النميمة¹³

32 19 0
                                    

السلام عليكم ورحمة الله ونظرةِ من الإمام نبدأ بأسم الله الرحمن الرحيم الموضوع الـ13من قسم الخطايا والسيئات هو للنميمة:

النميمة
وهي: نقل الأحاديث التي يكره الناس إفشاءها ونقلها من شخص الى آخر، نكاية بالمحكي عنه ووقيعةً به.
والنميمة من أبشع الجرائم الخُلقية، واخطرها في حياة الفرد والمجتمع، والنمّام ألأم الناس وأخبثهم، لاتصافه بالغيبة، والغدر، والنفاق، والافساد بين الناس، والتفريق بين الأحباء.
لذلك جاء ذمّه، والتنديد في الآيات والأخبار:
قال تبارك وتعالى: «ولا تُطِع كل حلاّف مهين، همّاز مشّاء بنميم، منّاع للخير معتد أثيم، عتلّ بعد ذلك زنيم» (القلم: 10 - 13).
والزنيم هو الدعيّ، فظهر من الآية الكريمة، أنّ النميمة من خلال الأدعياء، وسجايا اللقطاء.
{ 231 }
وقال سبحانه: «ويل لكل هُمزةٍ لُمزة» فالهُمزَة النمّام واللمزة المغتاب.
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«ألا اُنبئكم بشراركم. قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبّة، الباغون للبراء العيب»(1).
وقال الباقر عليه السلام: «محرمة الجنة على العيّابين المشائين بالنميمة»(2).
وقال الصادق عليه السلام للمنصور: «لا تقبل في ذي رحمك، وأهل الرعاية من أهل بيتك، قول من حرّم اللّه عليه الجنة، وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، فقد قال اللّه تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6) (3).
_____________________
(1)، (2) الوافي ج 3 ص 164 عن الكافي.
(3) البحار كتاب العشرة ص 190 عن أمالي الصدوق.
{ 232 }
بواعث النميمة:
للنميمة باعثان:
1 - هتك المحكيّ عنه، والوقيعة به.
2 - التودد والتزلف للمحكيّ له بنم الأحاديث اليه.
مساوئ النميمة:
تجمع النميمة بين رذيلتين خطيرتين: الغيبة والنَّم، فكل نميمة غيبة، وليست كل غيبة نميمة، فمساوئها كالغيبة، بل أنكى منها وأشّد، لاشتمالها على إذاعة الأسرار، وهتك المحكيّ عنه، والوقيعة فيه، وقد تسول سفك الدماء، واستباحة الأموال، وانتهاك صنوف الحرمات، وهدر الكرامات.
كيف تعامل النمّام:
وحيث كان النمّام من أخطر المفسدين، وأشدهم إساءة وشراً بالناس، فلزم الحذر منه، والتوقي من كيده وإفساده، وذلك باتّباع النصائح الآتية:
1 - أن يكذب النمام، لفسقه وعدم وثاقته، كما قال تعالى: «إن
{ 233 }
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6).
2 - أن لا يظن بأخيه المؤمن سوءاً، بمجرد النمّ عليه، لقوله تعالى: «اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعض الظن إثم» (الحجرات: 12).
3 - أن لا تبعثه النميمة على التجسس والتحقق عن واقع النمّام، لقوله تعالى: «ولاتجسسوا» (الحجرات: 12).
4 - أن لا ينمّ على النمّام بحكاية نميمته، فيكون نماماً ومغتاباً، في آن واحد.
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «أن رجلاً أتاه يسعى اليه برجل. فقال: يا هذا نحن نسأل عما قلت، فان كنت صادقاً مقتناك، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك. قال: أقلني يا أمير المؤمنين»(1).
وعن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخوتي يبلغني عنه الشيء الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي: يا محمد كَذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروته، فتكون من الذين قال اللّه عز وجل: «إن الذين يحبون أن تشيع
_____________________
(1) سفينة البحار م 2 ص 613.
{ 234 }
الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة» (النور: 19)(1).
———————————————————————
(1) البحار م 15 كتاب العشرة ص 188 عن ثواب الأعمال للصدوق.


النَمِيْمَة : مِن نَمّ نَمَّا ، هي نقل الحديث على وجه السعاية و الإفساد لإيقاع الفتنة بين شخصين أو أكثر ، و هي من الآثام الكبيرة و المعاصي العظيمة ، وَ ضِدُّها صَوْنُ الْحَدِيثِ .

و يُسمَّى فاعل النميمة و مُحترفها نَمَّاماً ، و قَتَّاتاً .

و قيل النَّمامُ هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فَيَنُمُّ عليهم ، و القَتَّاتُ هو الذي يتَسمَّعُ على القوم و هم لا يعلمون فَيَنُمّ حديثهم  1  .
النميمة في القرآن الكريم :

لقد ذَمَّ الله عَزَّ و جَلَّ النميمة و فاعلها حيث قال :  ﴿   وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ  *  هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ  *  مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ   ﴾   2  .

و المقصود بـ " مَّشَّاء بِنَمِيمٍ " كما عن إبن عباس : أي القتات ، يسعى بالنميمة و يفسد بين الناس و يضرب بعضهم على بعض  3  .

و قيل أن أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان كانت تمشي بالنميمة بين الناس فتُلقي بينهم العداوة و تُوقد نارها بالتهييج كما توقد النار الحطب فسمى الله عَزَّ و جَلَّ النميمة حطباً حيث قال :  ﴿   وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ   ﴾   4  ،  5  .
النميمة في الأحاديث الشريفة :

رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) : " أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ " ؟

قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .

قَالَ : " الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْمَعَايِبَ "  6  .

وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أنهُ قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) : " طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ نُوَمَةٍ لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، يَعْرِفُ النَّاسَ وَ لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ ، يَعْرِفُهُ اللَّهُ مِنْهُ بِرِضْوَانٍ ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، يَنْجَلِي عَنْهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ ، وَ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابُ كُلِّ رَحْمَةٍ ، لَيْسُوا بِالْبُذُرِ الْمَذَايِيعِ ، وَ لَا الْجُفَاةِ الْمُرَاءِينَ " .

وَ قَالَ : " قُولُوا الْخَيْرَ تُعْرَفُوا بِهِ ، وَ اعْمَلُوا الْخَيْرَ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَ لَا تَكُونُوا عُجُلًا مَذَايِيعَ ، فَإِنَّ خِيَارَكُمُ الَّذِينَ إِذَا نُظِرَ إِلَيْهِمْ ذُكِرَ اللَّهُ ، وَ شِرَارُكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْمُبْتَغُونَ لِلْبُرَآءِ الْمَعَايِبَ  7  .

وَ رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) أنهُ قَالَ : " مُحَرَّمَةٌ الْجَنَّةُ عَلَى الْقَتَّاتِينَ الْمَشَّاءِينَ بِالنَّمِيمَةِ "  8  .

وَ رُوِيَ أنه أصاب بني اسرائيل قحط ، فاستسقى موسى مرات ، فما اجيب .

فاوحى الله تعالى إليه : انى لا أستجيب لك و لمن معك و فيكم نمَّام قد أصرَّ على النميمة .

فقال موسى : يا رب ، من هو حتى نُخرجه من بيننا ؟

فقال : يا موسى ، أنهاكم عن النميمة و أكون نمَّاما ؟ !

فتابوا بأجمعهم ، فَسُقُوا .

وَ رُوِيَ أن ثُلث عذاب القبر من النميمة‏ .

وَ رُوِيَ أن الْعَقْرَب كَانَ رجلاً نَمَّاماً فمَسَخَهُ الله عقرباً  9  .

دُمتم في حفظِ الرحمـٰن

البداية مع الله ثم الحسين _رقية كريمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن