البداية

227 14 12
                                    

عزيزي القارئ، الآن هي فرصتك الأولى و الأخيرة للإختيار، إمّا أن تنسحب و تنفذ بجلدك، أو أن تتحلى بالشجاعة و تتحدى خوفك و تبدأ في قراءة هذه الرواية.
لستُ مسؤولة عما سيحدث لك، عندما يتزايد شعور الخوف في صدرك، و تتسارع دقات قلبك.

لازلت هنا؟ إذن فلتبدأ الرحلة الشيّقة في دهاليز الخوف. إذا سمعت صوتا فتجاهله، و إذا لمحت ظلا بطرف عينك فلا أنت لم تلمح شيئا.

(بعض الأحداث حقيقيّة 100℅، ليست لأصحاب القلوب الضعيفة.)
________________________

بعد يوم دراسي طويل في الجامعة، ارتميتُ على سريري ألتمس الراحة. نظرتُ إلى ساعتي، العقارب تشير إلى الساعة التاسعة والنصف مساءا. طفقتُ أحدّق في سقف غرفتي في المبيت الجامعي أتذكر ما فعلتُ وما حدث معي طوال اليوم: دروس ومحاضرات من الساعة الثامنة إلى الساعة الحادية عشرة، بعدها ساعة الغداء، ثم العودة للدروس والمحاضرات حتى الساعة الرابعة. و بعد ذلك يأتي وقت العشاء في المطعم الجامعي على الساعة الخامسة والنصف، ثم إنتظار الحافلة والعودة إلى السكن أخيرا.
في السكن : صلاة وتنظيف وغسل وإعداد لملابس وكتب اليوم التالي..
وها أنا الآن مستلقية على سريري منهكة جسديّا ونفسيّا..أفكر في دراستي ومستقبلي، وما آلت إليه حياتي حتى هذه اللحظة... النجاحات والاخفاقات، البدايات والنهايات، الخسائر والأرباح وما الى ذلك.. أمسكتُ هاتفي وبدأتُ أتصفح مواقع التواصل الإجتماعي و أُدردش مع أصدقائي قليلا، ثم بعدها شاهدتُ فلما حتى قاربت الساعة منتصف الليل، عندها تهيأت للنوم. غير أن صوت إشعار صدر من هاتفي حال دون ذلك.
نقرتُ على الإشعار فتلوّنت شاشة هاتفي بلون أحمر و ظهرت جملة في المنتصف باللون الاسود تقول:" لاحظنا أنك تبحث كثيرا في محركات البحث عن الظواهر الخارقة والاحداث الغريبة و الغامضة، و بما أننا مختصون في هذا المجال، فنحن نريد تقديم العون لك ونريد اطلاعك على حقيقة هذه الخوارق وأصولها. أنقر هنا لقراءة المزيد.."
تعجبتُ مما قرأت لكنّي لم أعره انتباها كثيرا و أغلقت الهاتف ونمت. في اليوم التالي وفي ساعة الغداء، كنت جالسة أتناول طعامي عندما سمعت صُدفةً فتاة تخبر صديقتها عن الرسالة الغامضة التي وصلتها في الليلة الفارطة وكيف أصبحت شاشة هاتفها حمراء اللون فجأة والجملة التي ظهرت في المنتصف.. عقدت حاجبيّ والتفتّ إلى الفتاة أستمع إلى بقية حديثها.

" أُقسمُ لكِ يا "نور"، لقد تلوّنت شاشة هاتفي باللون الأحمر ثم ظهرت جملة في المنتصف باللون الأسود تقول : " لاحظنا أنك تبحث كثيرا في محرّكات البحث عن الظواهر الخارقة والأحداث الغربية والغامضة، وبما أننا مختصون في هذا المجال، فنحن نريد اطلاعك على حقيقتها و أصولها.. "

استغربت كثيرا، و دخلتُ إلى قائمة الرسائل والإشعارات حالما سمعت كلامها، فوجدت الإشعار الذي وصلي البارحة لا يزال هناك، و كان فعلا يحتوي على نفس ما قالته الفتاة. فجأة، وصلتني رسالة أخرى من نفس المُرسل تقول : " هل تظن أنّ ما يحدث لك مجرّد صدفة؟ هل حاولت إقناع نفسك بأنّ الأصوات التي تسمعها، والخيالات التي تراها، هي فقط في رأسك؟ حسنا عزيزي القارئ دعني أخبرك بأن الأمر أكبر بكثير مما تعتقد. في الواقع لا يوجد شيء إسمه صدفة، كل شيء يحدث في حياة الإنسان لسبب ما."
ثم بعدها رسالة أخرى: "هذه هي فرصتك الوحيدة. انظمّ إلى نادينا "نادي الواحدة بعد منتصف الليل" لتعلم الحقيقة.."
عند هذه النقطة، بدأ الأمر يُزعجني. من هذا الشخص الذي يُرسل لي هذه الرسائل الغريبة منذ البارحة؟ وكيف عرف بالأشياء التي بحثتُ عنها في محرّك البحث؟
خرجتُ من المطعم الجامعي وعُدت إلى الجامعة لحضور المزيد من المحاضرات، ثم توجّهتُ إلى المكتبة على الساعة الرابعة لكتابة بعض المقالات، وأخيرا، عُدتُ إلى السكن على الساعة السادسة. و كالعادة، قضيت صلواتي الفائتة ورتبتُ غرفتي، بعدها اتصلتُ بعائلتي وتكلمنا قليلا عن أجواء الدراسة بعد مرور ثلاثة أسابيع، والمدينة التي أدرس بها، وأصدقائي وأساتذتي..
لاحقا بعد صلاة العشاء، أعددتُ قهوة وجلست على كرسيّ في الشرفة أستمتع بنسمات المساء اللطيفة وأشاهد السّيارات والناس يمرّون بإنتظام جيئة و ذهابا. غير أنّ تعبي أفسد عليّ مُتعتي الصغيرة فدخلت إلى الغرفة ورتبتُ كل شيء ثم أغلقتُ الإنارة ونمتُ. أنا من فئة الناس الذين لا تُؤثر فيهم القهوة في الليل، ولا تُبقيني مستيقظة بل تُشعرني بالنعاس.

يُقال أنّ هُناك ليلة واحدة على الأقل في حياة كل إنسان تقلب الموازين رأسا على عقب، ولا يعود بعدها كما كان أبدا.. وليلتي أنا كانت في هذا اليوم. أيقظني من نومي اتصال صديقتي "رؤى" بي على الساعة الواحدة و الربع، والتي كانت تسكن معي في نفس السكن الجامعي. أجبتُ على الهاتف فإذا بها تُخبرني بصوت أشبه بالهمس بأن شخصًا ما يطرق باب غرفتها. طلبت منها أن تفتح وتنظر من الطارق فقالت بأنها فعلت ذلك بالفعل لكنها لم تجد أحدا.. و تكرر الموقف مرتين او ثلاث مرات. في البداية ظنّت بأنّ بعض البنات يقومون بمقلب بها لكنهنّ جميعا كنّ نيامًا. كانت خائفة جدا، فحاولتُ تهدئتها وطلبتُ منها أن تنتظر قليلا ريثما ألبس ثيابي وأصعد إليها. وما إن نهضتُ من فراشي حتى سمعتُ طرقا على باب غرفتي كاد يوقف دقات قلبي. كنتُ لا أزال على الهاتف مع "رؤى"، لذلك فقد سَمِعَت الطرق أيضا. توجهتُ نحو الباب و فتحته فلم أجد أحدا. هنا أحسستُ بأنّ الدم تجمد في عروقي. حاولت ان أجمع ما بقي لي من شجاعة و ارتديتُ ثوبي و حجابي و صعدتُ جريا لغرفة صديقتي و بقينا نتلوا آيات من القرآن الكريم و نستغفر حتى نمنا. لقد كانت "رؤى" تعاني من الخوف الشديد بسبب صدمة تعرضت لها في صغرها عندما كانت و عائلتها يسكنون في منزل يُقال بأنه مسكون بالجن. لذلك فأقلّ و أصغر الأشياء و الأصوات تُصيبها بالذعر. استيقظتُ على الساعة السادسة صباحا و أيقظتُ رؤى معي قبل أن أعود إلى غرفتي لأصلّي و أتجهّز لليوم الدراسي.

إعترافات 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن