بعد شهر، كانت بريتا تتألق بشفائها التام، وكأنها طائر فُك قفصه. نظراتها التي كانت تحمل أثر الألم والتردد، أصبحت الآن تتوهج بالإصرار والعزم. يدها التي كانت قيدًا عليها، أصبحت الآن أداة إبداع مرة أخرى، ترسم لوحات جديدة بالحياة. عودتها للعمل مع باكوغو في الوكالة كان بمثابة ميلاد جديد، فلم تعد بريتا مجرد زميلة عمل، بل شريكة في المغامرات والمخاطر، تساندانه وتساعده على مواجهة التحديات التي تنتظرهم.مينا، كما عودتنا بطبعها المستعجل، لم تستطع مقاومة إفشاء سرهما العميق، فنشرت الخبر كالنار في الهشيم، وكأنها تتوق لأن يعلم العالم بأكمله بحبهما. باكوغو، رغم غضبه الأول الذي أشعل وجنتيه، لم يستطع مقاومة سحر ابتسامة بريتا العذبة وكلمات اعتذارها الصادقة التي خرجت من أعماق قلبها. في النهاية، وجد نفسه يغفر لها، مدركًا أنها جزء لا يتجزأ من حياته، وأن غضبه كان مجرد عاصفة عابرة.
رغم تردده المعتاد، وجد باكوغو نفسه يسير بخطوات بطيئة نحو الشاطئ. كان يقاوم رغبةً داخليّة عميقة، لكن إلحاح بريتا كان أقوى. ابتلع ريقه، ووجه نظره إلى الأمواج المتلاطمة، وكأنه يحاول أن يجد فيها مبرراً لتأجيل هذا الموعد.
"ماذا إذن كيف وافقتِ على القدوم بعد أن اعترضتِ ألف مرة؟" قالت بريتا، وهي تلعب برمال الشاطئ بقدمها.
"إن كنتِ تريدين العودة فلا مانع لدي." قال باكوغو، وهو يرمقها بنظرة جانبية سريعة، ثم يعود إلى النظر إلى الأمام.
"لا طبعاً من قال هذا... لكن ما رأيك أن تذهب وتحضر لنا شيء لنشربه؟" قالت بريتا وهي تضحك بخفة، وتحاول إخفاء توترها خلف ابتسامتها.
"ماذا تريدين؟" قال باكوغو، وهو يتوقف للحظة، ينظر إليها مباشرة، وكأنه يتحدى إجابتها.
"لا شيء محدد... أي شيء." قالت بريتا، وهي تتجنب نظره، وتلعب بخصلات شعرها.
"إذن انتظري هنا." قال باكوغو، وهو يبتسم ابتسامة صغيرة، ثم ينطلق سريعاً، تاركاً بريتا وحدها على الشاطئ.
بعد أن اختفى باكوغو من أمام عينيها، وقفت بريتا تراقب البحر بذهول. لم يمض وقت طويل حتى لاحظت شيئًا غريبًا يجذب انتباهها. رجلين يرتديان ملابس رياضية، يقفان على بعد أمتار قليلة، يرميان أكياسًا بلاستيكية في المياه الصافية. غضبت بريتا بشدة، فكيف يجرؤون على تلويث هذا المكان الجميل؟
تقدمت نحوهما بخطوات ثابتة، صوتها يرتفع مع كل خطوة. "ماذا تفعلون؟ هذا مكان عام، وليس مكبًا للنفايات!" صرخت في وجههما، وهي تشير إلى الأكياس المتناثرة على الرمل.
فوجئ الرجلان بسؤالها، وتبادلا نظرات متسائلة. أحدهما ابتسم بسخرية، وقال: "وما شأنكي أنتِ؟ هذا البحر واسع، وسيتحمل القليل من القمامة."
أنت تقرأ
حــبٌ فــي مــواجهة الــزّمن || Bakugou Katsuki
Aléatoireبَذُورُ الْحُبِّ زَرَعَتْ فِي قَلْبِي مُنذْ نُعُومَةِ أَظْفَارِي، لَمْ أَدْرِكْ مَعْنَى تِلْكَ الْمَشَاعِرِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ افْتَرَقْنَا، وَحَدَهُ الزَّمَنُ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُنْبِتَ تِلْكَ الْبَذُورَ وَيَجْعَلَهَا تَنْمُو لِتَصْبَحَ شَج...