بدا الخريف وكأنه ضيف ثقيل حط رحاله، ليُغير وجه الطبيعة بكل تفاصيلها. الأشجار تحولت من ثوبها الأخضر اليانع إلى أغصان عارية، متشابكة كأيدٍ ممتدة نحو السماء تبحث عن شيء ضائع. الأوراق اليابسة تتساقط ببطء، تتراقص في الهواء قبل أن تستقر على الأرض، مكونة بساطاً بنياً وأصفر يغطي المسارات والحدائق. صوتها الهش تحت الأقدام يُضيف بعداً آخر لهذه الكآبة، وحزينةً تئن بفعل رحيل دفء الصيف.
السحب الداكنة كثيفة وممتلئة، تخيم على السماء تنذر بالأمطار فتنهمر في أي لحظة، لكنها تبقى معلقة، تلامس التلال والجبال المحيطة وتُرخي من عبوسها على المملكة بأكملها. هناك في السماء، تلك الغيوم الرمادية تشبه عباءةً ثقيلة، تبعث برذاذٍ ناعم كدموعٍ خفية، تغسل أوراق الشجر وأسطح القصر القديمة.
القصر، في وسط هذا الجو، يقف شامخاً وتاريخه العريق يُحكى في كل حجر من جدرانه. نوافذه العتيقة تطل على المشهد الخارجي، وترسم لوحات من الطبيعة التي تحولت بين عشية وضحاها. الأروقة الملتوية والردهات الطويلة داخل القصر تضج بصمتٍ ثقيل، تتردد فيها أصوات الرياح وهي تعصف بالخارج، تروي مأساة الطبيعة التي تبدلت ألوانها وملامحها.
داخل أسوار القصر، حدائق كالجنات تحيط به، مليئة بالحياة والألوان في الربيع، والآن أصبحت مكسوة بالأوراق الذابلة. النوافير التي تتراقص مياهها بصخب الصيف، أصبحت تهمس فقط، بقطراتٍ بطيئة تنزل على سطح البرك الصغيرة التي جمعت أوراق الخريف في زاوية منها. في كل زاوية من زوايا المملكة، يبدو أن الخريف قد كتب بصمته بحبرٍ من الحزن، لكنه يضفي نوعاً من جمالاً خريفياً مميز.
اجتمعت النسوة حول طاولة خشبية قديمة،
تحت شجرة البلوط العارية، تتوسطها إبريق من الشاي الذي يتصاعد منه البخار برائحة الأعشاب الدافئة. الأوراق البنية التي سقطت من الشجرة تفرشت حول الطاولة، وأصبحت مثل بساط خريفي منسوج بعناية من الطبيعة. يجلسن متقاربين، وتلفح نسمات الخريف الباردة وجوههن. تجلب معها عبق الأرض الرطبة والأوراق الذابلة.وأيديهن تلتف حول أكواب الشاي، يحتسين منه بين الحين والآخر، كان دفء الشاي يبعث ببعض من الراحة إلى أرواحهن وسط هذه الأجواء الخريفية الكئيبة. وعلى الطاولة، صحن من البسكويت المُعد يدوياً، يلتقطنه بلطف ويغمسنه في الشاي، ويضحكن بتهامس من بينهم روزيلين الذي مر على زواجها أسبوعاً كاملاً ولم يكن الأفضل مطلقاً.. أؤجلت رحلتهم إلى القصر الأبيض بسبب حالات الشغب الغاضبة من الجنود المعارضين. لتقضي أولى أيامها تستكشف وتحلل العائلة النبيلة بحذر
وكان كل شيء على ما يرام، حتى الآن."ثم أحضر لي ستيفان هذا الفستان،"
الأميرة مارثا بابتسامة فخر. عيونها تتألق وهي تتحدث عن خطيبها، الأمير ستيفان، ولي عهد مملكة سينايا. وقفت مارثا لتريهن الفستان الذي ترتديه و النسوة حول الطاولة يحدقن بها بفضول وإعجاب كان فستاناً رائعاً ومطرزاً بدقة بأجود أنواع الصوف، يناسب جسدها بنعومة
ويتماوج مع حركاتها برشاقة
أنت تقرأ
The Phantom Mask
Historical Fictionفي ثنايا هذه الحرب المهيبة، وبين رائحة الجثث النتنة، حيث كان الموت الحياة المنتظرة كان واقفًا يحاول دفن كل مشاعره مع الأكفان. لكن هيئتها الناعمة كانت كالكفن لروحه المنهكة. بطولة جيون جونغكوك ٢٣.٠٨.٢٠٢٤