P64

34 3 1
                                    

في إحدى الليالي الباردة عِند مدينة ميلانو في مستشفى الامراض العقلية
اليومِ الثالثِ والعشرون مِن ديسمبر، رَمَقَت عَيني الى ساعةِ مِعصمي فوجدتها تهمم الى الـ2:25 فَجرًا
تَحرَكتُ من مكاني الى المناوبة الليلية، لطالما كان يلفُت إنتباهي شاب في العشرين من عمر
هادئ، بارد، مطيع، وقليل الكلام  ،  وكان يدعى روميو
كُنت أسيرُ بإتجاه مَمر الغرف للمرضى العقلية بينما سمعت صوت نشيج خارجٌ من أحدى الغُرف
لم اكن خائفة لكن تمالك قَلبي القلق لأنها كانت غرفة روميو
دخلت بلطف عليه بينما توقف صوتُ نشيجه وقلت له
-ماذا هنالك يا روميو؟
قال روميو وصوتهُ يرتجف: انهى الذكرى الثالثة
-ذكرى ماذا؟
-روميو: ذكرى موتي
-لكِنكّ حيّ
-روميو: داخلي جُثة مُهتَجِمة ... لم تعرني اهتمام عندما قلت لها
"وطني جبينك فإسمعيني لا تتركيني"
-ما ترسم؟
-روميو: من قتلتني ... ارسمها على قماش كانڤاس
-لِما ترسمها باللون الاحمر؟ هل نفذت الوانك؟
-روميو: لم تنفذ ... يعجبني رسمها هكذا
-لما ترسمها؟ وليس شيئًا آخر
-روميو: لأُثبت انني لستُ اكترثُ لها .... فأنا لا اتذكر خصل شعرها الحريرة، ولا عيناها ... اتعلمين ماقال الشاعر في العين الحوراء؟
-ماقال؟
-روميو: إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
-روميو: بالرُغمِ من ان عيناها ضَعيفة لكنها قتلتني
صَنعت مني رسام وكاتب ... رُبما سيسموني مجنون لوليا
-كيف لا تتذكرها وترسم ملامِحها بدقةٍ؟
-روميو: لست انا من ارسم ...انهُ عقلي
-روميو: دائما ارى فيها وطني فـعندما امسك اللون الازرق اجدني رسمت عيناها .. وعندما امسك اللون الوردي ارسم شفتاها واتذكر كيف لهكذا جمال بأن يرمي علي اقسى الكلمات
-وهل جربت الرسم بالاحمر لنسيانها؟ 
-روميو: لا انها رسمتي الاخيرة
-ستعتزل الرسم؟
-روميو: سأعتزل الحياة

وَقَعَ روميو عَلى آخر رسمه لهُ
لوحتَهُ كانت الكانڤاس
وحِبرَهُ الدَم.

_نُوران وِداد

كانڤاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن