"العرين" ف/2

69 2 0
                                    


..
.
.
.
دخلت وشبيهتي إلى المنزل القديم كان أشبه بتلك القصور التي نسمع عنها في الحكايات ونشاهدها في الأفلام التاريخية ما لفت نظري كان ذلك التمثال القابع في منتصف الردهة الواسعة لفتاة في مقتبل العمر بشعر طويل جدا منسدل إلى الوراء تجلس على كومة أجساد و جماجم ترتدي جلبابا فضفاضا وبيدها كرة حجرية أما وجهها فذي ملامح جامدة دقيقة لانف وفم صغيرين وعيناها واسعتان جدا تشبه في ملامحها " سرايا " قالتها شبيهتي وهي تنظر لي وكأنها تقرأ أفكاري ..
-"ماذا؟"
-"أسمها سرايا الفتاة الشبح التي أسرتني منذ فترة لا أتذكرها "
-"أسرتك؟!!"
-"أجل ونجحت في اسرك أنتي أيضا "
-"ماذا تقولين ؟!" وافلت يدي منها..
-"ألم تدركي بعد إنها تقود الأرواح التائهة والتي يملأوها الحقد من الحياة ومافيها.. "
-"بماذا تهلوسين؟!"
-"إنها الحقيقة التي لا تدركين "
تقولها بشيء من الحدة وبدوري اتراجع للوراء في صدمة مما سمعته ماذا تعني بالارواح التائهة هل حقا أني مت لكنني لا أحقد على أحد بعينه لماذا أنا هنا ارتجف خوفا حتى أحسست بنسمات هواء باردة تشتد دفعة واحدة ليندفع ذاك الضباب والبخار الكثيف من كل صوب و الذي عصف بالمكان مع صرخات تكاد تصمني من حدتها جلست قرفصاء اغطي اذناي هلعة جدا بينما شبيهتي تقف لا تحرك ساكنا..
فجأة توقف كل شي أفتح عيناي بكلها وأنا أرى تلك الكتلة من البخار تتشكل أمامي كانت اشكالا لاجساد غريبه رؤوس أطفال وحيوانات تتشكل لتظهر بعدها تلك الفتاة بملامحها الجامدة وشعرها المتطاير في الهواء بعيناها الواسعتان جدا تنظر لي في جمود أما شبيهتي فبدأت بالتلاشي لاصرخ فيها "لا تتركيني " تبتسم لي شبيهتي ابتسامة بعثت لنفسي طمأنينة غريبه مما جعلني اتراجع بيدي التي مددتها لها حينها.. واختفت الشبيهة لابقى مع فتاة البخار..

-"أهلا بك في عريني! "
تقولها لي بينما كانت تعوم لتقترب مني وبدوري اتراجع زاحفة للوراء خائفة منها ومن نظراتها لي التي بعثت لنفسي هلع لا حد له..
لأتفاجأ بلمسها خدي بيدها الباردة جدا تجمدت تماما..
"ساخلصك من حياتك الناقمة "
قالتها بكل ثقة عجيبة بينما تنظر لي بخبث ..
"ماذا تريدين مني " أقولها بكلمات ترتجف كجسدي الذي انهار فجأة..
-"أريد روحك التائهة.. نقمك ع الحياة وانعزالك جعلني أسعى إليك" قالتها وهي تبدي أسنانها الدقيقة لتستطرد " لطالما أردت مثلك منذ عقود توارت ، أنتي من أريد " تقولها في اشتهاء بينما تتحسس يدها وجهي تخيلت وقتها أنها ستفترسني لا محاله بتلك الأسنان المخيفة صرخت بشدة هلعي حتى اتتني تلك الشجاعة التياحسست وقتها ان جميع عروقي تجمعت كتله واحدة لتدفع كامل طاقتها برجلاي لانطلق راكضة نحو المخرج وبدورها تمد من بطنها ذراعا طويلة فتمسكني من راسي وجسم غريب مثل الوتد يمتد هو الاخر في سرعة ليغرس برقبتي لتحبس انفاسي برئتي واختنق بدمي النازف..
سقطت صريعة كنت أرى جسدي وهو يسحل بتلك اليد تحت قدميها الحافيتين لتركلني بكل قوتها شعرت بألم فضيع في معدتي اردت التقيؤ ولم استطع ثم تاخذني تلك اليد لترمي جسدي وسط حفرة متوهجة بجدار ظهرت فجأة ويختفي جسدي بعدها وأنا واقفة أو بالاصح عائمة في فضاء عجيب كأني أشاهد فيلما ويختفي ذاك العالم لاعود للظلام مرة أخرى ..

وليست الأخيرة..
.
.
.
كادت عيناي أن تخرجا من مقلهما عُقدت لساني أردت ابتلاع ريقي الذي صار أمرا مستحيلا اذ تحجر ككتله صخرية خشنه كادت ان تمزق بلعومي من هول ما رأيت...

-"ماذا حدث للتو.. لا بالتأكيد انه حلم آخر مزعج من تلك الأحلام المزعجة التي تلازمني كل لحظة.. فليوقضني أحد... ( ايقضوني أرجوكم سأجن !) " أصرخ في ذاك الفراغ الذي اعوم فيه ولا مجيب.. أصرخ واصرخ أحاول بعث الحياة لنفسي التي بدأ اليأس يغرقها في بحره وبعد مرات كثيرة من الصراخ والصياح لا احصيها صمتت في استسلام "لا أحد يسمعني" أقولها بكل يأس الدنيا في ذاك الظلام الدامس حيث لا شيء فيه عداي أنا وروحي التائهة..
"التائهة.. هذا ما كانت تريده تلك المخلوقة .. ان ايأس حتى تقتلني بيأسي بينما هي تنتظر ذلك في شوق.. ولكن لماذا؟!.. ما الغرض من كل هذا ؟ !!"

-"إنها تتغذى بمظاهر الموت.. "
التفت ورائي لاجد شبيهتي وقد ظهرت من العدم تقولها في برود ..
-"افهميني بالله عليكي ماذا يحدث ؟ لماذا تركتني هناك حيث قتلت على يدها؟!" اقولها مرتجفة..
-" لا أدري آنا مثلك لا أعرف شيئا هناك ما يقودني اتحرك دون وعي أنا روح فقط لا إرادة لي لكن أشعر أنها تحتاج إلي كثيرا كثيرا جدا ماذا أفعل! "
تجمدت مكاني وأنا أسمعها تشكي لي أنها لا تفهم بينما وضحت لي امورا أنا لم اعيها بعد ..
-"من أنا إذن ؟! " أقولها في حيرة من أمري لاجد شبيهتي تقترب مني كطيف باهت ونسيم بارد لف المكان فجأة ..
"إنها تناديني ماذا علي أن أفعل ؟" تقولها وعيناها اكثر حيرة وشتاتا مما أنا فيه..
"ساعديني نهاية إن مت فلا عودة لك! " تقولها ثم تتبخر أمامي وأنا ارتجف مذ آن سمعت نفسي وهي تقولها" مت " يعني أنا لا أزال حية وما مر من أمامي ليس الا وهم لا لن أموت على شيء كهذا لا أريد الموت الآن " (لا أريد!...) اقولها بكل عزم صارخة في وجه وحش الظلام ذاك حتى تلاشى فجأة لتظهر سرايا امامي بشكل أكثر غرابه وجهها ذا ملامح هادئة ع رغم تلك التقسيمات المرعبة في وجهها بعينين يغرقهما حزن وغضب غيظ ومشاعر لم ادركها لأول وهلة ومع ابتسامه أكثر عجبا مما رأيت كانت قد بعثت لنفسي تلك الطمأنينة التي بعثتها لي شبيهتي حين نظرت لها في ذاك المنزل ولكن في مكان يكسوه البياض إنها تلك الغابات ذات الرمل الابيض لكنني لم أشعر بالبرد هذه المرة ككل مره أقابل فيها فتاة البخار..
-"يأسها لذيذ الا ترين ذلك ؟!" قالتها وهي تناظر الأفق فوقها بوجه ينضح اشتهاء جنونيا كأنها كانت تتلذذ بتلك العبارةمما جعلتني اقشعر خوفا وهلعا وتقززا ايضا لا أدري كيف أصف ماشعرت به وقتها أردت الهرب أن أغرق في الظلام هربا مما سمعته كان خوفا ممزوجا بغرابة الموقف لا أتذكر انني عشت كذلك الشعور قبلا " لا أدري لا اعتقد انها تستحق كل هذا " تنطقها لساني متفاجأة مما قلته كأن هناك من انطقني دون رغبتي..
-"لا اريد ان اموت أريد أن أعيش ما تبقى لي من عمر احياه مع أمي لا زلت أريد الاعتذار منها ..." أقولها بدوري ولكني لا استطيع نطقها كأنني احادث فراغا أقف جامدة بلاحراك ماذا يحدث لماذا لا أستطيع النطق ثم بثوان فقط استوعبت الأمر كأن الدور انقلب علي لاصبح ظلالا لشبيهتي بحيث أرى كل شي كنت مجرد عينين في ذاك العالم بجسد شبيهتي..
-"أتعلمين ما أردته فقط هو أن أعود كما كنت ان تحتويني عائلتي الصغيرة قبل أن تتشتت وتضيع !" تقولها شبيهتي بينما أنا أنظر لسرايا ارقب ردة فعلها لتجيبني برد أغرب..
-" عائلتها لا تحتاجها.. بقدر ما احتاجك " تقولها وهي تتمعن ذاك الأفق بشي من الأصرار ع التمسك بي.. تقولها بشي من الكره والحقد لشي لم أدركه " ولكن لماذا؟! لماذا أنا.. كل ما أردته حقا ان تعود حياتي القديمه لي " اقولها بدوري بشي من الحسرة ..
-" عندما اتخلص منها ساجعلك حرة في العالمين ماذا تريدين اكثر " قالتها المخلوقة بشي من الاغراء
-"لكنني أريد عائلتي فقط "
-" أي عائلة تقصدين !" تصرخ المخلوقة في غضب عارم "عائلة لا تمتلك نفسا راضيه ايتها الحمقاء اتريدين أن اريكي ماذا سيؤول مصيرك بذلك مرة أخرى "
-"لا ل ل ل لا ارررجووك" تقولها شبيهتي بينما تتراجع للوراء للمرة الأولى التي اراها ترتعد خوفا منها ولا عجب أن تخاف فأنا بدوري هلعت تماما اذ كانت عيناها تفيض شررا بتلك المجسات العجيبة واسنانها التي برزت في حدة تريد التهام ما امامها في وحشية..
-"لاتغضبيني حتى لا تفقدين .." وتصمت فجأة تركز بنظرها في عيني شبيهتي حيث أنا موجودة..وقد عقدت حاجباها الابيضان المطموسان كجسدها لتقترب في سرعه تمد يدها ذي الاصابع كالمخالب كأنها تريد اقتلاع عيني..
"لقد لحظتني.. " اقولها لنفسي في فزع أردت الهرب لكن وجدت نفسي مقيده في تلك المقلتين
"ياالهي سأموت لا محالة أريد الخروج اخرجيني.. ( نهاية! ) "
اصرخ في شبيهتي بأسمي لاتفاجأ بإحساس ناعم على جبهتي لافتح عيناي على وجه أمي ألذي أشرق في نفسي شعورا لذيذا "لقد نجوت " قلتها في ارتياح وبسرعه حاولت احتضان أمي لكنني لم استطع كنت مقيدة بالاسلاك والخراطيم لاستوعب أنني لا أزال بالمشغى وبدورها أمي احتضنتني في بكاء مرير جدا جعلتني أبكي ع اجتياح مشاعر متضاربة بقلبي المنتفض فزعا ..

أنفاس باردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن