صدفة

402 36 40
                                    

التقينا صدفه، يومها كنت اسير مسرع ذاهب لعملى، لا أطيق نسمة الهواء الساخنة التى تداعب شاربى في فصل اغسطس، كانت تتحدث في الهاتف غير منتبهة لطريقها.

كذلك أنا مرتطمين ببعض يعتذر كلانا للآخر بحرج، لم تنظر لعيني قط؛ كانت تبحث عن نظارتها الطبية، تدخلت ابحث لها عنها، اناولها النظارة مهمشة احد عداستها، امسكت بها ناظرة لي تقول مدمعة الأعين:

_النظارة هشمت! لقد اشتريتها أول أمس فقط.

لم اعرف ماذا اقول في ذلك الموقف، هل اواسيها؟ قد تعتقد أنني اغازلها، ماذا أفعل يا ترى! تذكرت لتوى أنني اشتريت علبة منديل جديدة، اخرجتها من جيبي أقدمها كلها لها ببسمة على محياى لا اعلم سببها، بادلتني التبسم ترفض اخذها تعانق يدها النظارة مستأذنة بالرحيل.

غادر كلانا، و لكنها لم تغادرنى تلك الملامح البريئة و الخجل المتوارى خلف تبسمها، لا أعلم لم افكر بها، هل أعجبت بها؟ لا ليس بتلك السرعة بالتأكيد، لماذا إذا لازلت اتذكر
نظرتها؟

...............................

دخلت المكتب متأخر كعادتي و المدير يسأل عني كمن تاه منه ابنه، و للمرة الألف لا ادخل للقائه، بات معتاد على ذلك فلم يبالي ككل مرة، يشبهه والدي مهما حدث بيننا من خلاف ينسي مجرد أن تمر الدقائق و استغل ذلك احسن استغلال، لا تتعجب فالمحاسبين قادرين على التكيف في اي ظرف و مكان.

جلست مكاني اطلع ما على شاشة الحاسوب انهى العمل المكلف به وسط همهمة و ثرثرة زملائي بالمكتب.

_اخفضوا صوتكم؛ لا استطيع التركيز.

التقطت الأوراق تقرأها بعينيها سريعا تنظر للشاشة أمامها متحدثة معى بنفس الوقت:

_ركز فيما تفعله و سوف تنهيه بدون أخطاء.

_لسنا كلنا مثلك يا نشوى، صحيح هل انهيت الملف الذي ارسلته لك؟

ضغط على الأزرار بشكل متتالى تجيبه:
_لقد وصلك الآن.

تجاهلت مزاحه تكمل عملها، كل منهم يصب تركيزه فيما يفعله مثرثر مع الأخرين، يومه رويتني للغاية عكس يومها دائماً ما يكون فوضوي بشكل فج، ساعات نومها غير منتظمة؛ أحياناً تستقيظ بالمساء تقضى
بقيته في تناول الطعام و الحديث مع صديقاتها.

و تارة تكون نشطة تقوم مبكراً، تتحرك بخفة هنا و هناك، وتيرة حياتها ليست ثابتة على شيء، اعتادت ذلك منذ صغرها حتى تخرجها من كلية تجارة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.

امسكت بطبق فخار فيه رز معمر محشو بكبد الدجاج تتناوله و بجانبها زجاجة عصير برتقال بالقصب تشرب منها اثناء أكلها، تشاهد كرتون ليلو و استيتش للمرة المليار و تثور على الفتاة صاحبة الشعر الأصفر هي و اصدقاءها لتنمرهم على ليلو، علا صوت التلفاز فخرجت والدتها مترجلة نحوها تمسك بجهاز التحكم بالتلفاز من على بعد تخفض صوته، يشبهه صوت الهمس، صاحت سارة متسائلة:

_لم! اعيدي رفع صوته هذا مشهد مميز.

لم تتردد في اخبارها بما تود قوله، أو ما تهرب
من الحديث فيه دائما، تلقى كلماتها بجدية واضحة:

_ابن خالتك يريد خطبتك.

توقف العصير بحلقها تسعل مردفة بكلمات حروفها مبعثرة:

_يريد خطبتي أنا؟ لم؟

شبكت ذراعيها ببعض تنظر إليها بتوعد؛ تنتظر أن ترفضه بفارغ الصبر مثلما فعلت في سابقيه، خذلتها مدركة ما فيه، تكمل و هي تسحب جهاز التحكم من يدها:

_اعطني وقت لافكر فقط؛ لا تنسي أنى سأذهب لمقابلة عمل بالغد هامة لى، لقد ارسلت لهم ملف السيرة الذاتية خاصتى
منذ شهور؛ منتظرة ردهم بفارغ الصبر
فاعطني وقتي لن نذهب من بعض بعيد.

_حسنا لك هذا وفقك الله، كفاك سهر ستقومين مبكراً.

تركتها بكل سهولة تعود لغرفتها، تؤكد على ما قالته لتوها:

_مجرد أن انتهي من الطعام سادلف للنوم تصبحين على خير.

عادت لم كانت تفعله مندمجة كطفلة بالسابعة و ليس شابة تعدت العشرين العام، وضعت كل شيء مكانه ترقد بسريرها مشغلة التكيف على درجة حرارة ٢٤ منغمسة تحت غطائها، تغلق شاشة هاتفها بعد ما أعدت المنبهه ليقيظها بموعدها السابعة صباحا.

.........................

زقزقة العصافير أيقظتها و هي تبعد شعرها المتشابك من على وجهها، تسير كالموتى الأحياء؛ قدم بنطال بيجاماتها مرفوع إلى ركبتها و عينها نعسة مغلقة لا ترى إلا بصيص يرشدها للمرحاض، تتثأب متمنية لو لم تقدم على العمل بتلك الشركة و لا غيرها، و لتكمل
حياتها بنفس الترفيهه؛ و لكن حينها لن تستطيع الفرار من قبضة والدتها و خطبتها المبرمة منذ ولادتها على ابن خالتها.

#يتبع.

ملحوظة: كل الفصول هتبقى بنفس الحجم
قد كده 🤏🏻

بس يا تري هيحصل معها ايه في الجاي؟؟

بين ايدي القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن