ينشِدُّ للأيامِ مَصرَّعي

131 15 3
                                    

لا تَنسَّ أُمي..
لا تَنسَّ مَظلوميّتها ڤيغاس، ولا أَدمُعها التي نَهَشتْ صَدري
لا تَنسَّ بُكائها للمَرَةِ الأخيرة وهي تُوصيكم بي،
تلك المَرَةُ التي تَمنيتُ لو أَنها لا تَزالُ تَبكيها

ستَموت!، سأَنهَشُ جُرمَكَ بأَبشَعِ الطُرقِ!
خذوه للقصر الآن!!
صاحَ آمِراً الحَرس وسط صُراخ ڤيغاس وتَشبُثه، أرخيتُ رأَسي أَرضاً دونَ شعورٍ لما يدورُ حَولي وكلُّ ما بي يأنُّ أَلماً،
ودَدتُ لو أَنني أتُركني هُنا..
تحتَ المَطر وبينَ الشَجر،
أُنسّى مع الريحِ آخِر الشِتاءِ،
وأَمضي بصيفي للوداعِ والضياع..

بَسمَةٌ تَتبَعُ تراتيلَ القسيس في تلكَ الكَنيسة، أَثلَجت ناري حاجِبَّةً إياهُم عن أَنظاري، فالصَمتُ بعدها دَوى
وعمَّ السوادُ أَحداقي، كـ ليلٍ داكِنَ الغطاءِ عاريّ النجومَ والأقمارِ..
صَلى القسيس هُناك والملائكةُ شهدتْ إياني،
بهذا الهُزلِ حُملتُ دونَ رَحمَةٍ لوسعِ الجحيمِ الآسي..
حيثُ تُركتُ في أَرضِ الغُرفَةِ الدافئة وشيئٌ مِنْ عطرها لفحَّ رياحي!!

عَقدتُ حاجبيَّ مُستفيقاً للبُكاءِ القَنوط للرَجُلِ أَمامي، للأَنفُس الحارقَةِ والأقدامِ الثابته!
لذاكَ الذي يقفُ ببابِ الغُرفَةِ مُكتِّفاً يداهُ مُحدِّقاً بأَعماقي..

أستيقظ..
همسٌ فَرَّ من ثُغر الحارس يُنبئُ الجائر ليَستدير ناحيتي باسِماً بمُكرٍ والوعدُّ بعينيهِ يهزُ عظامي

أُنظري يا عَزيزتي لحال فتاكِ
رعشَةٌ سرتْ فيني حينَ أَردف وبالكاد أستوعَبتُ مَكاني!
رفعتُ رأَسي مُثقلاً للصُداع الذي داهمني مُتجاهِلاً رجاء ڤيغاس ببقائي أَرضاً؛ ورأَيتُها!
تَنظُر للبَعيد من نافذَةِ الغُرفة في مقعدها المُتحَرك، لا تَرمِشُ حتى لوهلَّةٍ، تضمُ بينَ يديها بصماتُ أَصابعي في الليلِ المَرير
تجلّسُ بثوبها شاحِبَ البياض وبشعرها الذي أُسدل بخُصلاتهِ على بهاء مُحياها يَحرِمُني النَظر فيها جيداً

فاسينبيرخ!
نَبستُ بحدّةٍ كاتِماً صُراخي خوفاً لأفزاعِ قُرتي، شددتُ قبضتي بغضبٍ مُتهالِكَ القيامِ بعد محاولاتي الفاشلة بالنهوضِ؛
سُحبتُ بقوةٍ آلمتني لأجثو مُجبراً أمامها وعلى جانِبها يقفُ شامِخَ القوى مُستصغِراً إياني

ودَدتُ لو أَنني أَبكي بضعَ رجائي، فأَرتمي لديكِ بوداعَةٍ مُحتَضِناً يداكِ
مُتعرياً مِنْ كُل مخاوفي وسوادي

ودَدتُ لو أنكِ تَريني الآن بحالي هذا، لعل رَف جِفنَكِ يواسي نياحي..
لكنكِ أَبيتي صوتَ بُكائي، وهجرتي صغري باكِراً قبل شَبابي
تَركتِني وحيداً مُمتَعِضاً لذاتي..
أُجاري سنيني الخوالِ دونَكِ أملاً للُقياكِ

كمانٌ خائِب|Tkحيث تعيش القصص. اكتشف الآن