أما من سبيلٍ لربط قلوبنا بالمولى سبحانه وتعالى؟
أما من سبيلٍ للتّخلصِ من ذلك الفراغ الذي ينهش دواخلنا ويلحُّ علينا بالتقرّب من ربّنا وإصلاح علاقتنا معه؟!أبشّرك يا أُخيّتي أنّ السُبُل لذلك كثيرةٌ ويسيرةٌ، قد تُسائلني إحداكنّ أن كيف؟! كيف ذلك وقد مُلئت قلوبنا ذنوبًا وأُشربَت سيئاتٍ عظيمة؟! كيف لنا أن نعود ونتقرب من الله بعد كلّ ما فعلنا؟!
أجيبكِ أن اطمئنّي؛ فما تلكَ الأفكار إلّا وساوس ومثبّطاتٍ من الشيطان يريد بها أن يُضلّك عن الصراط ويبعدك عن ربّك قدر المستطاع فدعْكِ من تلك الوساوس وهلمّي أخبرِك بالتّرياقِ الذي سيشفي فؤادك من أثر الذنبِ بإذن الله!
أتعلمين يا أختي أنّ فراغك سببٌ عظيمٌ من أسباب وقوعكِ في المزلّات؟ الشيطانُ يتربّصُ أوقات فراغكِ ليوقعكِ في الذنوبِ.
فقد قال الحبيبُ -ﷺ-: ﴿نعمتانٌ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ؛ الصّحةُ والفراغُ﴾
الحلُّ بسيطٌ جدًّا؛ ما عليكِ سوى أن تبذلي جهدكِ في ملء فراغكِ بما يُشغلك ويقرّبك من المولى -عزّوجلّ-.
أشغلي فراغك بتعلّمِ العلمِ الشّرعي، وهناك سبلٌ عدّة لفعل ذلك أهمها الكتبُ الشرعية وأيضًا منصة اليوتيوب والفيديوهات المتواجدة عليها، كلّ شيء أصبح مسهّلًا الآن أفلا نستغل الفرصة؟! أشغلي فراغكِ بتلاوة بضعِ آياتٍ من القرآن، أشغلي فراغكِ بالاجتهاد في دراستكِ، كما يمكنك ممارسةُ هواياتكِ المباحة مثل رسم المناظر الطبيعيّة دون ذوات الأرواح، تعلّم فنّ جديد كالأشغال اليدويّة مثلا، وإشغال فراغك فيما ينفعك، ممارسةُ الرّياضةِ كذلك ستفيد!زاحمي السّيئاتِ بالحسناتِ، كيف ذلك؟!
املئي وقتك بالحسناتِ وجاهدي نفسك على ذلك!المشاغلُ والالتزاماتُ في يومكِ كثيرةٌ؟! لا تجدين وقتًا للعبادة؟!
هذا وهمٌ من الشيطان وعليكِ إذن أن تدحري ذلك الوهم بتخصيص وقتٍ معيّن في يومكِ - ولو ساعةً واحدةً - تصبّين فيه جلّ تركيزك على العبادة وينصرف قلبكِ وذهنك إليها.فقط ساعةٌ واحدةٌ من يومك كلّه، وصدّقيني بالتّدريج ستصير تلك الساعة ساعاتٍ بإذن الله، فقط اعزمي على ذلك واستعيني بالله!
اقتصي من وقتكِ شيئًا خاصًا لربكِ لا يزاحمك فيه شيء!
والتدريج قد يبدأ ببساطةٍ بتركك للمحرّمِ والانشغال بالمباحات وثم شيئًا فشيئًا ستنتقلين من المباحات إلى الانشغال بالواجبات أكثر.
بمعنى، إن كان أغلب وقتكِ محجوزا لمعصية تضيع دنياكِ وآخرتكِ، فتخلصي منها باستبدالها حتى لو بشيءٍ لا يضرٌّ ولا ينفع، ثم اتركي ما لا يضر ولا ينفع لما فيه خير ومصلحة، ومن ثم فاضلي، وجاهدي نفسك على الإقبال على الخيِّر والأَخيَر!
تذكري، تدرجي، وحددي أولوياتكِ ورتبيها، فإن كنتِ مشغولةً في مساعدة والدتك في طهي الطّعام مثلًا وأذّن الظّهرُ فعليكِ أن تجاهدي نفسكِ وتتركي ما بيدك وتسارعي للقاء ربّك؛ فمن أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه!
مازال هناك فتورٌ في قلبك وإعراضٌ عن الطاعة؟!
إنّ هذا إذن من أثرِ الذنوب يا أخيّتي الغالية، فقد تكون الذنوب مانعةً لكِ من الخشوع والإقبال على الله بقلبٍ سليم.عليكِ أن تتوبي من كلّ ذنبٍ وأن تجاهدي نفسكِ لترك الذنوب والمعاصي التي تجرّك لذنوبٍ أخرى وتمنعك من الشعور بلذّة القرب من المولى -عزّوجل د-.
الأمرُ في غايةِ السهولةِ، هي ثلاثُ قواعدٍ فقط:
إقلاعٌ
فندمٌ
فعزمٌإقلاعٌ عن المعصية، فندمٌ عليها، فعزمٌ على عدم العودة لها مطلقًا.
وكلما باغتكِ الفراغ، وعرقلة وتيرتكِ، ووجدتِ يديك خالية الوفاض تذكري الأمر الإلهي: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَب﴾.
ولا أخفيكِ أن الأمرَ يحتاجُ عزمًا ومجاهدةً عظيمةً للنفسِ ولكن استحضري قول الله عزّوجلّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا} [الطلاق:2].
وقد قال رسولنا -ﷺ-: ﴿مَن ترك شيئًا اتِّقاء الله عوَّضه الله خيرًا منه﴾
فاتخذي من ذلك معينًا واستعيني بالله وتقرّبي منه فلازال البابُ مفتوحًا أمامَكِ؛ فلا تضيّعي تلك الفرصة واغتنميها!
ملقانا في الفصل القادم إن شاء الله❤️
أنت تقرأ
ترياق الإباحية
Spiritualتوبة نصوح، خطواتٌ عملية، وهممٌ متجددة... الخطوة المحورية في تلقي العلاج بعد تشخيص العلة ومعرفة الداء هي التعرفُ على الدواء المناسب ولزومه. لهذا الداء الذي أبعدك عن الله عز وجل، وبدد إيمانك، وفتك بحيائك، وأضاع عليك دنياك وآخرتك.. إليكِ الترياق!