الفصل الثالث عشر

2.4K 66 3
                                    


نظروا إليه بصدمة فأقترب منه "عامر" وعيناه تذرف الدموع وقال بعدم تصديق:
- أنت بتقول ايه لا مستحيل تكون ماتت بنتي لسه عايشة متقولش أنها ماتت.
تحدث الطبيب بنفي: لا لا أنا مش قصدي على بنتك هى عايشة.
أقترب منه "عمران"و بطرفة عين أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب:
- أنت متخلف يبنادم أنت هو أحنا مستحملين علشان تلعب بأعصابنا ماتنطق على طول هو فى ايه .
الطبيب بتوتر: أنا كنت بعزيكم فى طفلها اللى مات أصلها كانت حامل.
دفعه "عمران" إلى الحائط ثم أبتعد عنه، بينما "عامر" أخذ يتسأل بتعب:
- لو سمحت أحنا مش فاهمين منك أى حاجة طفل ايه وبنتي حالتها عاملة ايه.
عدل الطبيب هدومه وقال بخوف وهو ينظر إلى "عمران" : المدام كانت حامل وسقطت وده بسبب الاعتداء العنيف اللى حصلها من ضرب غير أدامي سبب كدمات كتيرة فى جسمها ودا غير أن فى أثر لتعذيب قديمة على جسمها أتعرضت له قبل كدا .
تحدث "عامر" بصدمة:
-أثر لتعذيب قديمة قصدك أن بنتي كانت بتتعرض للضرب وأنا كنت غافل عن ده كله.
نظر إليه الطبيب بشفقة: لازم يتم عمل محضر بالكلام ده ف أنا هبلغ الشرطة.
تحدث "أدم" هذة المرة قائلاً:
-ملهوش لازمة تعبك يادكتور حضرته يبقى لواء فى الداخلية وأحنا هنتولى الأمر ده لكن طمني أكتر على أختي.
الطبيب بهدوء: متقلقش حالتها مستقرة هى دلوقتى واخده مخدر وشوية وهتفوق منه ومش عايز اقولكم حالتها هتبقى عاملة ازاى لما تفوق لان اللى مرت بيه مكنش شئ هين عليها..عن اذنكم.
تحدث "عامر" قائلاً: أنا هدخل أشوفها .
اومأ "عمران" رأسه بالإيجاب بينما "أدم" أقترب منه وقال:
- ممكن بقا تفهمني إيه اللى حصل ووصل فيروزة للحالة دى ورائف جوزها فين مابنش ولا يعرف أى حاجة عن مراته ولا سأل عنها حتى أنا مش فاهم أى حاجة من اللى بتحصل ياعمران الدنيا حاسسها اتلغبطت معايا.
نظر إليه "عمران" بأرهاق وقال: حاضر ياأدم هعرفك كل حاجة. وبدأ يقص عليه كل ماحدث.
ولج "عامر" إلى غرفة التى توجد بها أبنته أقترب منها وهو يجذب المقعد ليجلس عليه بجوارها، نظر إليها بألم ثم مد يديه ليمررها على وجهها المليئ بالكدمات الزرقاء لتفر دمعة هاربة من عيناه ليقول بحزن:
- أنا أسف يافيروزة أسف على كل اللى حصلك يابنتي أنا حاسس بالضعف لأن مقدرتش أنقذك منهم ..أنا طلعت أب فاشل وسيى معرفش يحمى بنته فى طفولتها ولا حتى لما كبرت يلا بقا قومي وحشنى صوتك وحنيتك عليا وحشتني كلمة بابا منك ...أنتى متعرفيش قد ايه أنتى غالية عندي..عارف أنك زعلانة منى وزعلانة أوى كمان لكن ياعمري كل اللى حصلك كان غصب عني محدش يعرف أنا كنت بمر بأيه ولا اتعرضت لأيه أنا مستغلتكيش زى ما انتى فاكرة ومكنتش عايز أجوزك لرائف لكني كنت محطوط تحت ضغط منهم كانوا هيقتلوا أخواتك كلهم لو معملتش كدا أنتى فاكرة أني كنت بتجاهلك كدا من فراغ والله العظيم كان غصب عني أجبروني تحت تهديد أني أوافق أنك تتجوزي وألا بدل واحد يبقى الكل مكنش سهل أني أفرط فى واحد منكم وكنت عارف أن أنا اللى هتضر فى الأخر والضرر جه فيكي ياعيوني...
أمسك يديها ليقبلها بحنان ثم قال ببكاء:
- عارفة ليه مكنتش بحب أقرب منك كتير ومعملتي ليكي كانت جافة لأن كل لما ابصلك أحس بوجع ينهش فى قلبي وكأن حد ماسك سكينة وبيقطع فيه كل لما أبص فى عينك لأن كنت بفتكر كارما اللى أوهموني أنها أتقتلت مكنتش أعرف أنها أنتى دلوقتى قدرت افهم وجعي ومشاعري اللى كنت بحس بيها وقتها...بس أوعدك لعوضك عن حرمانك من كل حقوقك بس أنتى قومى كدا وأرجعى فيروزة الجميلة اللى كنت أعرفها اللى عمرها ما أستسلمت أبداً....أخذ يمسح دموعه بكف يديه وهو يقول: ياعمري أنتى متعرفيش قد ايه وحشتني لماضتك وضحكتك الحلوة اللى بتنور الدنيا.
ولج إليه "أدم" ثم أقترب منه بهدوء ليربت على كتفه وهو ينظر إلى شقيقته بحزن:
- ليه يابابا عملت كدا ليه سمحت أن هى تدفع التمن ذنبها ايه فى ده كله.
أجابه والده بعد أن بلع غصه مريره فقال بألم:
- ذنبها الوحيد أنها بنتي لو كنت أعرف أن بسبب شغلي هتأذي فى ولادي مكنتش أتجوزت من الأول ولا خلفتكم.
أتاهم صوتها المتألم فنهض "عامر" من مكانه ووقف عند رأسها ينظر إليها بقلق، بدأت تفتح جفنها ببطء شديد لكنها أغلقتهم على الفور من شدة الإضاءة ثم أخذت تفتحهم مرة أخرى، نظرت حولها بشرود ولكن سرعان ما تذكرت ماحدث معها فصرخت بهستيرية حاول "عامر" أن يتحكم بها قائلاً بقلق: فيروزة حبيبتي أهدى أنا بابا عامر متخافيش.
أخذت تهز رأسها بخوف وذعر لتقول بصريخ:
- رائف أبعد عني حرام عليك سبني أنا معملتش حاجة
بابا يابابا ألحقني خليه يبعد عني أنا مليش ذنب يابابا.
حاوطها "عامر" بذراعيه وهو يقول ببكاء:
- أهدى يابابا أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكي متخافيش فوقى ياحبيبتي وبصيلي أدم نادى للدكتور.
تحرك "أدم" منه مكانه سريعاً بينما "عمران" لم يتحمل أن يسمع صراخها هكذا ليدخل إليهم فرأى "عامر" يحتضنها وهى تتحرك بعشوائية وتصرخ بشدة.
اقترب نحوه وجذبها برفق محتضناً أياها وهو يقول:
- فيروزة سمعاني متخافيش محدش هيقرب منك أنتى هنا فى أمان...لم تستمع لما يقوله فظلّت تهذى وتصرخ ببعض الكلمات الغير مفهومة.
تحكم أكثر بجسدها فضمها أكثر إلى صدره ليقول هامساً فى أذنيها بحنان:
- حبيبتي أنا عمران أهدى متخافيش أنا جنبك ياعمري أنتى.
هدأت قليلاً وبدأت تستجيب لحديثه فرفعت رأسها وهى تنظر إليه بتوهان فقالت ببكاء:
- عمران أنا خايفة منه خليه يبعد عني ياعمران أرجوك.
مسد على شعرها برفق وقبل مقدمة رأسها ثم قال:
-متخافيش يافيروزة مفيش حد غيري معاكى ومحدش هيقدر يأذيكي طول ما أنا جنبك.
ارتخت أعصابها ووضعت رأسها على كتفه وهى تغمض عينيها بضياع فظلّ هو يربت على ظهرها وقال هامساً:
- أرتاحى ياحبيبة الروح أنا موجود ومش هتخلى عنك أبداً.
نظر إليهم "عامر" بنظرات مندهشة فهى أستجابت إليه فوراً وكأنه مأمنها وملجأها الوحيد حينها بدأ أن يشعر بتناغم شديد بينهما وفى تلك اللحظة تأكد بأن هناك شئ يملكه "عمران" نحوها.
ولج الطبيب مع "أدم"، فازاح"عمران" جسدها بعيداً عنه قليلاً عند دخولهم..فعادت تصرخ بهسترية مجدداً أقترب منها الطبيب وحاول أن يتحكم بها فلم يستطيع فوجه بصره نحو "عمران" قائلاً: لو سمحت قرب منها وحاول تمسكها علشان أقدر أشوفها.
ضمها إليه مرة أخرى فقام الأخر بأعطائها أبرة مهدة فهدأت "فيروزة" على أثرها فقام "عمران" بوضع رأسها على المنضدة وغطا جسدها جيداً، بينما هى ظلّت تهلوس ببعض الكلمات قائلة: عمران...عمران متسبنيش أنا خايفة.
تحدث "عمران" وهو يمسح بقايا دموعها مع على عينيها: - عمرى ماهسيبك يافيروزتي نامى وارتاحي .
بينما "عامر" قال للطبيب: هى بنتي مالها يادكتور.
الطبيب: متقلقش دى حاجة طبيعية أن هى تحصلها لأن اللى تعرضتله مكنش سهل عليها لكن هى مسألة وقت وهتعدى..ثم نظر إلى "عامر" فأضاف قائلاً:
- ولازم تخلوا بلكم منها وتحاولوا تكونوا جنبها دايماً لأن هى ممكن لقدر الله تفكر فى الانتحار وتأذى نفسها.
تحدث "أدم" بهدوء: تمام يادكتور.

"لحن الزعفران" قيد التعديل🦋حيث تعيش القصص. اكتشف الآن