الفصل الثاني:- صفقات

350 16 392
                                    

    
     في قلب مدينة مترامية الأطراف، تحت الأرض وفي مكان لا يعرفه إلا القليلون، كان هناك عرين مافيا يشبه جحراً مظلماً. تحيط به جدران متينة مصممة بعناية، تملأ أجواءه رائحة العفن والشر المستطير. كان المقر يعج برجال من مختلف الأعمار، وجوههم تحمل آثار الزمن والقسوة، عيونهم تلمع بالفساد والخيانة.

كان هؤلاء الرجال هم أتباع الشبح القرمزي، قائدهم المهاب الذي لا يرحم. كانوا يجلسون حول طاولات خشبية ثقيلة، يحتسون الكحول بلهفة ويغرقون في ملذات زائفة، بينما تحيط بهم نساء باعوا أنفسهن بثمن بخس، يسعين لإرضائهم ولتسلية أرواحهم الضائعة. الضحكات كانت تملأ المكان، لكنها كانت ضحكات جوفاء، تخللتها همسات الغدر ومؤامرات الليل.

ومن بينهم جميعاً، كانت هناك فتاة صغيرة في السن تجلس على أحد المقاعد، وكانت بحد ذاتها مميزة، إذ كانت أخت نير التوأم، روز. عيناها البريئتان كانت تلمعان بالحيرة والخوف، لكنها كانت تملك شجاعة خفية، تنتظر اللحظة المناسبة لتظهر. نظرت هذه الأخيرة للأجواء السيئة من حولها وأعربت في قرارة نفسها بانزعاج:

[أشعر بالقرف من هذا الجو… متى سيعود أخي والزعيم؟..]

ولم تلبث طويلاً حتى دخل كل من ميشيل ونير، مما جعل وجهها يشرق بهجة وتهرع نحوهما قائلة:

"أخي! الزعيم! أهلاً بعودتكما!"

بسماع ذلك، نظر الجميع صوبهما ورحبوا بميشيل باحترام مطلق، ليبتسم قائلاً:

"بما أنكم سعداء هكذا فلا بد أن العمل سار بشكل سار."

أومأ أحد الرجال وقال بحماس:

"أجل أيها الزعيم! لقد بعنا الشحنة السابقة بأكملها وحصدنا ثروة لا حصر لها!"

صفر ميشيل بعد سماعه لذلك ثم علق:

"ماذا عن المديونين؟"

رد أحدهم: "ثلاثة منهم لازالوا غير قادرين على الدفع."

"فهمت، اقتلوهم لا حاجة لنا بالأشخاص الذين لا فائدة ترجى منهم. في النهاية، إذا لم يحصلوا على ما يريدونه قد يوشون بأحدكم."

الجميع: "أمرك!"

  كانت روز تنظر بإعجاب كبير لشخصية ميشيل الممتثلة أمامها معربة في قرارة نفسها:

[الزعيم… رائع جداً…]

نظر ميشيل صوب نير ثم قال:

"أكمل ما تبقى، سأذهب لأخذ قسطاً من الراحة."

  أومأ نير برأسه، ودخل ميشيل الغرفة التي خُصصت له في هذا المكان المخفي. رمى بسترته بعيداً باندفاع، وجلس على طرف السرير، مغموراً في أفكاره. بدا من ملامح وجهه أنه غارق في دوامة من الغضب والقلق.

[تبدو الأمور أكثر تعقيداً مما كنت أظن. صوت هذا الفتى لم يكن حقيقياً، كان مزيفاً بوضوح. كيف يمكنه التلاعب بالصوت بهذا الشكل؟ لا، الأهم من ذلك…]

 مطلع العصر الذهبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن