بعد مرور يومين، قمر أعطت موافقتها على الزواج من عزيز و عَالية قررت ان خير البِر عاجله والزواج راح يتم خلال ٣ أسابيع، الملكة كانت مختصرة جداً عائلية لكن العرس بيكون كبير وفخم بحضور كل الناس.. شمس طردت عزيز من القصر بحجة "ما تقعد معاها قبل العرس" وكانوا مشغولين بتجهيزات قمر بين تسوق و شبكة وقاعة وتحضيرات فورية بعد نهاية الميدتيرمز، عزيز طلب من قمر تاخذ اجازة اسبوعين يروحون فيها شهر عسل في نوفمبر واستغل فرصة والغريب ان قمر وافقت ولا اعترضت.. الفرحة مش سايعة جيداء في هذا التطور الفضيع بعلاقة قمر وعزيز كانت حاسة بإعجاب عزيز تجاه قمر من اول يوم شافها بغرفتها لكن قمر كانت غامضة بهالناحية تعتبر موافقتها على عزيز اصلاً معجزة كبيرة..
شمس اللي يومها كله تقضيه في الشركة كونها المديرة الإبداعية والمرشحة الأكبر لمنصب نائبة الرئيس التنفيذي في مجوهرات الجاسر من بعد عَالية، تستنزف كل طاقتها في الشغل ترجع للبيت تدخل المرسم ساعات طويلة وتطلع بوقت متأخر للغرفة تحط رأسها وتنام بدون ما تواجه بدر اللي ما يدخل البيت الا بوقت متأخر بحجة الدوام وينام في صالة جناحهم.. بينهم جبال وبحور ومسافات من العَتب والحزن والخذلان والانكسار، يوقف بينهم كبرياء وغرور وندم، شهر كامل من الصَد والجفاء والفراق و بدر يجهل أسبابها وما يشوف منها إلا البرود والقسوة، كانت شمس أبرد من ليالي الشتاء وأكثر صعيق من المربعانية، شمس اللي عرفها ضَيه ودفاه صارت برد ينخر عظامه ويسكن بين ضلوعه ويتمدد لِـ يسار صدره يوجعه.-يوم عرس قمر و عزيز-
في جناح العروسة بفندق آل جاسر، كانت شمس معاها من الصبح خطوة بخطوة، كانت لحظات مؤثرة فيها ضحك وفرح ودموع واشتياق لأشخاص غابوا ولا حضروا معاهم هاليوم..
في غرفة الفندق وقفت شمس قدام التسريحة تشوف فستانها الأصفر بدرجة جذابة ماسك على الجسم بقماشه المخملي قطع بدون أكمام يبرز جمال أكتافها وعظمة الترقوة اللي اصبحت واضحة أكثر في الايام الاخيرة، ويطيح على كتوفها رداء توّل مرصع بالكريستال بالكامل من نفس لون الفستان يعطيها طَلة ملكية ساحرة كأنها اميرة، شعرها البُني يتوسط ظهرها بشكل متموج ومرفوع جزء بسيط منه للخلف، مكياجها الناعم وتركيزها على العيون بمكياج سموكي خفيف يناسب أجواء الشتاء، ناظرت طقم الالماس اللي أهدتها اياه عَالية مؤخراً بدون مناسبة تذكر، لكن بما ان التول يغطي رقبتها وينسدل ما تحتاج للطقم أبداً اكتفت تلبس الحلق والاسوارة وتتأمل لمعتهم لكن بريق دبلتها كان يعمي العين يطغى على كل الماس، ناظرت الدبلة في يدها اليسار وتتذكر ذاك اليوم اللي بدر تعنى يشتري لها دبلة ثانية من ذوقه واختياره، ليت الزمن وقف فيها ذيك اللحظة وعاشت بقربه وحضنه بدون ما تنصدم بالواقع المُر.. ليتها بقت أنانية فيه وما سمحت للبعد والفراق يدخل بينهم، يا كثر ما تمنت ترتمي بحضنه وتبكي! اشتاقت لشعور الأمان معاه.. مسكت جوالها تشوف سنابات عزيز هو وبدر وجاسم وخالد ومعاهم مهنا يتجهزون للانطلاق للخيمة الملكية اللي يُقام فيها عرس عزيز... تنهدت وهي تشوف ابتسامة بدر الخفيفة على مزاح عزيز اللي ما خلى حد بحاله حتى في يوم عرسه..
طلعت من غرفتها ماخذه راحتها لأن عَالية فرغت طابق كامل حقهم و بس، وصلت حق جناح العروسة تسمع صوت جيداء وضحكها من برا دخلت تشوف قمر بالفستان الأبيض ووقف قلبها من جمال اختها لوهلة: ماشاءالله عليج يا قمري
ناظرته قمر بعيون مليانة دموع: حلوه؟
قربت شمس تحضنها ودموعها تحجرت بعيوها: مو بس حلوه إلا عسل وقمر ماشاءالله عليج..
تنهدت قمر: ليت أمي معانا اليوم...
حاولت شمس تمنع نفسها و قمر من البكاء على طاري أمهم آمنة ومسكت وجه قمر تحضنه: كانت بتكون أسعد وحدة بالدنيا وهي تشوفج بالفستان الأبيض، لا تبكين عشان خاطرها
ابتسمت قمر وبدأت تهف على وجهها بقوة عشان ما تنزل دموعها: ماراح أبكي قعدت ساعات الميك اب ارتست تشتغل حرام..
قربت لهم جيداء تحضنهم: يا زينكم والله بنات الفيصل! وربي أن أحلى شيء صارلنا هو دخولكم بحياتنا، هَلت الخيرات والمسرات والأفراح، رجع ضَي عين بدر بوجود الشمس، و عقل عزيز بفضل القمر.. الله لا يحرمني منكم
اخذتهم جيداء بحضن جماعي مبسوطة فيهم، من اول يوم شافتهم بالفندق حبتهم ودخلوا قلبها، واليوم هم بنفس الفندق يشهدون على عرس قمر من عزيز بحضور شمس بصفتها زوجة بدر، قبل شهور طويلة لو حد تكلم وقال ان الشمس بتنور نهارهم والقمر بترشدهم في ليلهم كان ما صدقت أبداً انها بتكسب هالبنتين في حياتها للأبد
وقفت شمس تحصن قمر بالاذكار والادعية وما تيسر لها من سور القرآن الكريم وجيداء واقفة تناظرهم بكل حُب وتصور هذي اللحظة، دخلت جواهر للغرفة: انتوا هنا؟ عمتي عَالية تقول الضيوف وصلوا وانتوا باقي..
تنهدت شمس تناظر قمر: بروح أوقف معاهم استقبل الضيوف وأفعل شخصية أخت العروس الساطية، اقعدي مع جيداء انبسطوا وصوروا لي أول بأول بشوف فعالياتكم..
حضنتها قمر: طيب روحي لا تتأخرين..
طلعت شمس تمشي مع جواهر ينزلون للقاعة، وقفت شمس جنب عَالية تستقبل الضيوف من طرف شمس وقمر ماكان فيه الا ام خالد وبنتها خولة و روضة وسارة سكرتيرة شمس.. حرصت شمس ان كل شيء يكون من أفضل ما يكون في التجهيزات والضيافة والتقديمات والاضاءة واختيار الورود وحتى المُطربة، هذي اختها قمر ووحيدتها ما تخليها تروح بالرخيص وفعلاً كان كل شيء مثالي وجميل ومميز في هذه الليلة.. عَالية تمشي وتعرف الناس على شمس بنتها وزوجة بدر بن سهيل ونظرات الإعجاب تدور حولها بالأكثر هذي الليلة..
انزفت قمر وكانت أسم على مسمى يغطيها البياض وسواد الليل يتوسد شعرها.. شمس ماقدرت تقاوم ونزلت دموعها من فرحتها في قمر، بداخلها مشاعر متناقضة فرح وخوف وقلق على قمر من الحياة، مشاعر شمس تجاهها مشاعر أمومة فعلاً هي اللي ربتها وكبرتها واليوم تشوفها عروس تنزف قدامها..
عَالية قربت تمسك كفوف شمس تهديها وألتفت عليها شمس تحاول تستمد قوتها بهاللحظة من وجود عَالية معاها..
مر وقت معقول من بعد زفة قمر وفرحة شمس اللي تخطت حدود المجرات، تنهدت ومسكت جوالها تشوف اخر تحديثات سنابات عزيز اللي من خلاله تتطمن على بدر وتشوفه، كانوا واقفين صف وفي قبضتهم السيوف يلعبون العرضة القطرية وسيوفهم يرزفون فيها، عزيز على يمين بدر ويساره جاسم وسهيل مع خالد ومهنا وأشخاص ماتعرفهم لكن عينها ما تشوف ألا بدر فارق ببنهم بطوله وهيبته، اخذ قلبها وهو يرزف وعلى وجهه ابتسامة مصطنعة ما تخفي حزنه اللي بداخله عنها وهي تعرفه اكثر من أي حد ثاني..
قربت منها جيداء تشوفها تعيد السنابة كل شوي: ارحميه لا تعيدينها كل شوي خلاص
انفجعت شمس تناظر جيداء: تكفين متى تعقلين يا جيداء
ضحكت جيداء: جيت ابشرج انهم بيدخلون الحين يزفون عزيز اتركي الجوال وناظري حبيب القلب بعيونج حاضر..
تنهدت شمس ولبست عبايتها وتأكدت ان قمر تغطت ووضعها تمام بعدت عن الكوشة وجلست بهدوء في مكانها جنب عَالية، دخلوا عيال آل جاسر يحوفون عزيز ويزفونه، رفعت عيونها تشوفه يناظرها ارتبك قلبها ونزلت عيونها تتهرب منه..
عَالية لاحظت التوتر بينهم وراحة شمس لما طلعوا كلهم ما بقى الا عزيز، تنحنحت عَالية: شمس روحي قولي حق بدر الليلة كلنا هنا بالفندق
ناظرتها شمس: اتصلي عليه قولي له
عقدت حاجبها عَالية: ما يرد!!
رفعت شمس عيونها تشوف مشاعل بنت ابو مشعل تمشي وتطلع من نفس المخرج اللي دخلوا منه، استغربت ووقفت على حيلها تمشي وراها بهدوء.. شافت مشاعل تمشي صوب بدر الي جالس في اللوبي ويسند رأسه بتعب وعقدت حاجبها واقفة بعيد تراقب الوضع ومتكتفة، نطقت مشاعل: بطلنا الأول
بدر اللي انفجع من الصوت ناظرها بذهول وساكت من صدمته منو هذي وشنو تبي وليه طالعة له بهالشكل عباية مفتوحة وشعر نصه طالع برا استغرب جداً وقعد جالس بمكانه
ابتسمت مشاعل: لا تفهمني غلط انا مجرد معجبة فيك كَبطل للفورمولا الأول كنت اتابعك من بداياتك وحزنت لأنهم استبعدوك من البطولة هالسنة
بدر اللي يتحاشى النظر لها استغرب لما مدت له ورقة وقلم تبي توقيعه، قال بهدوء: ما أوقع في أوقاتي الشخصية
رفع عينه يرجع لها الورقة والقلم شاف شمس واقفة ورا مشاعل متكتفة بإنزعاج وتناظره بحدة وغضب وعينها جات في عينه ميلت راسها وابتسمت ابتسامة جانبية، ابتسم هو الثاني ورجع يوقع الورقة ومشاعل طارت من فرحتها بتوقيعه
تنحنحت مشاعل: عادي اضيفك سناب؟
بدر اللي يحاول يتصنع الابتسامة قدام شمس اللي لا زالت واقفة وتراقبه قال بهدوء: ماعندي سناب!
تنهدت مشاعل وتركته ورجعت تمشي للقاعة وانفجعت وهي تشوف شمس واقفة وتناظرها بحدة، يعني شمس كانت وراها طول هالوقت وشافت كل شيء بعيونها رجعت للقاعة ودخلت وراها شمس وقربت منها ومسكت خصلات شعرها اللي طالعة من تحت شيلتها: تبين توقيع؟ كان قلتي لي اوصله لج..
سكتت مشاعل وناظرتها تسحب ورقة التوقيع من يدها وتعفسه بقبضة يدها: امسي يا مشاعل وتوكلي!
خافت مشاعل من نظرات شمس تركتها وراحت تمشي للداخل بسرعة، تنهدت شمس ورجعت تطلع مرة ثانية حصلت بدر في مكانه و فَز لما شافها مقبلة عليه ورافعة حاجبها: اشوفك مطيح الميانة مع مشاعل؟
عقد حاجبه: منو مشاعل!
ضحكت بسخرية: اللي عطيتها توقيع من شوي وطقيت معاها سوالف! شوي وتعطيها رقمك بعد ما تقصر
ضحك بسخرية: وليه تهتمين؟ مو تقولين روح تزوج وشوف حياتك؟ خليني اشوف حياتي ولا تتدخلين
انقبض قلبها من الغيرة ابتسمت تداري شعورها: ماتوقعت ذوقك يكون مشاعل! غريب..
كان بدر يبي يثير غضبها وجنونها ويرد لها جزء من اللي عاشه في الشهر الأخير، ابتسم: ذوقي تغير وما بقى على حاله
ميلت شفتها تكتم غيضها: الله يهنيك!
تركته ورجعت تداخل تودع قمر وعزيز قبل يطلعون للجناح وعلى الفجر طيارتهم مسافرين شهر العسل لِـ ڤيينا..
كانت تحس بتعب وثقل في كل جسمها من الصبح وهي تتألم لكنها تجاهلت هذا كله ووقفت مع قمر من أول اليوم لآخره، صعدت للغرفة تبي تبدل وترتاح دخلت وكان بدر موجود، تنهدت بتعب ودخلت تبدل ملابسها وتمسح الميك أب وقلبها ثقيل ماتدري كيف تقعد مع بدر تحت سقف واحد بعد كل شيء صار بينهم وكل الكلام اللي انقال من الطرفين..
طلعت تشوفه قاعد على حاله رفع عينه عليها واقفة وانقبض قلبه من الشوق لها، جلست على السرير: صج تبيها؟
استغرب: منو؟
تنهدت: مشاعل!!
ضحك بسخرية شلون اخذت كلامه بجدية وقعدت تفكر فيه وانه ممكن فعلاً يتزوج وحدة ثانية: انتي تستهبلين صح؟
سكتت شمس تناظره يكمل كلامه: تبيني اتزوج عشان عنادج!
نطقت بهدوء: قلت عقب زواج عزيز و قمر راح ينتهي الموضوع، روح خذها وتزوجها وانا..طلقني
رفع حاجبه: اتزوج واطلقج؟ تحلمين.. والله تبقين على ذمتي لآخر يوم في عمرج ما اخليج، شمس انتي في براسج شي؟ وربي تعبت وانا افكر شاللي صاير معاج تكفين فهميني...
الغصة تخنقه وعبرته واقفة نطق بهدوء: تعبتيني يا شمس أنهد حيلي أحاول افهمج واعذرج وانتي تصكين الباب في وجهي..
تشوفه يحاول يكتم شعوره ماقدرت تتحمل أكثر ووقفت على حيلها: بروح أنام عند البنات...
انصدم انها تتركه بنص النقاش وتمشي وتخليه بدون ما تلتفت وراها وكأنه كان يكلم طوفة، طلعت من الغرفة وجهها اصفر وشاحب تجر خطواتها بتعب وألم، وجع قلبها في كفة والوجع اللي انتشر بكامل جسمها بكفة ثانية، مدت كفها على بطنها تحس سكاكين تتقطع تمشي في الممر بتعب مو قادر تتحمل اكثر وصلت عند المصعد وشافت جواهر تطلع منه ومعاها أغراض صعدت فيهم من القاعة، جواهر انفجعت من شكل شمس وجهها الشاحب: شمس!
ناظرتها شمس بتعب والألم يطغى عليها، الألم في اسفل بطنها وكأنها فهمت نوع الألم الفضيع وكلام الدكتورة تحقق..
جواهر تركت كل شيء وركضت عند شمس تمسكها لا تطيح: بسم الله عليج شمس شفيج؟ شصاير؟ اكلم بدر
هزت رأسها شمس بالنفي: لا تكلمين أحد، بروح المستشفى...
تمسكت شمس بجواهر وعيونها غرقت بدموعها: لا تعلمين بدر
ارتبكت جواهر ماعرفت شنو تسوي لكنها اخذت شمس معاها ونزلوا متجهين لأقرب مستشفى، كانت شمس تتألم وتكتم شهقاتها وتبكي بصمت.. الألم هذا تفهمه ماهو إلا مقدمات فقدانها للجنين اللي كانت تحمله بإحشائها شهر كامل بدون وعي منها أو أدراك لكونها حامل، وتحقق كلام الدكتورة لو حملت بيكون معجزة لكنها معجزة مؤقتة مستحيل تستمر، عطتها المدة التقديرية أسبوع لكن شمس حملته شهر كامل وبدون لا تشعر بشيء، تواصلها الأول مع جنينها كان بهاللحظات وهي تفقده وتأكد كلام الدكتورة رحمها غير مؤهل للحمل وأمومتها راح تبقى ناقصة طول عمرها ولو حملت مليون مرة راح يتكرر نفس السيناريو وتجهضه، بكت بقهر وحسرة على حالها وحست بالنزيف بداخلها وغطت فمها تكتم صرختها بألم تشوف جواهر مفجوعة قبل وصولهم للمستشفى غمضت عيونها شمس وغابت عن الوعي وآخر وجه تشوفه كان جواهر وهي تنادي أسمها تحاول تخليها تصحى..
جواهر فهمت ان الوضع اللي شمس فيه إجهاض،
وصلوا للمستشفى ونزلت جواهر مفجوعة تساعد الممرضات تحاول تفهم شصاير لكنهم طلبوا منها تقعد تنتظر برا..
وقفت تنتظر خارج الغرفة ماتعرف تتصل في عمتها بهالوقت تخاف تفجعها! و بدر شمس حرصت عليها ما تعلمه...
أنت تقرأ
علمتنا الشمس نرضا بالرحيل
Romanceمانشدت الشمس عن حزن الغياب علمتنا الشمـس نرضا بالرحيـل كل يومٍ يغرق الضي في عــبــاب ما سمعنا ناعي ٍ .. مابه عــويل