٦) جوابًا يا مُسائلي

143 16 114
                                    


{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ } [الأعراف: ١٨٩].
ليسكن إليها، أي أنها سكنه، وهي أولى أن يسعى بها ويؤمِّنها مِن شقة مُلكٍ من ثلاث طوابق!

.
.
.
.
.
.

أحيانًا، قد يكون الدَّالُّ أهمَّ من السائل، فالسائل كان يسأل الجميع، ولكنَّ الدَّال حدد الوجهة.

.
.
.
.
.

الغرفة لم تكن وسيعة أو ضيقة، إذ كان بيد أبي رحمة الله عليه أن يوسع فيها، غير أنه كَرِه فرطة التنعم.

جلسا قِبالي، متجاورَين على الأريكة كستنائية اللونِ بنية الزخارف. أخذتُ لحظاتٍ أحاول أن أفكر في كيفية فتح حديثٍ منمقٍ مع الغرباء...لا أذكر متى كانت آخرُ مرةٍ حدث ذلك.

وجودي هنا هو لاستخلاص الزبدة، واستئصال الحقيقة، واستنباط الحكمة، علي أن أكون صريحًا ومنطقيًّا ومباشرًا تمامًا، حتى أكثر مما أكون في العادة.

كما لو كنتُ المحقق الخاص الذي يلجؤ المفتش له دائما في الروايات البوليسية.

حين طال صمتي ابتدأ هو الحديث يزيل ريبة تفكيري العميق: "إذًا أخي تمَّام، بإمكاني أن أبدأ بسرد كلَّ ما يهمكَ أن تعرفه عني، غير أن ذلك قد يستطيل ويصبح مملا وقد لا أدلي بكل ما قد تريد، لذا، إن فضَّلت يمكنكَ طرح ما شئتَ عليَّ من أسئلة أجيبك عليها صادقًا بعون الله تعالى. أيما الطريقتَين اخترتَ فلن أعارضك!"

بالتأكيد، إنه اجتماعيٌّ حدَّ رقبته...
لو تركت له مجال الحديث فسيفشل في الاختصار، هذه شيم الخطباء المتحدثين قبل كل شيء، كما سيطول لقاؤنا وأستحبُّ أن تَقصُرَ أول زيارة.

همم، عليَّ بالخيار الثاني إذًا.
"الأخير أنسبُ لي"

يأخذ راحته على الأريكةِ دون توتر فتح كفيه لي باسمًا يرفع حواجبه: "سل ما شئت إذًا فذاك حقك!"

يبدو واثقًا جدًّا، كالمجرم صاحبِ حجة الغياب المزورة القوية.

ممتع، إنه النوع الذي أحبُّ أن أمتحنه.

محافظًا على حياد تعابيري سألت مستجيبا: "لمَ تُخفي هويتَكَ في محيطك؟ بل ولمَ تفضل نشر المغالطات بشأن عمرك واسمك وحالتك الاجتماعية؟"

سقط فك الفتى الأصغر حتى وصل الأرض تقريبا.

ماذا؟
ألم يقل لي سل ما شئتَ فذاك حقك؟!

لم تزل ابتسامة الشاب عمرو، غير أنها تبدلت إلى أخرى أكثر جدية. قال قبل أن يجيب: "يبدو أنكَ خضتَ في البحث عني ولم تجد ما يرضيك"

لَو كَانَت رِوايَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن