الوافد الغامض

69 7 18
                                    

كانت السماء ملبدة بالغيوم الرمادية، تفرش ظلها الباهت على البلاط المرصوف بالخارج.  قطرات المطر تتساقط برفق، تلامس الأرض بهدوء كما لو كانت تُهدهد الطبيعة.خرج الامبراطور كينتاي مع اوكامي ، الذي تبع خطواته بصمت، وهو يستمع باهتمام لكل كلمة تخرج من فمه. الرياح الباردة تحمل في طياتها رائحة الأمطار الأولى،تبعث في الارواح جوا  من الصفاء والترقب.

في تلك اللحظة، ظهرت يونا من خلف صفوف الخادمات، ترتدي كيمونو بلون حليبي نقي، تتمايل أذياله مع حركتها النشيطة.  رباطات شعرها الزرقاء تتمايل مع الرياح، تبرز ابتسامتها الطفولية النقية التي تضيء وجهها. كانت تجري بين الحقول، تمرح كفراشة ترقص تحت المطر.

لمحت يونا والدها كينتاي ، توقفت للحظة، تلمع في عينيها فرحة بريئة. ثم انطلقت نحوه بسرعة، خطواتها تعكس شوقها العارم إليه. عندما وصلت إليه، قفزت نحوه دون تردد، لتحتضنه بذراعيها الصغيرتين.تفاجأ بهذه العاطفة الجياشة، لم يتمالك نفسه. انحنى قليلًا ليلتقطها بين ذراعيه، ورفعها عاليًا في الهواء كما لو كانت أغلى كنوزه. بدأ يطبع قبلات صغيرة على وجنتيها، ويمسح شعرها بنعومة، بينما ضحكتها العذبة تملأ الجو المحيط بهما. و كأن الزمن توقف للحظة، حيث تمازجت ضحكاتها مع رائحة المطر وصوت القطرات التي تطرق الأرض برفق.

توقف أوكامي بعيدا ، ايبصر المشهد بعينين مظلمتين ، شعر بوخز من الحزن يتسلل إلى قلبه. كلمات الإمبراطور تتردد في عقله، عندما قال ليونا، "أنتِ ابنتي الوحيدة المفضلة." شعر وكأن جرحًا قد فتح في روحه، جرحًا لم يكن يدرك عمقه حتى تلك اللحظة. وبينما كان يحاول الابتسام بعصبية، لم يكن قادرًا على تجاهل تلك الأفكار التي تحتل عقله حول يوري.كيف نسى أمرها بسرعة ، كان هدفه كل يوم أن يعود لها لتلك الجميلة يجلس معها داخل القفص يعلمها الشطرنج و يمشط شعرها و كأنها ابنته .حمل كينتاي يونا بيد واحدة حين مشى بها على طول الرواق 

تحدثت صاحبة العينين السوداويتين وهي تمسك بيد والدها بكلتا يديها  ونظرت إليه بعينيها البريئتين

 "أبي، أحب المشي معك. و لما السماء تبكي؟"

ليجيبها وهو يبتسم ،حين  مرر يده على شعرها الناعم

"السماء ليست حزينة، يا صغيرتي. أحيانًا، تسقط الأمطار لتسقي الأرض وتجعل الزهور تنمو. مثلما تسعدني ضحكتكِ، تفرح الأرض بالمطر."

لتضحك بصوت ناعم وتلمع عيناها

 "أحبك، أبي! أنتَ أفضل أب في العالم كله."

"وأنتِ أفضل هدية منحني إياها العالم. لن أتركك أبدًا، وسأظل أحميكِ دائمًا."

وضعت رأسها على كتفه الصلب وهمست بصوت ناعم

"أنا أحبك كثيرًا، أبي. هل ستظل معي دائمًا؟"

 طبع قبلة على جبينها وهمس في أذنها "دائمًا وأبدًا، يا نور عيني. سأكون هنا لحمايتكِ ورعايتكِ، ولن أدع أي شيء يفرقنا."

Rengō-kai_Realm of linked cursesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن