الحدوتة ال٢٤

87 13 3
                                    

_هاجر أنتِ بتعملي إيه
بعدت المخدة عن وش ليل بسرعة واتكلمت بخوف منه:
_أنا..
قاطعني:
_أنتِ بتخـ.ـنقي ليل! بتخـ.ـنقي بنتك!
بدأ يقرب مني وأنا ببعد بخوف لحد ما لزقت في الحيطة، سحب السكـ.ـينة اللي كُنت همـ.ـوتني بيها من أيدي واتكلم بصوت عالي وعصبية كان مصدوم وكأن جردل ماية ادلق عليه في عز التلج!:
_السكـ.ـينة دي بتعمل إيه في أيدك! وأيدك بتنـ.ـزف كدا ليه!
محستش بعدها بحاجة من حواليا الأرض مكانتش شيلاني ساعتها، أو يمكن الدنيا هي اللي مش مستحملاني ومش عايزاني!

قومت من النوم مخضوضة، معقول هعمل كدا معقول ممكن أمـ.ـوت بنتي! سمعت صوتها كانت بدأت تعيط، روحت وقفت قصادها من بعيد، كُنت خايفة ألمسها، صوت عياطها بيزيد، وزين نايم، وماما روحت بيتها خلاص وأنا مش عارفة أتصرف!
اتكلمت بزعيق:
_اسكتي بقى اسكتي إيه مش بتفصلي!
صوت عياطها زاد، أنا بدل ما أهديها أذيتها، أنا مستاهلش أني أكون أُمها!
قعدت على الأرض وبدأت أعيط، فصوت عياطها كان بيزيد، وأنا أعيط أكتر، لحد ما زين صحي من النوم  مفزوع وقام وقف قصادي:
_في إيه
صوت في وشه:
_معرفش اسكتوا بقى اسكتوا
بصلي باستغراب وهو بيشيل ليل:
_هو إيه اللي معرفش! هو مين الأم والست فينا!
_أنا الزفتة الأم، أنا اللي مطلوب مني أعمل كل حاجة، أرتحت كدا!
قولت كدا وخرجت برة الأوضة، وسمعت صوته
_أنتِ بقيتي لا تُطاقي على فكرة
دخلت الحمام ورزعت الباب وريا، فتحت ماية البانيو؛ عشان ميسمعش صوت عياطي وقعدت على البانيو، وبدأت أعيط كعادة كُل يوم، من ساعة ما خلفت
بعد فترة خبط على الباب:
_مامتك بترن
فتحت الباب بسرعة ونتشت التليفون منه
رديت بلهفة عليها وأنا بدخل أوضة تانية وبقفل الباب عليا:
_أيوا يا ماما
_أيوا يا حبيبة ماما، أخبارك إيه دلوقتي!
_تعبت يا ماما، ومش عارفة اتصرف، أنا تايهة!
_يا حبيبتي ده عادي، إي ست بتبقى تايهة في أول خلفة ليها، وبتبقى تعبانة، بس فرحتها بعيلها بتنسيها كل التعب
_بس أنا مش فرحانة!
_يا بت ازاي مش فرحانة، هو في واحدة تبقى مش فرحانة بعيلها!
غمضت عيوني:
_ماما هو ممكن تجيلي تاني بكرة الصبح؟
_لحقت أوحشك؟ ده أنا لسة ماشية من عندك من ٤ ساعات
مردتش فكملت:
_وبعدين كدا ميصحش بقالي شهر ونص قاعدة عندك، وجوزك راجل ومن حقه ياخد راحته في بيته
كملت بضحكة بسيطة:
_وبصراحة أبوكي وحشني
_خلاص هجيلك أنا
_طب وجوزك!
رديت عليها بحيرة:
_هو مش صغير، أكيد هيعرف يتصرف اليومين دول، صح؟
_براحة عليه، مش كفاية أنك مزعلاه!
ابتسمت بأنهزام:
_خلاص يا ماما، خلاص
قفلت مع ماما وخرجتله كان قاعد على الكنبة وماسك الفون، وأول ما حس بيا وجهلي الكلام وهو باصص في الفون:
_كانت محتاجة تغير مش أكتر
_أنت متصل تشتكيني لماما يا زين! وأنا أقول غريبة أنها تتصل في الوقت ده وهي عارفة أننا بنبقى نايمين
نتشت منه الفون اللي كان بيبصله ومش مديني إي أهمية
كملت كلامي بصوت عالي:
_هو ده أننا منطلعش أسرار بيتنا برة! أخرتها رايح تشتكيني زي العيال!
قام وقف:
_وطي صوتك، أنا مصدقت أنها نامت
كمل بسخرية:
_مع أن ده دورك
_أنت ليه محسسني أنها بنتي لوحدي! ما هي بنتك زي ما هي بنتي، محملتش فيها مع نفسي يعني!
_أنتِ عايزة إيه من الأخر كدا
_أنت بتكلم ببرود كدا ليه! مش كفاية أنك رايح تشتكيني ولا أكني عيلة ومعملتش الواجب!
قرب مني:
_بس أنتِ فعلًا معملتيش واجبك، أنتِ مهتمتيش ببنتك
غمضت عيوني من قسوة كلامه عليا، هو يقصد أني أم فاشلة!
_قصدك أني ست فاشلة وأم فاشلة! طب ما أنا فعلًا كدا، يا أخي حس بيا أنا واحدة اتقالها أول ما تولدي هتحسي بمشاعر حب، هتحسي بلهفة بس أنا محستش بكدا، فضلت قاعدة مستنية المشاعر دي بس الغريب أني حاسة بخوف وبس! بقيت علطول قاعدة زعلانة، وطبعًا لازم أعيط وكأن العياط ده مقرر عليا يوميًا! الكُل شايفني بدلع ومش بحمد ربنا على النعمة سواء ماما أو طنط مامتك، حتى أنت ضاغط عليا وشايفني بدلع بدل ما تكون الشخص اللي يهون عليا، أنا قولتلك من الأول مش مستعدة أني أخلف دلوقتي، ولما حملت حمدت ربنا وقولت نعمة في غيرنا مش لقيها، بس مُجرد ما قولت أني كُنت عايزة الموضوع ده قدام شوية بقيت بتبطر على نعمة ربنا، محدش أحترم خوفي، حتى أنت!
قرب مني فبدأت أبعد:
_زين أرجوك متقربش مني، أرجوك متلمسنيش
قولت كدا وبعدها قعدت على الكنبة وبدأت أعيط، محدش حاسس بيا محدش فاهمني، أنا نفسي مش فهماني!
فضل واقف قصادي والندم كان مالي عينه
أتكلم بخضة:
_أيدك بتترعش كدا ليه!
_معرفش معرفش
راح المطبخ بسرعة وخرج وفي أيده كوباية ماية، ومدهالي علشان أشرب، بصيت على أيدي اللي بتترعش وبصتله، فنزل قعد قصادي على الأرض وبدأ يشربني الماية
_عايزة تاني؟
هزيت راسي بمعنى لأ فحط الكوباية على الترابيزة، وجه قعد جنبي وحضني بهدوء، حاولت أخلص نفسي من حضنه، بس مقدرتش لحد ما استسلمت لحضنه، وواحدة واحدة شعور الراحة والأمان بدأ يتسربلي.
_أحسن كدا!
قال كدا بعد ما الرعش وقفت ، فخرجت من حضنه وهزيت راسي بمعنى آه
رجع ظهره لورا وحرك راسي وحطها على صدره، وأيده التانية لفها على وسطي:
_خليكِ كدا، مش أنتِ دايمًا بتقولي أنك بترتاحي كدا
بصتله بهدوء ونظراتي عبارة عن أمتنان فابتسم وبدأ يلعب في شعري، معرفش فضلنا كدا قد إيه بس كل اللي أعرفه أني أخيرًا ارتحت!
قطع سكوتنا سؤاله:
_هاجر هو أنتِ مكنتيش عايزة تخلفي مني!
بصتله باستغراب وقبل ما أرد عليه كان صوت عياط ليل مالي الشقة فبصتله بخوف
ابتسم:
_أدخلي نامي أنتِ وملكيش دعوة
____________________
صحيت من النوم على صوت عياط ليل، بصيت جنبي على السرير وملقيتش زين، ففهمت أنه نزل الشغل، قُمت من على السرير بتقل، ووقفت قصاد سرير ليل، بس الغريب أنها مكانتش فيه!
خرجت من الأوضة بسرعة، فلقيت زين واقف في الصالة وشايل ليل و بيشربها اللبن
ابتسم:
_صباح الخير
_صباح النور، مروحتش الشغل ليه!
_قولت اقضي معاكِ اليوم، أصلك بصراحة وحشاني
مردتش عليه فكمل:
_وبنت الهبلة دي بتوحشني
رفعت حاجبي:
_كدبت أنا! مش أنتِ هبلة بردو؟
_شكلك صاحي فايق ورايق
_ هنقر بقى، هنقر
_هتفطر إيه
قولتله كدا وأنا راحة المطبخ
_سبقتك يا قمورة وحضرتلنا الفطار
قال كدا وبعدها حط ليل اللي نامت على الكنبة
_عملت الفول زي ما بتحبيه، أدخلي الحمام يلا وتعالي
ابتسمتله بهدوء ودخلت الحمام، وبعد فترة خرجت وروحتله المطبخ
_أساعدك في إيه
_خلاص أنا خلصت كل حاجة يا حبيبي، ممكن تودي الصنية مش أكتر
خدت الصنية من على الرُخامة، وخرجت برة المطبخ
_إيه اللي وقع!
قال كدا بعد ما خرج علطول من المطبخ؛ بسبب صوت الصنية
_أيدك بتترعش تاني!
قال كدا وبعدها قعدني على كُرسي السفرة، وجابلي ماية وبعد ما شربني بدأ يلم في الأطباق اللي واقعة
جه قعد جنبي بعد ما خلص لم في الأطباق:
_أنتِ بتعيطي!
مردتش عليه فكمل:
_طب بتعيطي ليه فهميني
_معرفش معرفش، أنا مبقتش فاهمة إيه اللي بيحصلي!
_طب ممكن تهدي، أحنا كدا كدا هنروح للدكتورة أنهاردة ونبقى نقولها
مسحت دموعي:
_لأ ملوش لزوم أننا نروح للدكتورة، الموضوع بسيط وهيعدي، مش أول مرة هي
_هي الرعشة دي حصلت قبل كدا غير أمبارح وأنهاردة!
_بقالها أسبوع
رد بحدة:
_ومقولتيش ليه يا بنت الناس
_زين أنا إي حاجة كُنت بقولها أخر فترة كانت بالنسبالكم كلكم دلع
_أيوا بس...
قاطعته:
_بس إيه يا زين!
_أنا أسف
_________________________
_الحمدلله كُله تمام، سواء المدام أو ليل
_الحمدلله، بس هو في حاجة غريبة بتحصل مع هاجر أخر فترة
_زي؟
_علطول مخنوقة، علطول بتعيط، عندها أرق ديمًا، يمكن أول مرة تنام عدد ساعات كويسة كان أمبارح، مش بتاكل نهائي، علطول متعصبة ودي مش طبيعتها أصلًا، مشاعر الخوف هي اللي مسيطرة عليها، لدرجة أنها ملمستش ليل لحد دلوقتي! أنا كُنت فاكر الموضوع شوية هرمونات وعادي يعني، بس بدأت أحس أن الموضوع مش عادي! دي بقالها شهر ونص كدا!
_هو فعلًا الموضوع هرمونات يا أستاذ زين، بس هرمونات مش عادية، دي هرمونات أدت لأكتئاب ما بعد الولادة
بصيت لزين بخضة فكمل كلام مع الدكتورة:
_أكتئاب ما بعد الولادة ازاي يعني! يعني إيه أصلًا!
_أكتئاب ما بعد الولادة بيكون تغير في الهرمونات  كبير ومفاجئ في هرمون الأستروجين والبروجسترون الموضوع بيبقى فجأة وبالأخص في الولادة الأولى، وبيكون صعب على الست لأن جسمها أول مرة يتعرض للتغير المفاجئ ده، الحقيقة أن ده مش تخصصي ده تخصص الدكتور النفسي، واللي لازم هاجر تلجأله عشان الموضوع ميتحولش لذُهان، وفقد السيطرة على العقل
مسكت أيد زين بخوف:
_متخافيش كدا يا هاجر، ده بيحصل لواحدة من كل سبع ستات، وبيبقى في السنة الأولى وتحديدًا في الأسابيع الأولى، وبتبقى أعراضه شبه أعراض الأكتئاب العادي
_طب هي أيديها بقالها أسبوع بتترعش بشكل غريب..
قاطعته:
_الرعشة ليها كذا سبب ومنهم السبب النفسي
كملت بأبتسامة:
_على العموم أنا هقولك على دكتورة نفسية كويسة، وهكلمهالكم

حواديت هاجرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن