صورة غير واضحة لرجلٍ طويل متخصّر، يجادل صبيًّا أمامه، منزل بتفاصيل مبهمة، الكثير من النشاط والدفء رغم أنه لا يرى سوى هذين.
كان ما يحدث من زاوية نظره، أخفض رأسه متفقّدًا ما بين يديه بينما تُتلى أحاديثهم في رأسه، الأرض أقرب قليلًا.. هو أصغر.
في يده يقبض على كيس اشتمّ رائحة المخبوزات منه، استشعر البخار الدافئ المنبعث على وجهه، او ربما حزِر فقط.
عاد للنظر إلى الآخرَين وقد كان يجادل أحدهما الآخر، لتبدأ كلماتهم بالاتضاح تدرّجًا، يتخلّلها قهقهة سُخرية من الأكبر بينهما.
-لا تمازحني، لم تصِل لطولها حتى!
الأصغر أظهر الانزعاج في صوته،
ليشير لنفسه في انفعال.-إنها أمي وليست أمك!--
قد قاطعه بنقرة جبين قويّة، فشهق متألمًا في المقابل. أعطاه ابتسامة واثقة مُنتصرة ضاعفت غليانه.
-إنها زوجتي أيها اللعين.~
اِكبر وصِر رجلًا بطولي ثم ابحث عن زوجة لك بدل سرقة زوجات الرجال الآخرين.-أبي!
مجددًا قهقهه والده بعلوّ حتى شكّ أنه سيموت من الضحك، بينما الانزعاج ما ترك ابنه، ابنه الأكبر.. كان ذلك يحدث تحت أنظار أصغرهم الذي راقب من بعيد.
مع نبض قلبه الرقيق، تفتّح صدره براحة وسعادة غمرَت روحه الصغيرة، أحسّ بتحرّك شفتَيه تعبيرًا عن ابتسامة شقّت شفته.لولا أنّ جسدًا اقترب منه، لتتغيّر العدسة إلى من جلست قبالته، لم تختلف بالملامح المبهمة لكن الابتسامة كانت واضحة عليها، حيث أعطاها هو ذلك الكيس، ويبدو أنها من طلبَت منه شراءه.
ضِحكة خافتة منها خرجت عند رؤية الشجار الطفوليّ لأولئك، لتعيد النظر له.
-دعك منهما، إنك فقط من يعرف ما تحبّ
والدتك، كيو.~اقتربت منه أكثر لتحتويه بعناق، تُربّت على رأسه بهدوء، بينما أسند هو ذقنه على كتفها، يشعر بدفئه وبشعرها الحريريّ ذو الرّائحة الهادئة التي يحبُّ، ويسمع أغنية ما.. أغنية تصدر من داخلها، همهمة.
مجال نظره اتّجه لأولئك من جديد، حيث الأب يبعثر شعر الآخر، ذلك قبل أن يتوقف منتبهًا لنظراته، حدّق به في هدوء، بملامحه تلك، بملامحه الواضحة تلك.. بأسود حدقتيه المغايِر لخاصّة ثلاثتهم.
كان قد اختفى كلّ شيء ببطء، ليكون آخر ما رآه.
.
أنت تقرأ
Winter Hymn
Short Storyبعيدًا.. حينما تعرَّف على موطنه الجديد بعدما فقد القديم. غير أنه لطالما لم يفقد شيئًا.. لطالما كان تحت جناحٍ ما، لطالما رافقته ملائكته الحارسة. المصمّم: -_Stranger_- ▪︎عائليّ، قصير، عميق. [جانبيّ 3]. Op: 28/Feb/24 End: 22/May/24 -To Kyoya.