|06|

52 6 0
                                    

لا إلَه إلا أنتَ سُبحانَك إنّي كنتُ مِن الظّالِمين

---

-تبدُو متأنّقا اليوم!

كان هذا تعلِيقُ صبرِي فورَ أن رآه، وقهقه ضاحكا بعد ذاك، بينما اكتفى أركان بابتسامة صغيرة، واستغرقا يتحدّثانِ وهُما واقفان يستنِدُ الأخير إلى الحائط مربعا ذراعيه تحتَ استغراب الآخر وقبلَ أن يسأله لفتت انتباههُ شهقة طويلة، فالتفتَ ينظُر، كما رفع صديقه بصره قبل أن ينزِله ما إن عرف صاحبته، وسمعا منها غمغمة لكلام ما لم يتبيّنا فحواه، لحُسن حظّ مليكة المسكينة، وبعد ذلك نظر صبري إلى أركان مستنتجا سبب وقوفِه هنا بدَل تواجُده في منزله.

-لكِن أليسَ مُبكرا على التأنّق هكذا؟

تنحنح أركان، ثمّ رد بهدوء معدّلا كمّ قميصه.

- لدي اجتماعٌ مع المعلّمين، وقلتُ أضربُ عصفورين بحجر واحد.

-إذن نأمَل أن نحضُر عرسا آخر قريبا!

كان ذلِك تعليقُ صبرِي المبتهج، بينما اكتفى صديقه بابتسامة فحسب، قبلَ أن ينسحب قائلا أنه سيصعدُ إلى شقّته، ورغم أنه دعاه ليشربا كوبا من الشاي معا، تعلّل صبري أنّهُ كان قادما ليلاقِي جارا هنا يعمَلُ نجارا فودعه.

بعدَما سقَى النباتاتِ التي اشتراها الشهرَ الماضي، جلَس في الشرفة وكأسُ الشّاي قبالَته يرتفِعُ مِنهُ البُخار، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة والنّصف صباحا، ورغمَ أنّه خِلال الأسبوع الماضِي كان قد رتّب عمله حتى يتفرّغ اليوم، إلا أنّه لم يستطع إلا أن يفتح حاسوبه الشخصي ويعمَل عليه قليلا لكِنّه أزاحه جانبا بعدَ قليل، إذ كان ذهنُه يطيرُ إلى التفكير، تفكيرُه في الفتاة التي سيتقدّمُ لها اليوم.

مبدَئيا لا يشعُر بشيء خاص، لم يرَ الفتاة من قبل، لكِنّه لم يسمع عنها إلا الخير، سأل عنها واستفسر ووجَد فيها بعضَ ما يحِب، لكِن اللقاء اليوم، والذي سيكون في منزلها بحضور أحد محارمها، سيرسم الصورة بشكل أفضل.

متوتر؟ قليلا.
حزين؟ قلي– كلا! بل كثيرا.

تمنّى لو كانت عائلتُه معه، وربّما كان حضور إيف ليكفيه، وعندَ ذكره لهذه الأخيرة ابتسم، لقد استفاقت قبل شهر ونصف، ولكِنّها ما تزال في العناية، وبعد يومين ستُنقَل إلى المنزل، هذا إن تحسن حالها وسمَح لها الطبيب.

حمدَ الله، واستغرَق يتأمل أصائص النباتات التي تداعبها أشعّة الشمس، ثمّ بعد قليلٍ سمِع صوتَ جلَبة في الحيّ، عقدَ حاجِبيه ووقفَ لينظُر إلى ما يجرِي.

كانت سيّارات تموينِ الأفراح، يخرجون منها الطاوِلات والكراسِي، ليبدأ العمّال في ترتيبها داخِل الخيمة زهِيّة الألوان التي منعت السيارات عن العبور في الشارع.

أركان [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن