ظلال الماضي

32 9 3
                                    


أذكى الأشياء أحيانا تأتي بالمفاجأة، الكمين الذي فرضه جونغكوك على جيلين شعرت بوحشة القصر تتهادى نحوها.
الأنفاس التي تقترب، رحيل بيكهيون المفاجيء، وصمت القصر الذي ينفجر في رأسها كغُصن جاف يُكسر على فخ الجدار. تُحدّق في العتمة التي تتراصى أمامها، يعانق الصمت الفروة الحالكة للظلال، ينسل القلق في قلبها كماء يّنبع يجري.

تستضيفها الساعات الطويلة في فيضاناتها الملتهبة، تلهم نفسها بقدر ما تقوى على استسلامها للجنون.
تتعثر في خطواتها على مر الليل، تلك الخطوات التي تركها بيكهيون يصنع خريطة في ذهنها ومع قدوم الوفرة الهادئة للصباح، تصير الحقائق صريحة أمامها.

كل تلك الأمور تراودها، تتاجر بنفسها في الأفكار والتأملات.
في بياض اليوم الذي يعكس الضوء على أسطح القصر، تُدرِك جيلين أن الطريقة الوحيدة للأمام هي بمواجهة جميع أسوار القصر وما جُبِل وراءها.

كما أنتابها الخوف واليأس، يُعصر القلق ذات النهايات المفتوحة نفسها بين أضلعها.
ولكن عندما واجهت الواقع - أن هناك عالمًا حقيقيًا يتحرك دونها ولا يعلم بأي شيء - يتجمّع القرار بأكمله في قلبها ككوة من الجدار المُشتعل.

افترقت شفتيها، ترفع يديها وتصرخ وهي تحدق في الأعماق الخفية للقصر:
"لا تعتقد أنك ستخيفني، جونغكوك. أنا لست وحيدة هنا."

مع هذا الصرخة، تشعر بطاقة تمتصها الأرض، بظلال تتشكل أمامها. المعركة بدأت، وهي مستعدة للقتال.

--

في غرفة بمخفر الشرطة، حيث الحوائط تلقي بثقل صمتها على الأجواء، جلس الضابط مفكراً، مُحدقاً في كومة الأوراق المكدسة أمامه. نظرته تحدّق في الركن البعيد من المكتب، حيث يتدلى مصباح أبيض يتيم ينثر ضوءه على ملف يحمل عنوان القضية.

بيد ثابتة، يمسك الضابط القلم الأحمر ويسحبه عبر الصفحة، يعلم علامة بجانب اسم جيلين، ويلوّن بحرص نقاط التحقيق المهمّة. يرتدي نظاراته المكبرة ويقترب بوجهه من الورقة، يفحص التفاصيل كأنه يفتش عن هدية ثمينة مخبأة في زوايا الحروف.

"يُظهر تاريخ هاتفها الأخير أنها كانت قُرب الغابة القديمة." يكاد يُهمس بالكلمات لنفسه، لكن الصدى يتردد في صمت المكان المحشوّ برائحة الورق والحبر.

يترك القلم قليلاً ويتجه نحو الخرائط المعلقة على الجدار. مؤشرات حمراء تنتشر كالنمش تحت رشاشات الأيام على البلدة الصغيرة المرسومة أمامه. يمد يده ويلمس نقطة محددة على الخريطة، مكان الغابة القديمة.

"قطعت شوطاً طويلاً، جيلين." يقول الضابط مع نفثة عميقة.

يعود إلى مكتبه، يأخذ الملف ويستعد للخروج. تحت أضواء السقف الزرقاء، يستبدل الشك بالعزم، ويشعر بأنه على وشك الاقتراب من نقطة مهمة في الحلقة المفقودة هذه.

عالقة برفقة شبح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن