الجحيم

81 8 10
                                    

قبل شروق الشمس، السماء مغطاة بسحب داكنة، تلوح فيها بقايا النجوم الباهتة، وكأنها تحاول التمسك بآخر لمسات الليل. لون السماء  يميل إلى البنفسجي الداكن، مخلوطاً بألوان الفجر الوردية والخافتة التي بدأت في الظهور ببطء على الأفق. الرياح  باردة، تحمل معها همسات الليل الأخيرة،تجمّع الكهنة والشامانات حول القبو، يرتدون أثوابهم التقليدية المزخرفة بالرموز القديمة. وجوههم  مغطاة بالأقنعة المقدسة، وأيديهم تمسك بالعصي الطقسية. بدأت أصوات الترانيم تتعالى، كلمات غامضة ومهيبة تردد صداها في الهواء، وكأنها تستدعي قوى الظلام والأرواح القديمة،حملت يوري الرضيعة بين أذرعهم،  ملفوفة بقطعة قماش بيضاء ناصعة، وكأنهم يحاولون إبقاء نقاوتها حتى اللحظة الأخيرة. أنزلوها ببطء إلى القبو المظلم، الذي  يغمره ضوء الشموع الخافتة. في وسط القبو، كان هناك قفص غينجي، مصنوعة قضبانه من معدن ممزوج بدماء والدها الإمبراطور، يلمع بوميض غريب تحت ضوء الشموع.

حملها كينتاي ووضعها على فراش أبيض ، خرج من القفص و عيناه امتلأت دمعا ، قلبه يعتصر وروحه تطلب تبادل الأدوار .

وأغلقوا الباب بأقفال محكمة. ترددت الترانيم أكثر وأكثر، تزايدت قوتها وكأنها تدعو الأرواح للالتفاف حول القفص. كانت أصواتهم تتمازج مع أصوات الرياح، مكونة لحنًا غريبًا ومرعبًا. القفص كان بارداً، أرضيته مبللة، ورائحته تشبه الدماء القديمة

في الشطر الأخر من القبو ، استقر هناك حمام أسود، وهو سائل غامض يُستخدم للحفاظ على التقنيات الملعونة.  يُعرف بقدرته على حفظ قوة التقنيات حتى بعد موت صاحبها. وعندما توفيت الإمبراطورة الأولى توشينو، قرر النبلاء عدم دفنها أو حرق جثتها، بل غمروا جسدها في هذا السائل الأسود للحفاظ على تقنيتها الخاصة باستدعاء الظلال العشر.

 بركة دائرية عميقة، سطحها يعكس لونًا أسود براقًا كأنه مرآة تعكس أعماق الروح. جثة الإمبراطورة كانت تغمر في وسطه، محاطة بوهج خافت ينبعث من السائل. بعد ان ابتلعت جثتها ابتعد الجميع ليعيشو حياتهم من جديد ، كينتاي قد دفن روحين في يوم واحد ، لكن فكرة ان ابنته ستكبر في ذاك الجحيم  ،التهمت فؤاده.

........

مرت الساعات لتصبح أياما و الايام لأسابيع و الأسابيع لأشهر ، و الاشهر لسنوات ، يوري الآن عمرها عامين  طول هاته السنتين في ذلك القبو حيث لم يكن هناك سوى ضوء خافت يتسلل من شقوق الجدران، كان كينتاي يقوم بزيارات خفية إلى قفصها. كل منتصف ليل، عندما كان الليل يزحف بهدوء عبر الأرجاء، كان الإمبراطور ينسحب إلى أعماق الظلام حيث يحتجز ابنته، حاملاً معه طعامًا قليلًا من أجلها. كان يتسلل بهدوء إلى القفص، وتحت ضوء شمعة ضعيف كان يسكب الطعام بصبر واهتمام في فم يوري، مُحاولاً في صمت أن يخفف من وطأة عزلتها.

Rengō-kai_Realm of linked cursesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن