CHP 4 | مُحَادثة؟

6 2 0
                                    

كان الليل قد حلّ، وزادت السماء سواداً بفعل غياب القمر. تحولت النجوم إلى نقاط صغيرة من الضوء ترصع السماء كحبات لؤلؤ متناثرة على قماش أسود. كانت الحديقة الخلفية للقصر محاطة بأشجار عالية، تحجب بعض الضوء وتضفي على المكان هدوءًا غامضًا. ولكن وسط كل هذا، كانت إداريـــا وكالسيوس مستلقيين على العشب الناعم، يشعران بأهمية اللحظة التي جمعت بينهما.

إستلقت إداريـــا بجانب كالسيوس، عيناها على النجوم المتلألئة في السماء. كانت الليلة صافية، وكل نجمة بدت وكأنها تحكي قصة قديمة، أسرارًا من عوالم بعيدة.

"هذا المشهد..." قالت إداريـــا بهدوء، وهي تأخذ نفسًا عميقًا، "لم أرَ في حياتي شيئًا يشبهه. هنا يبدو كل شيء مختلفًا، حتى النجوم."

ظل كالسيوس صامتًا للحظة. "النجوم هي نفسها، أينما كنتِ. لكنها تبدو مختلفة فقط لأنكِ تنظرين إليها من منظور جديد. عندما تتغير المناظر، تتغير الرؤية."

التفتت إداريـــا لتنظر إليه، محاولة فهم المعنى الذي خلف كلماته. "هل هذا ما تشعر به؟ أن كل شيء يبدو مختلفًا لأنك تنظر إليه بطريقة جديدة؟"

ابتسم كالسيوس قليلاً، موجهًا نظرة نحوها، "ربما. لكنني أعتقد أيضًا أن بعض الأمور تتغير لأن الأشخاص الذين نلتقي بهم يغيروننا. أنتِ مثلاً، قد تكونين سببًا في تغيير هذا العالم."

ابتسمت إداريـــا، لكنها لم تكن متأكدة إذا ما كانت تستطيع أن ترى نفسها بالشكل الذي يراه هو. "أنا؟ أنا مجرد فتاة عادية. لم أكن أتصور أبدًا أنني سأجد نفسي في مكان مثل هذا، أو أن أقابل شخصًا مثلك."

أجاب كالسيوس بنبرة عميقة، "لكن القدر له طرق غامضة في جمع الناس معًا. قد تكونين من هذا العالم أو قد لا تكونين، لكنك هنا الآن، وهذا يعني شيئًا. وربما يكون هذا اللقاء جزءًا من خطة أكبر."

شعرت إداريـــا بأن كلماته تحمل وزنًا عميقًا، لكنها لم تستطع أن تقاوم الفضول الذي كان يتملكها. "هل تؤمن بالقدر يا كالسيوس؟"

نظر إليها كالسيوس بنظرة تحمل في طياتها سنين من التجارب والصراعات، "قد أكون مضطرًا لذلك. لقد رأيت كيف يمكن للأمور أن تتغير بطرق لا نتوقعها، وكيف يمكن لشخص واحد أن يغير مجرى التاريخ. ولكن القدر لا يعمل بمفرده. إنه يتطلب الإرادة والاختيار."

"هل تعتقد أنني هنا لأغير شيئًا؟" سألت إداريـــا، وشعرت بقلبها ينبض بسرعة.

"أعتقد أن كل شيء ممكن." أجاب كالسيوس، ثم أضاف بعد تردد، "ولكن ما يهم حقًا هو ما ترغبين في تغييره. القوة ليست في اليد التي تحمل السيف، بل في العقل الذي يوجهها."

ساد الصمت للحظة، حيث كانت الكلمات التي قالها كالسيوس تتردد في عقل إداريـــا. شعرت بأنها تقف على حافة شيء جديد، شيء لم تفهمه بالكامل بعد. ولكن بجانب كالسيوس، شعرت بالأمان والطمأنينة، وكأنها ليست وحدها في هذا العالم الغريب.

"أخبرني أكثر عنك، كالسيوس." قالت إداريـــا بهدوء، محاولة أن تتعرف على الرجل الذي يجلس بجانبها، والذي بدا وكأنه يحمل سرًا دفينًا.

"ليس هناك الكثير ليقال." رد كالسيوس بنبرة تمزج بين التواضع والغموض. "أنا مجرد إمبراطور يحاول الحفاظ على إمبراطوريتة. لقد ورثت هذا الدور منذ زمن طويل، لكني لا أزال أتعلم كل يوم."

"هل كنت دائمًا تشعر بأنك مقدر لهذا الدور؟" سألت إداريـــا بحذر.

"في البداية، كنت أشعر دائمًا بأنني المناسب لتولي العرش..وبعد أن توليتة، أدركت أنة لازال هناك الكثير امامي لتعلمة..وتقديرة كأرواح شعبي..."

شعرت إداريـــا بأن هناك شيء عميق في كلماته، ل-ول مرة بدا لطيفًا، وكأنة لم يكن طاغيًا... "أنت...تهتم حقًا؟"

ابتسم كالسيوس بمرارة خفيفة. "فالحقيقة، لا أهتم. سيموت الجميع فالنهاية." قال بسخرية

نظرت إلية بإشمئزاز 'كيف صدقتة...مالذي توقعتة من طاغية مجنون' فكرت لِنَـفسِها..

ساد الصمت بينهما مرة أخرى، لكن هذه المرة كان الصمت مريحًا، كأنه جسر بين عالمين مختلفين. كانت الحديقة الخلفية للقصر هادئة، ولكن بداخلها كانت هناك عاصفة من المشاعر، بدأت تنمو ببطء...

The journey to the emperor's heart | الرحلة لقلب الإمبراطورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن