مياه حمراء

البارت الاول ( البلدة الجميلة)

في بلدة صغيرة لم تعرف القتل ولا الحرب ، هادئة ، امنة ، مستقرة ، الناس يحبون بعضهم البعض على الفطرة ، يقتاتون على ما تهبه لهم ارضهم التي يحبونها وتحبهم ..
السماء صافية .. المياه زرقاء .. الارض خضراء بخيرات بلدهم ، هناك في بقعة صغيرة من هذا المكان يعيش سلام مع عائلته المكونة من امه واخته رحمة واخيه عماد بحب وامان ..
لم يرى سلام وجه ابيه الا في تلك الصورة التي علقت على الجدار ، لكن ما فائدة الصور اذا لم تكن هناك روح ، هو يحتاج الى حنان ابيه ووجوده بينهم.

كانت ام سلام تحيطهم بحبها وعطفها ، فكانت هي الام والاب لهم ، ربتهم على الحب والرحمة بينهم والتسامح ، ولا يأكلوا الا ما حصلوا عليه بعرق جبينهم.
كان والدهم قد ترك لهم ارض صغيرة يزرعونها ويعطوها الاهتمام والحب ، يزيلون الاعشاب الضارة عنها ويسقوها بانتظام ، فكانت تعطيهم ايضا من خيراتها ما يسد جوعهم ، ويبيعون المتبقي ليحصلوا على اموال يدخروها عند والدتهم .

مرت الايام والاشهر والسنين ..
اكمل الاولاد دراستهم الاعدادية ، اما رحمة فقد تزوجت من شاب يدعى رائد من محافظة اخرى تعرفت عليه في احد الندوات الخاصة التي كانت ملهمة بحضورها والاستماع لها كل يوم "اثنين "
لقد كان رائد من ضمن الذين يحاورون في هذه الندوات ، كان شاب مثقف .. متكلم رائع ، يجيد بكل ذكاء حياكة العبارات ليصنع منها لوحة فنية رائعة تسحر كل من سمعها ، واكثر من تأثر بذلك رحمة التي لم تفوت اي كلمة من كلماته تسمعها وتتأمل بها بعمق ، لقد كان رائد هو ما تمنته بشخصيته .. بذكائه .