Part 9

128 8 0
                                    


بعد يومين، عادت بريتا إلى عالمها السابق، عالم المكاتب الفاخرة ورائحة القهوة الصباحية في وكالة باكوغو، عالم كان يذكرها بأيامها البسيطة. لكنها لم تعد مجرد سكرتيرة عادية. الآن هي حبيبته السرية التي يخفيها في أعماق قلبه، كسرّ لا يجرؤ على إفشائه. كل لقاء سري معه كان يشبه قطعة من الجنة، تسقط على أرض الواقع. لكن رغم ذلك  هو لا يزال نفسه، الرئيس الصارم الذي لا يتهاون، يخفي وراء قناع الامبالاة  قلبًا عطشان للحب. كانت تحاول جاهدة التوفيق بين عالمين متضادين عالم أحاسيسها المتفجرة وعالم عملها الذي يتطلب منها البرود والهدوء. كل لحظة كانت عبارة عن صراع بين قلبها الذي يصرخ بالحب وعقلها الذي يحاول السيطرة على المشاعر.

"ميلا الرئيس يريدك" قال أحد الموظفين بصوت خافت، عيناه تتجنبان نظرتها الحادة. ارتجفت شفتا ميلا للحظة، لكنها سرعان ما استعادت تماسكها. نظرت في المرآة الصغيرة في حقيبتها، وعدلت خصلات شعرها الأشقر الذي كان يغطي جزءًا من وجهها . أخذت نفسًا عميقًا، وابتسمت ابتسامة ساخرة، ثم انطلقت نحو مكتب باكوغو، خطواتها ثابتة رغم الخفقان العنيف في قلبها.

دقّت على الباب بثقة، وانتظرت لحظة قبل أن تسمع صوته الغليظ يقول "أدخل". فتحت الباب وخطت ببطء نحو مكتبه الفخم، حيث كانت الشمس تغرق خلف النوافذ العالية، تسلط بريقًا ذهبيًا على الأوراق المتناثرة على مكتبه الفوضوي. وقفت أمامه، ورفعت رأسها لتلتقي بنظراته النارية. "ماذا تريد سيدي؟" سألت بصوت هادئ، لكن عيناها كانتا تتوهجان بغضب مكبوت.

"أريدك أن تبتعدي عن بريتا" قال باكوغو بصوت أجش، وقام بضرب يده بقوة على المكتب، مما جعل الأوراق تطير في الهواء. ارتجفت ميلا قليلاً، لكنها سرعان ما استعادت توازنها. "هل أخبرتك أني السبب في ما حدث لها؟" سألت بصوت خافت، لكنها كانت تحمل تحديًا خفيًا.

"لم تكن تريد ذلك، لكني ألححت عليها..." قال باكوغو، ثم أضاف بنبرة حادة "كوني ممتنة أني لم أقبض عليكي، لأنها من كانت تريد ذلك".

"لكن هي من استفزتني" قالت ميلا، صوتها يرتجف رغم محاولتها إخفاء ذلك، وعيناها تتوهجان بغضب مكبوت. باكوغو لم يهتم، ضرب يده على المكتب بقوة، وارتجت الأوراق من شدة ضغطه. "قلت ما لدي ولا يهم من بدأ أولاً، ابتعدي عنها ولا تحومي حولها مجدداً"، صوته كالصاعقة يهز أركان الغرفة.

"ح... حاضر" تمتمت ميلا، أسنانها تصطك ببعضها من شدة الغضب المكبوت، وشفتاها ترتجفان. داخليًا، كانت تشعر وكأن براكين الغضب تتحرك تحت جلدها، جاهزة للانفجار في أي لحظة.

نظر إليها باكوغو نظرة قاتلة، ثم أدار وجهه بعيداً. "اذهبي الآن وغيّري ملابسك اللعينة هذه، فإن رأيتكي بها سأدفنك بأرضك وأنتِ حية"، تهديده يخرج من أعماق حنجرته، حاملًا معه نبرة حقد لا تُخفى.

خرجت ميلا من المكتب، عيناها تتوهجان بدموع الغضب، ويدها تمسك بحلقها وكأنها تحاول كتم صرخة الألم التي تعصف بداخلها. كل خطوة تخطوها تشعر بها وكأنها سكين تغرس في قلبها. سارت في الممرات ، وكأنها تائهة في متاهة من الظلام. فجأة، ظهرت بريتا في الأفق، وجهها يفيض ثقة بالنفس، حاملة بين يديها الملفات وكأنها تحمل انتصارًا جديدًا. عند رؤيتها، انفجرت شرارة الغيرة في قلب ميلا، فاندفعت نحوهما كالنمر الجريح، انتزعت الملفات من يد بريتا بقوة، وبعنف رمتهما على الأرض، متناثرة كأوراق الخريف الذابلة.

حــبٌ فــي مــواجهة الــزّمن || Bakugou Katsuki حيث تعيش القصص. اكتشف الآن