يُهيئ الدروبَ الفانيَّة

151 14 3
                                    

كيفَ تُراكَ ستغَفرُ لي تايهيونغ؟

أغفِرُّ إليك ماذا؟
صمتٌ تَلى سؤالي مُعرِّضاً بوجهه للنافذَةِ أمامنا يَقضِم شفتيهِ بخمولٍ مُتجاهِلاً وجودي؛ حدقتُ طَويلاً بعينيهِ عَسى أن يَروي فضولي ولكن عَبثاً أُحاول مَعه..

حجبتُ نَظري عنهُ مُغلقاً أجفاني وشيئٌ مِما حَدث مَرَ كـ سرابٍ يُشقي أيامي، شددتُ بسوءٍ لحافي أَضُمُ هُزل جَسدي فيهِ أكثر؛ ودَدتُ المَعرفة لا أكثر!
ودَدتُ سبباً للبؤسِ هذا!
ودَدتُ لو أَنني بحياةٍ أُخرى أغفو بأحضانِ أُمي وأبي..
ألعبُ مع أخي عند شروق الشَمس، نَضحك لكُلِّ تَوبيخ نَسمعهُ مِن والدتي، نهربُ بصُخبنا لوالدي ليَّضُمنا بعطفهِ..
لكنني هُنا..
وحيداً دون أُمي أُعاني أَبَتي وأَخي،
أعاني الليالِ بمرارَتِها دون حُضنٍ يَضمُني..

أشعرُ بالأختناق ينهَمُ حُنجَرتي، وبالبُكاءِ يغتاضُ أَدمُعي..
أَشعُر مِن فرط الشعورِ بالمَوتِ فيِّ يَنتشي!

-

همساتُ طفلٍ باكي أَحرقَتْ بصداها حَطبَ فؤادي، يَركُضُ مُنتحباً لحُضنِ والدَتَهُ وبينَ يديهِ كوب الشايِّ!
تَضُمَهُ لصَدرها مُربَتةً على ظهرهِ تَتلو على مسامعهِ بحنيَّةِ صوتها قصَةَ غُلامٍ آسي، تارَةً تُقَبِلُ عينيهِ وتارةً أُخرى أَنامِلَهُ الرَقيقة..
غَفى الطفلُ بحُضنِها مُلَّطخ الخَدينّ بدموعَهُ الحارقة، يَشهقُ وسطَ نَومَهُ كُل ثانيّةٍ يُنبأُ إياها بمَدى خَوفهِ فـ تَبكي الأُخرى على حالهِ بيأسٍ دونَ فكرةً للنجاةِ؛
صُراخٌ داهَم أَنينُها الخافِتْ لحالِ فتاها لتَنهض بهدوءٍ واضِعةً صغيرها بينَ لُحافِ سَريرها الدافئ مُتقدمةً بخُطاها لذاكَ الذي حَطم وجهها بصَفعَتهِ،
دَمعةٌ فَرَّتْ منها تُمَسد إياهُ مُتألمةً والرُعب في عينيها يكادُ يلتَهِمُ الناظرينَ لهُم

أَما يأستَ مِن حالِنا؟، كُف عَنا رجيتُك!
قالتُ والرجفَةُ تملئ صوتُها الدافئ للواقف أمامها ليشخُر ساخِراً مُبعداً إياها بقوةٍ يجرُ خُطاهُ للصغير النائم يَنهَشُ سَلامَهُ بسحبهِ إياه بعُنفٍ آلمَهُ وأَفزعه، بَكى الصغير خوفاً مُترجياً حادَ العَينينِ بتَركه بينما أجهَشتْ الأُخرى بنياحها تُفزِعُ الصَغير أكثر لسَحبِ الحُراس لها..

أ..أُمي!!
صاحَ مُنتحباً وكل الوجودِ مُتجاهِلٌ وجودي هُنا!، حدقتُ طويلاً بالوجوهِ ولا شيئ يُلمَحُ فيها غيرَالسرابِ والضَباب!
ركضَ الطِفلُ مُنهَمر الدموعِ مُحتَضِناً ساقيّ والدّتهُ خائِفاً حرمانهُ منها، رَكلّةٌ أطاحَتْ بهِ أرضاً حالما زادَ صوتُ بكائهُ لتَصرُخ الأُخرى بريبَةٍ لسُعالِ طفلها الدَم

كمانٌ خائِب|Tkحيث تعيش القصص. اكتشف الآن