الفصل _ 6 _

112 8 2
                                    


< تنفيذُ المهمةِ الأولى للوغدِ الأشقر >

يتساقط المطرُ فيغسل أحقاد الصدور وسواد القلوب،
للوقوف تحت المطر لذّة لا يعرفها إلاّ عشاق الشتاء.

في هدوء الشتاء، تتحوَّل قطرات المطر إلى لحن هادئ يروي قصة الأمطار التي أنعشت الأرض.

أن تكون القلوب دافئة في الشتاء أفضل بكثير من دفء لا يطال إلاّ الأجساد.
لا جدوى من الاحتماء بمظلّة الكلمات، فالصمت أمام المطر أجمل.

على نافذتك تتناثر قطرات المطر بهدوءٍ ورقّه وكأنها تهمس في آذاننا بصوتٍ خافتٍ أن تفاءلوا.

وكأن نسمات الشتاء تأخذ أحزان قلوبنا معها عندما تهب.
عندما يتساقط الثلج، يبدو العالم وكأنَّه لوحة فنية، يرسم فيها الطبيعة بألوان بيضاء ناصعة أحلامها.

يكره الشتاء من لا يملك ذكريات دافئة يحمي بها قلبه من برده.

كانتْ تقفُ أكيكو على بعدِ خطواتٍ من المحطةِ العامة للقطار، تشاهدُ توافد الناسِ وإسراعهم للحصولِ على مقعدٍ داخلهُ..

لم يكنْ هناك هدف من وقوفها طول الساعةِ الفائتة سوى التمتعِ بنسمات الهواءِ القارصةِ لأجواء موسكو الصقيعية..

رنّ هاتفها مراتٍ عديدةٍ..أخرجتهُ من جيبِ سترتها السوداء الواسعةِ وفتحت الخط..

بقيتْ صامتةً حتى أتاها صوتُ جدّها الهادئ:"صباح الخير أكيكو "

تناظر الناس بإبتسامة خفيفة مرسومةٍ على شفاهها الكرزية المتورمة من البردِ الشديد:" كيف حالك أيها العجوز؟"

زفر الهواء بذيقٍ وحنقٍ ليردّ:" جيدٌ جدًا!! هل تسير الأمور معكِ على مايرام؟"

همهمت لهُ:" إنه يومي الأول لم أبدء العمل بعد، لدي طلب صغير منكَ.."

سادَ صمتٌ طويلٌ بينهما:" كلّي آذانٌ صاغية "

وقفت من مضجعها تهبّ في السير ببطئ في شوارع روسيا الغائمة:" أرسل شخصا للمحكة العليا وقدم طلب إستقالتي من العمل، أريد أن أكون محاميةً بدلَ قاضية..لذا تعرف ما يتوجبُ فعله؟ "

لم يتردد ثانيةً في سؤالها:" تتركين منصبًا كهذا ما سبب ذلك؟ "

قلبت عيناها بمللٍ لتضيف:" لا تسأل عن شيئ لا يخصك أيها الخَرِف..المهم أريدها اليوم مساءً لأشرع في تأسيس مكتبي هنا..على كلٍ إلى اللقاء "

أقفلت الخط دون سماعِ إجابته كانت قد وصلت بالفعلِ إلى السيارة التي إشترتها قبل دخول أراضي روسيا أصلًا مع الشقة البسيطة في حيّ شعبي هادئ..

THE FLOWER OF DEATHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن