الفصل العاشر
( نورا قاسم )
حكيتُ لمكة كلّ ما حدث بيني وبين حسام بالتفصيل ، وفور انتهائي من الكلام قالتْ مذعورة :
ـ الله يخربيت الهبل بتاعك ... بابنتي اصحي للدنيا كده وفوقي من الوهم ده ... دا واحد بيتسلي بيكي ... اللى بيحب واحدة وعاوزها في الحلال يروح يخطبها من بيتها في النور قدام كل الناس .
قلتُ في خوف :
ـ يعني هو مش هيجوزني ؟
قالتْ في غضب بدا فى نبرتها :
ـ النوع اللي زيه بيتسلي مش أكتر ... ولمّا يفكر يجوز هيجوز.. مش هيجوز واحدة دخلت معاه سينما وركبت معاه المراجيح ... دا بيلعب بيكي .
قلتُ مسرعة :
ـ بس هو لو عاوز يعمل كده .... قدامه بنات كتير أشكال وألوان .
قالتْ في حزم :
ـ لأنه بيستمتع بصيد الفريسة أكتر من استمتاعه بالفريسة نفسها .
قلتُ ومازالتْ علامات الغباء على وجهي :
ـ إزاي يعني ؟
أجابتْ :
ـ من غير إزاي ... ما معتز شاب زيه بس رفض يقعد معاكي على انفراد لوحدكم رغم ان باباكي هو اللى قاله .... لانه عاوز كل حاجة فى تبقى فى النور ... تبقى فى الحلال .. وحسام ده بيقولك خبي عن أهلك الهدايا ... تقدري تقولي لأهلك انك بتخرجي مع حسام ... لا طبعا ... لانكم بتعملوا كده فى الضلمة ... واللي تعمليه فى الضلمة وانتي خايفة يبقي حرام ...مفكرتيش في اهلك اللى كلهم ثقة فيكي انك فى الجامعة بتدرسي وبتتعلمي وانتي فى السينما والمراجيع والمطاعم ... ديما سرحانه وشاردة وخايفة أحسن حد يشوفك معاه ... فلازم تتعلمي الكذب واللف والدوران وتنسي دراستك .مرّ يوم واحد بعد زيارتي لمكة ، كنتُ كعادتي في صراع بين ما أفعله وبين ما بداخلي ، شعرتُ بالملل ورحتُ أسأل نفسي ، كيفَ سأقضي فترة إجازة نصف العام دون أن أراه ؟
وتذكرتُ المال ، لقد نفذ مالي ولم يظهر عم حسين ، كان قد وعدني أن يُحضر لي مالا في إجازة نصف العام ، فجأة شعرت ُ اهتزاز هاتفي وحين نظرتُ إليه وجدتُ رسالة من حسام :
ـ عايزك تصدقي قلبك .
اهتزّ قلبي وقرأتُ الرسالة أكثر من مرة ، ثم نمتُ وأنا أفكر ، كيفَ سأشترى هدية لحسام في حفل افتتاح والده لشركته الجديدة :
ـ المرة دي مش هينفع أروح من غير هدية ... كفاية منظري قدامه يوم عيد ميلاده لمّا كلهم قدّموا له هدايا إلا أنا .
ـ بس أجيب فلوس منين ؟
ـ أيوه افتكرت ... مفيش غير مكة ... هي قالتْلي قبل كده انها تعرف واحدة باباها صاحب مصنع هدوم وبيشغّل فيه ستات وبنات .في اليوم التالي ذهبتُ لمكة وأخبرتها أنني أريد العمل ، وحينما سألتني عن السبب فقلتُ كاذبة :
ـ بصراحة قاعدة زهقانة فى البيت والاجازة لسه طويلة فقلتُ أعمل حاجة مفيدة .
أخفيتُ عنها أنني أريد المال من أجل شراء هدية لحسام ، لأنني وعدتها من قبل أن أقطع علاقتي به وأهتم بدراستي ومستقبلي .
قالتْ في حماس :
ـ طالما زهقانة كده ما تيجي تحضري معايا دروس وندوات على النت وهعملك ( اكاونت ) تدخلي بيه جروبات ومنتديات مفيدة ...تقرأي وتثقفي نفسك وتحفظى النصوص الشعرية المقررة علينا السنة الجاية ... وكمان تشاركي معايا فى تسميع قرأن للبنات .
سألتها في جهل :
ـ مكة هو انتي بتاخدي فلوس مقابل دروس القرآن ؟
قالتْ مبتسمة :
ـ فلوس ايه بابنتي ... دي حاجة كده بعملها علشان تنفعني في قبري لمّا أموت .
قلتُ مسرعة :
ـ بعد الشر عليكي .
ثم أردفتُ قائلة :
ـ بصي خليها للاجازة الكبيرة في الصيف ...أوعدك هتعلم منك المشاركة والتفاعل فى النت وأشارك معاكي في تحفيظ القرآن ... بس دلوقتي كلّمي صاحبتك اللى باباها معاه مصنع .
قالتْ :
ـ ماشي يا شابة .