البارت الرابع ( بلدة الاقزام )

2 1 0
                                    

اخذت مياه النهر تتدفق بسرعة حاملة معها سلام الى مكان امن بعيد عن انظار هذه الجماعات المسلحة التي تقتل كل من تراه بدم بارد ، الى ان وصل الى شلال مرتفع وهوى مغشياً عليه الى اسفل الشلال ..
استمرت المياه بدفع جسده الى داخل الشلال ، ولم يصدق ما رأته عيناه عندما عاد الى وعيه ، كان هناك عالم آخر بهيج يعج بالحياة ..
هل هو في حلم ؟..

تذكر حينها ، صفاء بلدته وجمالها ، وكيف باتت قاحلة محطمة تشكو حزنها ، سمع انينها وكأنها تعاتبه ، لماذا تركها؟..

جرت دموعه ثم اكمل طريقه وسط ذلك العالم الغريب يبحث في كل مكان لعله يجد شخصا يفسر له اين هو؟
وما هذا المكان الذي لم يره بجماله وصفائه ؟ ..
النسيم الذي يغمر القلب ، البلابل تطرب الاذن بأناشيد عذبة شجية..
لكن لم يجد فيها اي انسان ، كانت خالية تماما من البشر.
فجأة لمح من بعيد كوخ صغير جدا مصمم بطريقة غريبة ، اتجه نحوه لعله يجد اي شخص يتكلم معه ..
كان المكان يخلو تماما من اي احد ، لم يكن هناك سوى مائدة افطار صغيرة ورتبت حولها كراسي صغيرة جدا ، لم يتخيل مطلقاً انها صنعت للبشر ، شعر بجوع شديد ، اخذ يأكل بشراهة حتى شبع وغط في نوم عميق ..
عندما استيقظ كان المكان مظلم.. يداه مقيدتان ، والتف حوله اقزام بحجم كف اليد ، اجسادهم هزيلة جدا ، ووجوههم شاحبة ، صرخ وارتعد جسده عندما رآهم بعدما ازالوا العصابة من عينيه..



لم يتصور مطلقا كل ما يحدث معه ، الشلال .. العالم العجيب.. الاقزام .. لابد انه ما زال مغشيا عليه اثر سقوطه من اعلى الشلال ، حاول ان يتلمس جسده ، ادرك ان كل ما يحصل معه حقيقة وليس حلم ..
لكن من هؤلاء الاقزام ؟
ومن اين جاءوا ؟ ولماذا اجسادهم هزيلة هكذا؟...
تقدم احدهم وكان يتكأ على عصا ويبدو انه اكبرهم بالسن..
تكلم بلغة مفهومة لسلام واخبره انهم يعانون منذ سنين من ذلك الوحش الضخم الذي يسكن في مغارة عند بداية الشلال ...
في كل مساء يهجم بشراسة على قريتهم ، يفزعهم ويمتص طاقتهم الى ان يجعل اجسادهم هزيلة ، فيصبحون غير قادرين على ممارسة حياتهم ولا جمع قوتهم ، واكثرهم يعاني من الامراض ويموت ...
وهكذا الحال منذ ما يقارب 7 سنوات ، منذ ان قذفت المياه بهذا الوحش الى بلدتهم الجميلة ..

لقد كانت هذه الكلمات تعيد الى سلام ما عاناه ايضا ، فالوحش يشبه ذلك الارهابي الذي خرب بلدته ، ولا يدري من اين جاء؟
وكيف وصل اليهم؟..
بعد ما كانت بلدته جميلة.. صافية.. يعيشون فيها بأمان وحب..
قاطع تفكيره كلام ذلك القزم بأنه لابد ان يلقي بسلام الى ذلك الوحش لكي يكف عن اثارة الرعب وتدمير حياتهم..
فكر سلام بسرعة بخطة لكي ينجو بها بعد ان علم انهم مصممين تماماً على القائهم به ، الى ذلك الوحش الشرس، واخبرهم ان يحققوا له شرطاً اخيراً ، وبعدها سوف يذهب بنفسه الى ذلك الوحش ويخلصهم منه الى الابد ...
وافق الاقزام على طلب سلام ، بعدما تشاوروا بينهم وقرروا ان يمنحوه ما يريد ، واعتبروا ذلك تقديرا لشكره على التضحية بحياته من اجل ان يعيشوا بسلام وسعادة مرة اخرى ..

مياه حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن