الفصل الثاني والعشرون "الأحداث تتحرك/ تحقيق وخطبة!"

43 4 0
                                    

22
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
"الطاقة اللا مرئية تتحكم بالطبيعة!"
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~

ابتسمت ريلة بحنان وهي تضع يدها على كف عايدة قائلة:«الليلة كيف يا عايدة؟، م أحسن؟»، لم تتوقع ريلة أن ترد عليها.. لذا لم تتعجب عندما وجدت عايدة لاتزال تحدق في السقف.. وجه شاحب.. أعين زائغة.. أشبه بالموت من الحياة!، أمسكت ريلة بكف عايدة بيديها الاثنتين.. دلكتها بلطف لعلها تعيد لها دفء الحياة وهي تتحدث قائلة:«عارفة يا عايدة؟.. الدكاترة كانوا مانعين لك الزيارة بسبب الحصل المرة الفاتت.. قالوا اتهجمت على دكتورة هنا وكم ممرضة كمان!، وكمان على مرافقة مريضة!»
«عارفة يا عايدة؟، أنا سمعت قصتك من مليون وجهة نظر مختلفة إلا أنت.. عارفة أنا شاكة في وجهات النظر دي كلها، الشايفك ضحية والشايفك مجرمة»، أخذت ريلة نفسًا عميقًا.. وكانت تحادث نفسها تمامًا.. حتى المرآة كانت لتكون أكثر تعبيرًا منها!، ورغم ذلك واصلت ريلة كلامها بشرود :«وأصريت نفحص دمك نشوف إذا في مادة حفزتك تعملي العملتيه ولا لا.. وطلع جسمك مليان مواد كيميائية أكتر مما تتخيلي!»، نظرت لعايدة وهي تبتسم باطمئنان:«لكن م تخافي.. ح نسحب السموم دي كلها إن شاء الله!، بس لو أنت ساعدتينا!»
إدعت التفكير وهي تربت على كف عايدة بعد صمت قليل:«أنت عارفة أنه مفروض نرحلك برضو على المدينة عشان تبدي علاجك في المستشفى؟، الوحدة الصحية م مخصصة تستقبل مرضى في حالتك.. لكن أنا رفضت برضو وراجيني جهاد كبير وشكلات مع مدرائي في موضوعك.. بس برضو م ح أخليك تترحلي!»، نظرت لعايدة بتساؤل:«عارفة ليه؟، لإنه لو م اتعالجت في البلد دي م ح تتعالجي تاني!، الأرض دي فيها أهم حاجة للإنسان.. حاجة بغريزتنا بنحميها، عارفة يا عايدة؟.. أنا مؤمنة أنه الطاقة الروحانية اللا مرئية قادرة تسيطر على حياتنا الحسية الجسمانية، لمن نحب زول ولمن نكرهه.. تصرفاتنا المادية بتكون خاضعة تمامًا لطاقة غير مادية بنتصرف من خلالها!».. وهنا انتبهت ريلة أنها استخدمت معاني كبيرة أثناء استرسالها في الحديث مع نفسها ونست عايدة تمامًا!.. فابتسمت تشرح:«يعني الحاجات الم بنشوفها قادرة تغير من أفعالنا!، وعلاجك أبسط من مراجع الطب النفسي ومن تدخلي أنا ذاتي.. علاجك الحب!»
«الحب بديك سبب تعيشي وتقاومي.. الحب قادر يهزمك ويخليك أضعف من أي حشرة وقادر يقويك تهزمي الدنيا، الحب هو علاجك الوحيد، الإنسان لمن يفقد الحب.. بفقد القدرة على الحياة!»
لازالت عايدة في جمودها تناظر السقف، ابتسمت ريلة وهي تنهض من جوارها وتقول بصوت عالٍ:«منصور.. سعيد.. بخيت، تقدروا تسلموا على أمكم!»، وفي اللحظة التالية كانت أعجب لحظة حدثت في تلك الغرفة السوداء، فقد قفز ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين الحادية عشر والسابعة على أمهم بحب يضمونها ببكاء!، ببطء شديد تغير تعبير وجهها وحلت صدمة كاملة على عايدة، رفعت يديها وهي ترتجف وضمتهم.. ورغم وجهها الشاحب الخالي من الحياة.. إلا أن دفء عام عم الغرفة وهي تبكي وتضم أبناءها إليها!، تبكي وهي تتمسك بهم بشدة.. كأن حياتها متوقفة على وجودهم!..
ابتسمت ريلة بحنان وقد أطمئنت على الأوضاع بشكل عام، خرجت من باب الحجرة وسرعان ما ذبلت ملامحها عندما وجدت زين يبكي بلا صوت قرب غرفة أمه!، بكاء هادئ جدًا!.. سرعان ما مسح دموعه عندما شعر بإقتحام خصوصيته، وهنا تساءلت ريلة بإبتسامة:«م فكرت كويس يا زين؟، أمك محتاجاكم كلكم جنبها هسي!»، عبس زين وجهه وقال بجمود:«اعفيني يا دكتورة.. نحن اتفقنا نجيب العايزين يجوا.. وعديلة صغيرة ماسكاها مرة عمي م بقدر أجيبها!»، رفعت ريلة حاجبها وتساءلت:«أوعى يا زين تكون سمعت لكلام أعمامك وحبوبتك.. دي أمك.. والتحقيق م أدانها لسه والقضاء في صالحها.. فكر كويس!»
أومأ لها وهو يفكر، ابتسمت له بتشجيع وهي تتحدث:«قبل كده اتعاملت مع تاجر قال لي م في تاجر بخش صفقة وهو م كسبان فيها.. أنت تاجر يا زين.. سمعت من عمك سعد أنك تاجر شاطر كمان، أنت فعلًا خسرت أبوك الله يرحمه.. أوعى تخسر أمك من فراغ!، مرات كلمات زي كلماتي دي بتكون فارغة ساي لزول شاف الشفته أنت.. أنا فعلًا م عشت مكانك يا زين ولا عارفة شيء عن احساسك هسي بس م عايزاك تخسر كل حاجة عشان كم معتقد وظن منتشرين حولك.. وسواء هي القتلت أبوك ولا لا.. أنت م في يدك نهائي تغير أنها أمك!..»...
~•~•~•~•~
روح ❀Rσσh
~•~•~•~•~
«في الحقيقة أمل زولة في حالها وم عندها شيء يتقال عليه كده!»، قالتها صاحبة مركز التجميل وهي تفكر بعمق في تصرفات عاملتها الراحلة، وواصلت باستغراب شديد:«حتى أنا والعاملات هنا كلنا كنا مستغربين من خبر موتها بالطريقة دي!»، تساءل شهال:«طيب أنتوا م لاحظتوا أنه بتجيها مكالمات غريبة أو رسائل تهديد؟»
«أبدًا.. م حصل سمعتها بتقول كلام زي ده.. لكن تقدر تسأل البنات الشغالات.. جائز تكون حكت لواحدة فيهم حاجة، خاصة "نهال" كانت قريبة لها شديد»، أومأ شهال ثم عاد ليسأل:«طيب م كان في زول بجيبها الكوافير مخصوص.. يعني مثلًا زبونة تطلبها بالاسم ويكون التعامل فيه نوع من الشبهة أو الكلمات الخفية؟»
صمتت السيدة لعدة دقائق ثم قالت بتفكير:«في مرات كنت بشوف زبونة منقبة بتجي تسأل من أمل وترفض ترفع نقابها نهائي وم بتقعد لأي عاملة تانية.. حتى بترجى الكوافير يفضى خالص بعد داك تمرق مع أمل.. نهائي م قعدت لأمل في الكوافير.. وتقريبًا كانت بتجي كل أسبوع!»
قطب شهال حاجبيه وسأل:«م عارفة أي حاجة عن المرة دي؟ اسمها.. صفة مميزة.. أي معلومة عنها!»، هزت رأسها بأسف، رفع شهال حاجبه الأيسر كدلالة على تفكيره العميق بشأن تلك السيدة الغامضة..
وسأل ما خطر على باله فورًا:«وأنتوا متأكدين أنها سيدة.. مرة يعني؟»، أسرعت صاحبة المركز تتحدث بلهفة:«لا لا أكيد مرة.. نحن م بندخل أي زول ساي والحريم ماخدات راحتهن في الكوافير.. من الاستقبال قدام طلبوا منها تفتح نقابها رفضت واتكلمت عديل.. صوتها صوت مرة وهيئتها ذاتها وجسمها م حق رجال!، لو م كده م كان دخلناها!»، أومأ شهال لها بتفهم وهو ينهض أخيرًا وهو يقول برسمية:«شكرًا على تعاونك يا مدام!»
«لا شكر ولا حاجة.. أنا عملت الواجب بس، إن شاء الله تقدروا تلقوا الحيوان العمل كده في أمل.. بت في عز شبابها.. يشهد الله كنت بعتبرها بتي!»
خارج مكتب المديرة.. كانت الزغاريد تعم مركز التجميل بأكمله عندما هل العريس أخيرًا لرؤية عروسه في يوم خطوبتهما!، كانت صفاء شديدة العصبية والتوتر.. كانت سعيدة!، وأحيانًا تكون هذه اللفظة أكبر مبالغة لوصف الفرح!، كأنها لم ترى يوم حزين من قبل.. كأنها لا تخشى من مستقبل مجهول.. كأنها تعيش الآن والآن فقط!، ابتسمت شذروان ما إن وقعت عيناها على صفاء.. أنها حقًا جميلة!، أجمل حتى مما تتذكره شذروان!، لم تكثر من مساحيق التجميل.. فقط ما أبرز ملامحها الهادئة.. حتى فستانها وحليتها.. طلتها كلها كانت تخطف الأنفاس بالنسبة للنساء دعك من الذكور!، كيف يكون ابن عمها أعمى لدرجة أنه تقدم لها ولم يلتفت لقريبته هذه إلا متأخرًا!، لم تكن صفاء تعجب روان على طول الخط.. فهي تتعامل بتعالي مع شذروان أو كما تقول:"من طرف نخرتها"، فرغم تعاملها الطيب مع والدتها وشقيقاتها في أول تعارف لهن ما إن عرفت شذروان من بينهن حتى بدأت تتعامل معها بطريقة مختلفة تمامًا!، حتى أنها قبل أن تتعامل معهما تسأل بإبتسامة صفراء«أنت روان ولا شذروان؟» ولا تتعامل معهما إلا للضرورة القصوى وإن أجابت بشذروان فهي تتركها مباشرة دون كلام أو تبرير!، وكانت روان تعزي ذلك بقولها وهي تنصح شذروان:«م تتعاملي بطيبة يا بت، هي غيرانة وحاسداك عشان يس اتقدم لك زمان وأنت رفضته!»، وحينها كانت شذروان ترفع حاجبها باستنكار من ذلك التبرير وتقول:«وهي مالها أرفضه ولا أوافق عليه؟»
«بتحبه هي ياختي!»، وحينها كان وجه شذروان يستنكر أكثر لسببين:«هي بسماحتها دي كلها عايزة تعرس يس؟، ثم أنا مال أهلي أتقدمت باسمه أنا!»، ابتسمت روان بعبث:«أول حاجة يس أنت براك المقللة منه.. ضابط وسمح وود ناس ووضعه المادي فوق الممتاز.. وفوق ده كان شاريك!»، حدجتها شذروان بنظراتها لتضحك الأخرى وهي تواصل:«م تعايني لي كده.. بقول لو حصل نصيب يعني هو عريس فوق الممتاز في رأيي، ثم هي م بتغار منك عشان اتقدم لك وبس.. هي بتقارن روحها بك في كل خطوة.. البخلي ضابط زيه يخليها ويجي لشافعة زيك شنو!»، لتتنهد بحالمية وهي تقول:«الحب!»، ضربتها شذروان بقوة حتى صمتت وهي تضحك داخلها على رد أختها العنيف!..
لذلك لم تكن روان لتبدي إعجاب بها حتى لو أعجبتها!، فقط مصمصت شفتيها وهي تلكز شذروان خلسة لتوقف الزغاريد والضحكات قائلة بسخط هامس:«يا بت م تنفعلي قدر ده!، م تستاهل والله.. عادية جدًا حتى أنا م ملاحظة فرق!»، رفعت شذروان حاجبها وهي تقول بإبتسامة مشاكسة:«يا بت أنا كبت معجبة بيها.. أنت م شايفاها ما شاء الله والله التقول من حور الجنة!»
«م تأفوري يا شذروان.. بس عشان أنت طيبة شايفاها سمحة!»، وبدت روان أكثر شخص مستاء من تلك الزيجة!.. عقدت يديها لصدرها وابتسمت باصفرار حتى المباركة كانت من بعيد ونطقت كلمة "مبروك" بقرف! بعد أن تجاهلت صفاء الرد على شذروان التي تمد يدها وهي تبارك لها بسعادة مدعية الإنشغال مع إحدى صويحباتها بتحديد لون طلاء الأظافر!، فقد كان هناك شعور خفي تشعر به روان وحدها.. وهو انتصار صفاء على توأمتها والظفر بابن عمها!، فلو كان قد خطب فتاة أخرى لم يكن ليتكون هذا الإحساس الغريب بالنفور من تلك الزيجة!، فهذه الفتاة ترمق شقيقتها بنظرات تود بعدها أن تفتك بها!، لكنها تعاملت مع الواقع بسلاسة ورضخت لمطلب أمها بإيصال طعام الغداء للعروس في مركز التجميل.. وها هما مجبرتان على المكوث حتى وصول ابن عمهما المحترم عريس اليوم!..
___________________________

{هدنة عامة.. أهكذا إنتهت الجرائم أم هل للمجرم عودة؟}
___________________________
*لكي لا يهجر:

بسم الله الرحمن الرحيم
"وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)"
********************
•بقلم: تسنيم العوض المسلمي
*روح*..

~•~•~•~•~
روح ❀Rσσh
~•~•~•~•~
#يتبع..

القضية المبتورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن