طريق الغابة

44 12 1
                                    

عندما نزلنا، اتجهنا إلى الإدارة و قصَصْنا على نائب المديرة ما حدث و طلبنا منه رُؤية كاميرات المُراقبة. و المفاجئة أنّ الكاميرات لم تلتقط أيّ حدث مُريب أو غير اعتيادي. أثار ذلك دهشتنا و لم نعلم ماذا نفعل، أو كيف نبرّر ما قلناه للنائب، لذلك أجّلنا النظر في الموضوع إلى وقتٍ لاحق و ذهبنا إلى الجامعة. في الطريق، وصل إشعار إلى هاتف "رؤى" يحتوي على نفس الرسالة التي وصلتني أنا والفتاة من المطعم، فنظرنا إلى بعضنا البعض بتعجّب، و زاد تعجبها هي عندما أخبرتُها بأنها ليست الوحيدة التي تتلقّى تلك الرسالة. دخلتْ "رؤى" إلى قاعة الدرس، و بقيتُ أنا في مقهى الجامعة أحتسي قهوتي و أُفكّر. ما هذا الذي يحدث معنا؟ هل هو مقلب من أحد الطلاّب في الجامعة؟ أم أنّ المبيت مسكون بالجن؟ أم ماذا؟
عاودتُ الدخول إلى الرسائل الغامضة التي وصلتني قبل يومين و ضغطتُ على الرابط المرفق لها. فظهرت أمامي خريطة عليها إحداثيات لمكان ما و في الأسفل لمحتُ ملاحظة تقول: "مرحبا بك، هذا عنوان نادينا "نادي الواحدة بعد منتصف الليل"، والذي سيساعدك على مواجهة خوفك و معرفة أسرار قد تُغيّر مجرى حياتك. إتّبع الإحداثيّات على الخريطة و قابلنا هناك. رُبما قُدومك سينقذ حياتك."

على قدر ما أثار ذلك قلقي، على قدر ما أثار فضولي. لذلك بعد تفكير، عزمتُ على تنفيذ هذا الأمر و وضع حدّ له أخيرا. و عليّ أن أعترف، لقد كان هذا أجرأ و أخطر شيء فعلته في حياتي. عندما انتهى اليوم الدراسي، أقنعتُ "رؤی" بصعوبة بأن تذهب معي. وبالفعل في المساء، انتظرنا حتى نام الجميع و حتى عاد الحارس الليلي إلى غرفته، و تسلّلنا من غرفنا وتسلّقنا الحائط الخلفي وقفزنا من فوقه نحو الطريق الرئيسي. فتحتُ هاتفي و ألقيتُ نظرة على إحداثيّات الخريطة. كان المكان المقصود قريبا من السكن الجامعي، غير أنّ الفاصل بينهما هو الغابة.
كانت الساعة حينها الواحدة إلاّ عشرون دقيقة.
تتبّعنا الإحداثيات التي قادتنا إلى طريق ترابي طويل وضيّق محاط بالأشجار قبالة السكن الجامعي، أين وجدنا مصابيح ذات إضاءة خافتة بين كل شجرتين أو ثلاثة أشجار، و "رؤى" متشبثة بذراعي طوال الطريق و قلبها ينبض بقوة.

في الواقع، لم أكن أقلّ خوفا منها، فنحن في مكان خال من السكان، في ساعة مُتأخّرة من الليل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

في الواقع، لم أكن أقلّ خوفا منها، فنحن في مكان خال من السكان، في ساعة مُتأخّرة من الليل. أيّ عاقلٍ قد يفعل هذا؟
لكن من جهة أخرى، إذا لم ننفّذ ما طلبه منّا هذا المُرسل المجهول، فهو بالتأكيد لن يكفّ عن إزعاجنا، بل و سيتمادى أكثر.
بعد عشرة دقائق، خرجنا من الطريق الترابي لنجد أنفسنا أمام بناية كبيرة ذات باب حديدي، معلقة على جانبيه عدة مصابيح.
توقفتُ قليلا أجول في المكان بعينيّ، و "رؤى" تطلب منّي كل دقيقتين أن نعود أدراجنا. قرأتُ آية الكرسي و المعوّذات بسرعة، ثمّ قلت بصوت مسموع: " أنا هنا. لقد أتيتُ. هيا أُخرجوا ولنتحدّث وجها لوجه."

لم أعلم لم قلتُ ذلك، ربما لأنني ظننت أنّ بعض الطلاب سيخرجون من وراء البناية أو الأشجار و سيصرخون في وجوهنا ضاحكين و سينتهي كل شيء هنا، لكن ما حدث كان غير متوقّع.

إعترافات 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن