الفصل الثاني والأربعون "الملف مفتوح"

41 4 0
                                    

42
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
"النجاة في الحياة.. كلمة السر: سرعة البديهة!"
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~

ابتسم شهال بتهكم:«كونك عارفة حاجة زي دي براها تغطس حجرك يا رقية!» بهتت ملامحها وشحب لونها إلى أن قال بهدوء:«واصلي ممكن تقولي حاجة تشفع لك قدام النيابة!»، أومأت وهي تبلع ريقها باحثة عن الأحرف لعلها تنقذ رقبتها من البتر!:«يا باشا البت بدور بعد م مبارك مات م بقت طبيعية.. بقت تهلوس وتقول كلام ممكن يطير رقابنا كلنا، ورجب في النهاية راجل يا باشا.. كلامها نخز كرامته ووجعه، والموضوع متطور يا باشا والبت بقت عايز تبلغ الشرطة وتعترف على روحها وتلبسنا كلنا في الحيطة*¹ يا باشا!»، ابتسم بتهكم مجددًا ابتسامة سمجة:«فقتلتيها برضو عشان م تبلسي في الحيط!»، نفت بسرعة:«أبدًا يا باشا.. قلت لك أنا م بعرف أقتل نملة!»
بلعت ريقها وهي تقول ببطء:«كلمت رجب.. وريته أنه مرته جاتني وحالتها م طبيعية وعايزة تفضح روحها.. ووريته هي الوزتني أقتل عايدة وكلمته أنها كانت بتجيب لي أخبار البيت أول بأول عشان نخلص من عايدة، والموضوع م إني خفت اتفضح أنا والشيخ بس لمن يسوقوها المستشفى ويلقوا الحبوب المهلوسة، ويا باشا أي راجل كرامته بتنخزه برضو.. ترضاها على نفسك يا باشا؟»
لم يرد ولم تتوقع رده فواصلت:«وجاب خطة جهنمية تانية يا باشا.. ود لذينة يا باشا ويده طايلة، جاب لي بدرة بيضاء وقال لي اكبها في فنجان بدور واعزمها على قهوة وبيتي يكون فاضي علي بدون زول يحس عشان اناقشها في موضوع تسليم روحها إياه، وم في زول شافها يا باشا وهي جاية علي، هربت من شباك غرفتها بدون حماتها تشوفها وجاتني.. ومجرد م جات يا باشا شربت الجبنة بتوتر وبسرعة!»
انتخجت قائلة:«والله يا باشا م كنت عارفاه سم.. كنت قايلاه مخدر ساي.. قلت رجب ده بتاع عصابات وحشيش ومخدرات وبتاع.. يكون جاب لي شيء من تجارته يخدرها بس، م قايلاه عايز يقتل مرته بيدي والله!»، مسحت دموعها وأنفها وواصلت:«م عرفت أعمل شنو يا باشا، المرة قامت من الكرسي بتتطوطح وبتطلع في الروح.. م عرفت أوقفها!، مرقت في ضلمة حلتنا ديك وأنت شفتها.. الزول م شايف يده ذاته فم في زول عرف هي مرقت من وين، لكن رجب ود اللذينة كان راجيها برة، وزي م قلت لك يا باشا رجب في النهاية راجل وكرامته بتنخزه.. لو م كان قتلها بيده م كان ارتاح.. طعنها بعد مرقت من بيتي يا باشا.. وشافوها بنات أسامة!..»
انتبهت حواس شهال ويس معًا وبدا عليهما التحفز.. ليقول شهال:«قصدك رجب شاف بنات أسامة في الشارع وافتكرهم شافوه عشان كده حاول يقتلهم؟، طيب رجب عرف من وين فرق النظارة بين التوأم عشان يحدد هدفه؟»، تنهدت قائلة:«بنات أسامة عاينوا جهته في الضلمة فهو افتكرهم شافوه.. رجب م عارفهم تومات أساسًا يا باشا.. رجب كان هدفه يخلص من كل الشهود وخلاص إن شاء الله يقتلهم التومتين!»
شد كل من يس وشهال على كف قبضة يده.. يمنعان إنفلات أفعالهما وأعصابهما!، الصورة واضحة الآن.. بعد قتل بدور جعل من رقية تمثل دورها أمام أسرته.. لا أحد يعرف الشبه بينهما ليميز الفرق من الأساس.. لحظة.. هناك شخص آخر!، هتف شهال من فوره:«وأمل؟»..
عضت رقية شفتها السفلى.. النقطة المخيفة.. لم ترد أبدًا الوصول لهنا.. ظنت أنها ستشدههم بكل اعترافاتها عن رجب وزوجته، لكن ها هي توضع تحت الملاحظة في القفص وقد يؤدي بها الأمر لتقف أمام عقدة حبل المشنقة!، تحسست رقبتها تخاف أن تطير لو نطقت بأي كلمة خاطئة!...
كانت ريلة طبيبة نفسية مخضرمة درست لغة الجسد التي تصدق حتى أكثر من لغة الفم، وباتت تعلم يقينًا أن ما ستتلوه رقية بعد ذلك محض كذب.. هي اعترفت على قريبتها التي آوتها وعلى رجل محب لها بإخلاص كاد يقتل زوجة أخيه كي لا يفضح أمرها ومات أخوه بدلًا منها.. الآن تتردد؟، هي القاتلة لا محالة!..
لم تجد بدًا من التدخل حتى لو طردها شهال بعدها:«حضرة العقيد أسمح لي..» وقبل أن يرد كانت قد أقتربت من رقية ووضعت سوارًا غريب الشكل على معصمها!، ابتسمت في ثقة وهي تقول لشهال:«ده أحدث سوار أنتجته شركة هيثم في لندن.. إذا السوار نور على جهة اليمين بالأحمر تبقى بتكذب وإذا فضل منور أصفر في الوسط تبقى بتقول الحقيقة.. السوار مجرب أكتر من مرة ونجح وح ينزل السوق الأوروبية قريب.. بقوم على قياس نبضات القلب ومستوى الدم في الجسم وبحدد من كهرباء الرأس إذا المستخدم بكذب ولا لا.. لازم م تتوتري يا رقية إلا الجهاز ح يأشر على الجهة اليمين وح نعتبرك كذابة وكل القلته ح يفتح فيك بلاغين الأول الإشانة بسمعة المرحوم رجب الزين وحرمه الأنت منتحلة شخصيتها.. والتانية تهمة تضليل العدالة، م أظن ح تمانعي إذا كنت بتقولي الحقيقة من قبيل!»، كادت أعين هيثم تخرج من محجرها بينما أومأ شهال موافقًا بهدوء، أخذت ريلة السوار من معصم رقية مجددًا لتضعه على معصمها قائلة بإبتسامة واثقة :«نجربه فينا نشوف مفعوله قدامكم!»، شغلت السوار وقالت بإبتسامة واسعة:«أنا اسمي جنة!»، أنار السوار جهة اليمين باللون الأحمر فابتسمت بثقة واتجهت لزوجها المذهول واضعة السوار على يده:«يلا جرب يا هيثم وقول جملة حقيقية نجرب مفعول السوار!»، رفع حاجبيه لا يصدق مكر زوجته لكنه قال:«أنا هيثم!» وأنار السوار بلون أصفر في المنتصف!، رفع شهال شفته السفلى بإستحسان وقال:«خلاص نبدأ، أدي السوار لرقية يا دكتورة!»
ألبستها ريلة السوار بإبتسامة انتصار بينما رقية تكاد تموت من الرعب.. لتقول بصوت مبحوح:«لو اتكلمت يا باشا.. أمان؟»، رفع لها حاجبه قائلًا:«حسب الح تقوله.. عمومًا الكلام في مصلحتك، نحن لقينا حمض نووي من القاتل تحت أظافر الضحية إذا اتوافق معاك كده كده التهمة ح تلبسك!»
كادت رقية أن تفقد وعيها لكنها تماسكت، المعصم حول يدها الآن.. تلك الفتاة تنتظر روايتها لتفعل السوار.. كيف تغامر وهي ستكشف حتمًا؟.. لتقلل من العقوبة على الأقل!:«أمل يا باشا كانت عارفة أي شيء عني، حتى بدور عارفة بيها.. يا باشا أمل كانت ح تفرز بيني وبين بدور ببساطة لو شافت الجثمان!، يا باشا م كان في حل تاني!»
تحدث شهال ببساطة:«قمت قتلتيها!»، عضت شفتها بتوتر وخوف:«م كنت واعية بالبعمله يا باشا.. هي هجمتني وم كان في نيتي أقتلها والله.. كان دفاع عن النفس!»، ابتسم شهال ساخرًا:«حددي: م كنت في وعيك ولا كان دفاع عن النفس!، غض النظر طبعًا أنك شايلة سكينة واستدرجت الضحية لمكان فاضي وبتقولي دفاع عن النفس!»، تنهد وهو يسأل بفتور:«أنت بتعرجي على رجلك اليمين ولا الشمال؟» نظرت له باستغراب من غرابة السؤال:«أنا كنت بعرج على الشمال في حادث زمان من ضرب أبوي لي، لكن رجب من ضربه لبدور بقت تعرج على رجلها اليمين، بقيت بحاول اعرج برجلي اليمين قدر م أقدر!»، رفع حاجبه وهو يفكر.. هل أخطأت نهال التقدير أم أن بدور كانت على علاقة بأمل؟، لن يعرف أبدًا الآن!، لتتجمد ملامحه فجأة وقال ببرود:«والخلاك تقتلي رجب شنو؟»، شهقت بعنف وضربت صدرها:«والله يا باشا رجب م عندي يد فيه.. اقسم بالله العلي العظيم أنا م عندي علاقة بموت رجب والله العظيم أتخلعت بيهو زيي زي عديلة والله!»
عندما لمحت التكذيب في نظراتهم صاحت في ريلة:«تعالي شغلي السوار وده وشوفيني لو بكذب.. والله العظيم م عندي علاقة بموت رجب!»، تبادل هيثم مع ريلة نظرات صامتة ونظرا لشهال في هدوء.. القضية لم تحل بعد.. لاتزال القضية مبتورة!..
~•~•~•~•~
روح ❀Rσσh
~•~•~•~•~
«أنت ح تصدق الكلام الفارغ القالته الزفتة دي؟، دي اعترفت بتلاتة جرايم قتل.. ح تصدق أنها م قتلت ده؟» قالها يس بانفعال وهو يحاول أن يعترض طريق شهال ليزفر شهال بضيق:«أنت م قادر تفهم؟، زولة اعترفت بتلاتة قضايا أيش معنى دي ح تنكرها لو كانت عملتها بجد؟!»، عض يس شفته السفلى بغيظ.. كلما هنأ نفسه بإنتهاء هذه القضية التعسة.. أتاه شهال ليقتل آماله في مهدها!، صداقته بشهال لم تعد تعني ترقيته كما تعني تدميره!!..
كانت تبادل زوجها نظرات ذات مغزى فهمها الطرفان، لابد لهما من إبلاغ شهال عن بعض تحرياتهما السرية التي أقاماها وفق تخطيط نفسي مفصل قامت به ريلة لجميع سكان منزل آل الزين!، مستسقى من روايات الممرضات اللواتي يجاورن منزل الزين، ومن إحدى خادمات صباح الشخصيات ومن ضحى أيضًا!، شقيقة صباح الصغرى وصديقة سابقة لنجلاء زوجة سعد!..
عليهم وضع الأمور في نصابها ووضع المتهم التالي في فخ الإعتراف.. بإيجاز: عليهم وضع خطة محكمة!..
كان آذان العصر عاليًا مجلجلًا للآذان التي تقف قرب الجامع حتى تكاد تصمها، كان أسامة خارجًا من المسجد وهو يثرثر مع صهره محتجًا من طيش شباب هذه الأيام، وأخبره بصراحة عن رأيه في صديقه قليل الذوق ذاك، وللحق.. بدأ شعور غيظ وكره غريب يتكونان فيه تجاه الضيف الغريب غير المسؤول الذي لم يحضر!..
اتسعت عينا خالد وهو يرى شهال قادمًا نحوهما، ليعتذر شهال بسرعة:«كنت في المديرية يا خالد والواطة مقلوبة عندنا، حتى م قدرت اتصل بيك وتلفوني أنت عارفه بالظروف الزي دي بكون وين!»، ربت خالد على كتفه قائلًا بإبتسامة حانية هادئة:«ولا تشيل في بالك يا شهال، بس نحن قلقنا عليك يا أخي نحن راجينك والله أسامة ده كان متحمس يشوفك!»
ولم يبدو على أسامة أي حماس من قول خالد.. بل ارتسمت ابتسامة سمجة على شفتيه:«ويا ترى القلب المديرية يوم الجمعة شنو؟، ولا م في ضابط غيرك فيها؟»، ابتسم خالد بتوتر.. أسامة أطلق لسانه اللاذع نحو صديقه الذي يبتسم بهدوء!، لقد أدرك شهال ومنذ اللحظة الأولى أنه يقف أمام والد التوأم.. والد شذروان.. شيراز الصغيرة كما يحلو له أن يسميها في نفسه!، ولكن هل هذا الرجل يبغضه فقط لأنه تخلف عن حضور دعوته؟..
أجاب بهدوء:«في الحقيقة القضية ليها أهمية خاصة، لأننا عرفنا أخيرًا الضرب نار على التوأم منو!..»، اتسعت عينا خالد وأسامة معًا، ثم دعاه أسامة لمنزله ليسمع التفاصيل!..
عندما عاد ريلة وهيثم لشقتهما وهما يحيكان المكيدة معًا.. وجدا صفًا طويلًا من السيارات رباعية الدفع السوداء، سيارات تدل على شخصيات هامة تزورهم الليلة، خاصة أن في لوحة إحداها كتب "الداخلية"!، ونما تصور واضح معروف عن زائرهم الحالي!..
___________________________

{قضية مبتورة وزيارة الداخلية...}
___________________________
*¹يقصد به الوقوع في ورطة والقبض عليهم.
___________________________
*لكي لا يهجر:

بسم الله الرحمن الرحيم
"وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا  (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا  (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا  (74) أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا  (75) خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا  (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا  (77)"
********************
•بقلم: تسنيم العوض المسلمي
*روح*..

~•~•~•~•~
روح ❀Rσσh
~•~•~•~•~
#يتبع..

القضية المبتورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن