واعية لكن متشددة

37 4 2
                                    



"ثم نعود غرباء من جديد كما كنا في السابق، تماما مثل لقاءنا الأول..."

في لحظة تأمل، عقدت ساقيها ، وكأنها تحاول حماية نفسها من العالم الخارجي، وهي تهمس: "كانت هذه الجملة الأخيرة التي كتبت على الكتاب الذي كنت أقرأه منذ لحظات."

كانت يدها تحيط بفنجان القهوة الساخن، و عيناها في حالة شرود تام، عندما اقتربت شفتيها من حافة الفنجان. أخذت رشفة من القهوة الدافئة، وشعرت بالحرارة تنتشر في كل أنحاء جسدها. عندما وضعت الفنجان على الطاولة، أدركت أنها تركت علامة أحمر الشفاه على حافته البيضاء . كانت بصمة جريئة شاهدة على حبها الشديد للقهوة.
بدأت تتحدث مع نفسها، كلماتها تتردد بصمت في عالمها الداخلي. كانت تحدق في الفنجان، مستخدمة هذا الشيء كنقطة تركيز لأفكارها ومشاعرها.

« كل شيء تغير إلا شيء واحد، لا أعرف لماذا أشعر أن هذا الوقت الشتوي بائس... لا أحب هذا الموسم البارد والقاسي لأنه يذكرني بقساوة بعض القلوب، كانت الرياح تداعب خصلات شعري الأسود الطويل، وكانت السماء تبدو حزينة وكأنها في حالة اكتئاب. كنت جالسة في هذا المقهى الصغير أنتظر شخصًا ما. كنت قد طلبت قهوة و أنا أراقب الناس من حولي، جميعهم مشغولون باهتماماتهم. كان هناك مجموعة من الشباب يضحكون بصوت عالٍ على طاولة مجاورة وزوجان يمسكان بأيديهما غارقين في محادثة شخصية، وامرأة في منتصف العمر تقرأ كتابًا وتشرب شايها، كنت أشعر ببعض الوحدة، لكنني أحببت الجو الهادئ في المكان. كانت أصوات الفناجين والملاعق تتداخل مع المحادثات من خلفي، كل هذا أعطاني شعورًا بأنني في بلورة، بعيدًا عن العالم الخارجي.

ألقيت نظرة على ساعتي وأدركت أن قريبتي تأخرت للغاية ! أخرجت هاتفي للتحقق من الرسائل، لكن لم يكن هناك شيء. عدت أنظر حولي، محاولةً العثور على طريقة ما لتمضية الوقت. بدأت أرسم على منديل ورقي و أنا احاول إعادة تصميم شعار المقهى. تهت لبضع دقائق و فقدت تركيزي، حتى سمعت صوتًا مألوفًا يناديني بإسمي.

كانت هي ! وجدت أخيرًا الوقت للانضمام إلي.
كنت غارقة في أفكاري حتى أيقظني صوت" ميا " قائلة: " إيرين! أين أنت؟ أتحدث إليك منذ ساعة."
إيرين: "أعتذر، يبدو أنني غرقت في بحر أفكاري للحظة."

اعتدلت في مقعدي وطلبت من النادل فنجان قهوة آخر، مؤخرًا أصبحت مدمنة على القهوة، حتى وإن كانت تسبب لي صداعًا دائما لكنها الوحيدة التي تحسن من مزاجي. على الرغم من أن الأطباء لا يوصون بشربها بكميات كبيرة يوميًا، إلا أنني لا أهتم على الإطلاق بهذه النظريات !

ميا: "لقد مضى وقت طويل منذ أن التقينا! كيف حالك؟"
إيرين: "أنا بخير، شكرًا! وأنت؟"

ميا: "أنا بخير أيضًا و سعيدة جدًا لأننا استطعنا أن نلتقي أخيرا. هذا اللقاء يذكرني كثيرًا بذكريات طفولتنا."

بعيد كالقمَر (نسخة مترجمة Loin Comme La Lune)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن