كانت الاستعدادات على وشك الإنتهاء في الجناح الملكي، حيث انشغل الخدم بترتيب كل شيء بعناية فائقة. الأروقة كانت تضج بصوت الخطى السريعة وصدى الأوامر التي يتم تبادلها بين الخدم. الأقمشة الفاخرة والحرير المذهب كان يتم طيها بعناية ووضعها في صناديق مزينة بالنقوش، وأكياس العطور تم إغلاقها بعناية لتعبق برائحتها الزكية أرجاء الجناح.
الحقائب الكبيرة كانت قد اصطفّت قرب الأبواب، وكل واحدة منها تحمل داخلها جزءًا من حياة الأميرة الفاخرة التي ستودعها قريبًا. فوق أحد الأسِرّة المذهّبة، كانت تُطوى الأثواب الملكية الثقيلة، المزينة بأحجار كريمة من كل لون، بعناية فائقة، بينما كانت المجوهرات تُوضَع في علب مخملية، مصممة خصيصًا للحفاظ على بريقها.
في وسط هذا الحراك، كانت الأميرة نفسها تقف أمام المرآة الكبيرة، تتأمل انعكاسها بعمق. عينيها كانتا تلمعان بمزيج من الترقب والقلق. حفل المباركة الذي أقيم لها في الليلة الماضية كان حديث الجميع، الأضواء، الأزهار النادرة التي زيّنت القاعات، والأنغام الرقيقة التي عزفها أفضل الموسيقيين في المملكة، كلها كانت مثالية. ولكن الآن، حان الوقت للرحيل إلى مملكة إلديمار، حيث ينتظرها زوجها المستقبلي وعائلته النبيلة.
الممرات الطويلة في القصر كانت مليئة بالورد والشموع، وعبق الزهور كان يطغى على كل شيء، مشكّلاً تباينًا ناعمًا مع الهدوء الذي ساد أرجاء المكان بعد انتهاء الحفل. في الخارج، كان الحراس يجهزون العربات الملكية المزينة، وأصوات الخيول وهي تخبط الأرض بأقدامها المعدنية كانت تنبئ بقرب لحظة الانطلاق.
العرس الملكي الذي سيشهده الجميع هناك في إلديمار سيكون حدثًا فريدًا، يليق بتاريخ المملكتين العظيمتين. كان الجميع يدرك أهمية هذا الحدث، فالتحالف بين المملكتين عبر هذا الزواج كان ينتظر منه أن يجلب السلام والازدهار لعقود قادمة. وبينما كانت الشمس تغيب ببطء، ملوّنة السماء بلون برتقالي دافئ، كانت الأميرة تستعد لوداع حياة الطفولة والانتقال إلى حياة جديدة مليئة بالمسؤوليات والوعود في مملكة إلديمار.
فتحت أحد الخادمات الخزانة الخشبية؛ لتأخذ منها عباءة الملكة الراحلة و وضعتها فوق أكتاف مولاتها. أنسكب القماش المخملي المطرز بنقوشٍ تقليدية على منحنى جسدها برقة مكملة إطلالتها كعروس مغادرة قصر والدها.
كانت روزيلين تقف أمام المرآة الكبيرة، تحدق في انعكاسها دون أن ترى شيئًا حقًا. الجدران المحيطة بها كانت مزينة بالستائر الثقيلة، والأرضية مفروشة بالسجاد الفاخر. كل شيء كان معدًا بدقة لهذا اليوم. الذي طالما تم التخطيط له بعناية و رغم الفخامة المحيطة بها، كانت تشعر بشيء ثقيل يخنق صدرها، شعور بالخيانة يسيطر على كل تفكيرها.
وتسببت التجهيزات التي تسير بشكل مبهرج خنقها أكثر. وأرسل إليها أجود أنواع الأزهار التي جُلبت من مملكة إلديمار مع الحرس والعربة. الورود الحمراء والبيضاء المنتشرة في كل أركان جناحة، تعبق برائحة قوية تملأ رئتها لدرجة السعال. ربما هذا تعبيراً واضحًا وصريح
من آل جيونارد عن شكهم بالهدنة وبعث موكب يصطحبها بنفسه.
أنت تقرأ
The Phantom Mask
Historical Fictionفي ثنايا هذه الحرب المهيبة، وبين رائحة الجثث النتنة، حيث كان الموت الحياة المنتظرة كان واقفًا يحاول دفن كل مشاعره مع الأكفان. لكن هيئتها الناعمة كانت كالكفن لروحه المنهكة. بطولة جيون جونغكوك ٢٣.٠٨.٢٠٢٤