بعد ساعة من السير بالعربة، وصلت إلى وجهتي: قلعة الرماد المتواجدة في حدود القصر الإمبراطوري. عند دخولي، تم إحضار ثيابي وبعض الحلويات والشاي لفترة ما بعد الظهر. كان العقاب أنني سأقيم في البرج لوحدي، لذا أحضرت الخادمات مستلزماتي ورحلن. بعد أن خرجن من القلعة، بدأت أتجول في أرجاء القلعة الكبيرة، حيث اكتشفت أنها جميلة وواسعة من الداخل على عكس مظهرها الخارجي. أدركت أن الشائعات عن أنها مسكونة ومخيفة مجرد قصص تناقلتها الخادمات.
ذهبت إلى مكتبة القلعة، وبعد أن سكبت لنفسي الشاي، بدأت أقرأ كتابًا عن تاريخ المملكة الغربية، وهي المملكة المجاورة لإمبراطوريتي. مرت الساعات وأنا أقرأ حتى انتهيت. من شدة التعب، وضعت رأسي على وسادة الكرسي الذي أجلس عليه وأخذت أنظر إلى الغرفة المقلوبة في نظري. لاحظت صندوقًا صغيرًا به بعض الصحف، فأخذت أحدث صحيفة في الصندوق، والتي تم نشرها قبل شهرين. بدأت أقلب صفحاتها وأنا أشعر بالملل حتى لفت نظري عنوان عن حادثة اختفاء الطفل النبيل لوكاس فيرفاكس فجأة قبل سنتين. كان هذا الطفل ابن ثالث دوق في الإمبراطورية. من المكتوب في المقال، بعد تحقيق طويل، قررت المحكمة الإمبراطورية إقفال القضية لعدم وجود أي أدلة.
انتهيت من القراءة وخرجت إلى الحديقة لأشاهد غروب الشمس. استعدت ذكريات ذلك اليوم حينما وصل خبر وفاة والدي ويوم انتحار والدتي. أذرفت الدموع وفكرت: هل سأكون سعيدة كما كنت من قبل؟ ثم طردت الأفكار المحزنة من رأسي وابتسمت بعد التفكير في أخويّ الصغيرين.
في المساء، دخلت إلى القلعة واتجهت إلى الغرفة المخصصة لي. بعد أن استحممت وبدلت ثيابي، ذهبت إلى السرير لأنام. فكرت أنه لو كان السيد لوكاس على قيد الحياة، لكان أصغر مني بسنة. حزنت قليلاً لأجل الدوق فيرفاكس، ثم غرقت في نوم عميق لم يوقظني إلا صوت ضحكات عالية من الطابق السفلي في القلعة.
أخذت الشمعة ونزلت إلى الطابق الأسفل. في الطريق، وجدت أحد التماثيل للفرسان، فأخذت منه السيف. كلما اقتربت، زاد الصوت أكثر. بدأت أفكر: هل صحيح أن القلعة مسكونة؟ وصلت إلى قاعة الطعام ووقفت أمام بابها حيث تخرج الأصوات. استجمعت شجاعتي وفتحت الباب بقوة قائلة: “من هنا؟” حتى تفاجأت بما وجدت أمامي!
“أنتما مجرد طفلين بعمري! من أنتما؟ لقد أخفتُماني.”
“يبدو أن لدينا ضيفًا يا صديقي إدوارد. ماذا سنفعل بها؟” قال أحدهما.
“أجل، يبدو الأمر كذلك، ألكساندر. هل ننفذ الخطة؟” رد الآخر.
“أنتما لم تجيباني! من أنتما؟ وعن أي خطة تتحدثان؟” سألتهما.
“لا تقلقي، لن تتألمي كثيرًا.” قال إدوارد.
“توقف يا إيد. يبدو أنها صدقتنا وخافت.” قال ألكساندر وهو يضحك. “اسمي ألكساندر، أما عن اسمي الأخير، فهو سر. تشرفت بلقائكِ، أيتها الآنسة.”
“وأنا إدوارد. تشرفت بلقائكِ، آنستي.”
“تشرفت بلقائكما. اسمي إيلينا. ما الذي تفعلانه هنا؟” سألت.
“في الأصل، نحن من يجب عليه سؤالكِ، لكن لا بأس. نحن نأتي إلى هنا كل أسبوع منذ سنة مضت.” قال ألكساندر.
“وهذه قلعتنا السرية. ما الذي تفعله الآنسة هنا؟” سأل إدوارد.
“أنا هنا وسأقيم لأسبوعين عقابًا على ما فعلت.” أجبت.
ضحك إدوارد.
“ وما الذي فعلته الآنسة؟!” سأل ألكساندر ضاحكاً.
“ليس شيئًا مهمًا، فقد جعلتُ أحداهن تبكي.” أجبت.
“هذا نادر الحدوث. بالمناسبة، هل تودين الجلوس معنا؟” سألني ألكساندر.
“بالطبع، أحب ذلك.” أجبت له.
ذهبت لأجلس وأمضينا بقية الليلة في الحديث واللعب والضحك. من طريقة حديثهما وتصرفاتهما، استطعت أن أستنتج أنهما نبيلان رفيعا المستوى. استمرت صداقتنا بهذه الطريقة لأيام، وكنا نفعل شيئًا جديدًا كل يوم. أصبحنا قريبين جدًا. خلال هذه الأيام، أرسل لي أخويّ رسالة وكذلك الدوقة.
اليوم، أنا أجلس في المكان الذي تبقى لي به فقط يومان. عدت أشعر بالملل مثل أول يوم، خصوصًا بعد أن ذهب صديقاي الجديدان، لوكاس وإدوارد، إلى الأكاديمية لتعلم المبارزة. تناولت وجبة العشاء وصعدت لأنام. بعد أن غططت في النوم، استيقظت بصوت مجددًا، لكن هذه المرة كان بالخارج. قلت لنفسي: سيكون هذان لوكاس وإدوارد يحاولان إخافتي. عندما خرجت إلى الحديقة، ناديت باسميهما ولم أسمع ردًا. قلت إن الصوت ليس منهما، وإنما هي الرياح، فقد كان الجو عاصفًا قليلاً.
قررت العودة إلى الداخل. في طريقي، توقفت قليلاً قرب الشجرة. سمعت صوت خطوات خفيفة وراء ظهري، فابتسمت وأدرت ظهري قائلة: “إذا كنتما…”. قبل أن أتم جملتي، وقفت خائفة من المنظر أمامي. كان يقف فتى أصغر مني بقليل، شعره طويل وأزرق مشع اللون، وكان ينظر إليّ بعينين حمراوين مخيفتين. آخر شيء رأيته أنه مد يده ليقتلني ممسكًا بعنقي!