البارت الثالث ( مياه حمراء)

3 1 0
                                    

ارض قاحلة .. مباني مهدمة .. خوف .. هلع .. بكاء .. سماء ملوثة .. هذه ليست بلدتي؟
لابد اني اخطأت الطائرة .. اين انا ؟
لكن اعلم ان هذا علم بلدي يرفرف ، الشوارع انا اعرفها جيدا ، نعم انها بلدتي.. لكن من فعل هذا؟.
لم اتركها على هذا الحال... اين امي؟ اين عماد؟ اين رحمة؟ اين اهلنا؟..
اين ارضنا التي زرعناها بحبنا؟....

ركض سلام مهرولاً بأتجاه منزله لم يكن هناك شيء سوى انقاض واشخاص ملثمين يحملون الاسلحة ويصرخون بالناس ويقتلوهم بدم بارد وقسم اخر يسوقوهم كالأغنام، اشار احد هؤلاء الارهابيين الى صديقه بعد ما لمح عماد يسحب نفسه من تحت الانقاض ، فحاصروه وقيدوه ، مع باقي ابناء البلدة .
قادوهم الى النهر الذي كان سلام يسلكه كل يوم ليأتي بالماء الى اهله ، لم يفهم سلام ماذا حدث ؟ وكيف دخلوا الى بلدته؟ والى اين هم يأخذوهم؟
لكن كان يعلم بأنهم سوف يقتلوهم بلا رحمة ، بعد ما نظر الى وجوههم كم تحمل من الحقد والكراهية تجاههم ، عندما وصلوا الى حافة النهر ، طلب منهم احد الارهابيين ان يجلسوا ويضعوا ايديهم خلف ظهرهم ورأسهم الى الارض ..
كانت عيونهم مشدودة ، لم يعرفوا الى اين يذهبون ؟ وماذا سوف يحل بهم؟ ..
فقط ينفذون ما يطلب منهم ذلك الصوت القذر...
اخذ الارهابي يطلق عليهم النار ومع كل صوت يكّبر ويسقط الواحد تلو الاخر الى النهر، حتى تلونت المياه بدمائهم ..

ثم هتفوا مستبشرين بعد قتلهم لتلك الارواح البريئة ، وتفرقوا عائدين الى البلدة ، ليخربوا من جديد ..
لحقهم سلام خفية ، لكنه وصل متأخرا لم يجد احد ، اقترب من النهر ، وقف مذهولاً ، فوجد نفسه يسأل النهر .. ما الذي حل بك ؟
لماذا اصبحت مياهك حمراء هكذا؟
فقال له النهر بصوت حزين : ( لقد كنت اراهم جيداً ، كنت ارى تلك الشباب بعمر الورود كيف يتوسلون ويرجون ذلك الارهابي ان لا يذبحهم ، وهو لا يبالي ، سلبت الرحمة من قلبه، يكّبر ويقتلهم بدم بارد ويلقي بهم نحوي ، وانا امد ذراعي والتقطهم واحضنهم وابكي .. ابكي دما عليهم ...
ستبقى مياهي حمراء ملطخة بالدم يحرم عليكم شربها الا عندما تأخذون بثأرهم وتقتصون منهم ، ولن يشفى غليلي ولا يهدئ نحيبي الا بالقصاص منهم ...)

سلام: انهم مسلحون قذرين يقتلون بلا رحمة ، سيقتلونني انا ايضا ..
لم يكمل سلام حديثه حتى اخبره النهر ان يلقي بنفسه اليه وهو سوف يأخذه الى مكان امن ، لكن بشرط ان يعده انه سوف يعود وينتقم منهم ويعود للبلدة صفائها وامنها وخضارها ، ويعود لمياهه زرقتها ، فوعده سلام بذلك واقسم انه سوف يقتص منهم ويجلس فوق جثثهم ..

مياه حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن