في إحدى القرى البعيدة التي تميزت بغنها بمختلف الثروات الطبيعية والباطنية من أنهار ووديان وسدود ومحاصيل زراعية وغيرها فقد دامت على تلك الحال لأمد طويل ولكن أناسها أو بالاحرى قاطنيها لم يحسنوا استعمالها فكلما مر محتاجون على تلك القرية لم يعطى لهم حتى كأس ماء واحد وهذا نتيجة الطغيان الذي حدث لسكانها مما جعلهم بخلاء ولم تمضي إلا فترة وجيزة حتى شهدت تلك القرية مختلف الكوارث فقد بدأالجفاف يسيطر على كل أنهارها وتراجع انتاجها للمحاصيل الزراعية مما تسبب في إنتشار المجاعات ومختلف المرضى لذلك قرر كبارها عقد إجتماع طارئ لمنعها من التفاقم أكثر حيث إقترح أحدهم الهجرة لمكان يتوفر فيه النعيم وأخرون عرضوه وحبذوا بناء السدود وانتظار الامطار لمتلائها وهكذا تعدد الاراء والاختلافات إلى أن توصل أحد الشباب والمدعو حسن بفكرة أمثل من فكرهم وهي أن يطلبوا من القرى المجاورة مساعدتهم لكن فكرته هدمت من طرفهم حجة أنهم سيذلون أنفسهم إن فعلوا هذا فتكبرهم مزال على حاله رغم مايحل بهم .
وهنا عقد حسن العزم على حل المشكلة بنفسه حتى لو عارض رأيهم.
في تلك الليلة حزم أمتعته وتحت ضوء القمر المنير يخطوا خطواته شقا طريقه لم يكن حسن يمتلك عائلة يقلق عليها فقد توفي والده عندما كان صغيرا في حادثة مجهولة كلما سأل عنها أخبروه أنه أفترس من طرف الحيوانات المفترسة أما والدته فقدتوفيت العام الماضي متأثرة بمرضها وهناك أصبح وحيدا رغم معاملة الجميع له وإعتباره منهم إلا أنه لا يمكن لأحد تعويض مكان الوالدين .
وصل حسن إلى منتصف تلك الغابة ولا تفصله خطوات قليلة على القرية المجاورة وهناك سمع خرخشة وراءه ليبتسم تلقائيا كونه عرف الفاعل.
لقد كان صديق طفولته جهاد بل لنقل أخاه القريب جدا إليه دائما ماكان يدافع عنه ويطمئن عليه ولا يسمح بحدوث مكروه له كان أفضل أخ اكبر قد يحظى به أي شخص على الإطلاق .
_:ماالذي تفعله هنا أيها الصغير .
رغم أن فارق السنوات بينهما ثلاث سنوات فقط إلا أن جهاد دائما ماكان يناديه بالصغير أحيانا قصد إزعاجه وأحيانا قصد مداعبته .
_:لا شيء فقط أيها الكبير كنت أتجول فحسب رد عليه بإجابة ساخرة كونه يدرك سبب وجوده هنا .
_:أعتقد بأن رأسك لايزال صلبا ولم يتغير قط.
_:أما أنت مازلت تحب ملاحقتي أينما حللت بدأت أدرك أنك فعلا حارسي الشخصي .
إستمرا في المشي في طريقهما وكل منهما يلقي نكتة على الأخر وصوت ضحكاتهما ملئت أرجاء المكان .
جهاد هو الاخر يتيم لقد توفي والداه عندما كان صغيرا لا يتجاوز الثالثة من عمره ولطالما إعتبرته والدة حسن كإبنها الثاني .
سارا الصديقين إلى أن وصل إلى تلك القرية وهناك إنعجبا من غنها وجمالها قريتهما كذلك كانت هكذا لكن الجفاف لعب دوره في ذهاب جمالها .
لم يشئا إيقاضا أناسها أو إزعاجهم في هذا الوقت المتأخر من الليل لذالك إتجها إلى إحدى الاشجار القاربة واستلقيا قربها جعلانها كوسادة لاخذ قسط من الراحة ساعات قليلة تفصلها على بزوع الفجر وبداية يوم جديد ينتظرهما .