Feb/24 End: 22/May/24 -To Kyoya.