******
الفصل الثاني:
الموت هو الحقيقة الراسخة
●●●●●●
تأهب للذي لا بد منه ...
●●●●●●
جالسة على صخرة من صخور حافة النهر.. تضع رجليها في ماءه البارد، تناظر الأرجاء بشرود.. والتعب يأكل ملامحها بشراهة
"ما أشد هذه الأيام الحادة.. إنها كسلم نصبت لي درجاته من سيوف مسنونة، في كل يوم جرح ينفجر دما... ولكل يوم عذاب وتقطيع في الجرح نفسه.. لا راحة في الصعود ولا في الوقوف ولا في النزول.."
حنت رأسها وأمسكته بيديها تكوره وتود لو تنهشه بأظافرها فتقتلع تلك الذكرى المشؤومة التي تكدر عليها صفو عيشها... انبجست من عينيها دموع حارقة احتملت على قدر جسيم من الجحوف والقمع وكذا الكبت...
ارتعشت لها جل أكنافها، تنتحب بتوجع تُحرر من حنجرتها صخبا تكاد تنهد منه الجبال... وتكرر بين الشهقة والأخرى أن لو أنكي معي يا أمي...
أطرق المكان بعد جلجلة شهدها الصخر والطير.. وهاهي ذي تلك السقيمة تجر قدميها إلى المنزل تعاود تقمص شخصيتها الهادئة بعد الهرج الذي عانته... هي ليست بالساكنة اللينة.. إنما تقيد شخصها الهائج المغتبط خلف أسوار إنتقامها... فنسيت كيف تكون أناستازيا الزاخرة بالمشاعر والعاطفة.. المتمردة التي لا يهزمها سلطان ولا إقدام، تكورت على ذاتها اليوم..وتنمست رداء الأناة والبرود... لا تكاد تعرف نفسها حتى!
●●●●●● ●●●●●●
تغط في نوم عميق بعد إرهاقها الشديد... لعلها تسترد بعضا من قوتها
"لقد مات... استفيقي، انهضي آنا..."
هسهسة استمرت في التراود على مسمعها... وماهي بغريبة الصوت والنبرة
قطبت حاجبيها وصارت تتحرك بعشوائية كأنما هناك ما يزعجها... إلى أن استفاقت مذعورة تلتقط أنفاسها بعسر بالغ... وما كاد يهدأ روعها حتى إنتفضت من مكانها مسرعة وخرجت من مخدعها تتفقد المكان... إذ بها تجد ماتياس يقف على رأس سرير والدها.. ومعه شاب آخر يحاوط عنقه بسماعة طبية.. وكأنه ممرض أو طبيب.. وبجانبهما الخالة جورجيا ومعها ريتا... تصنمت مكانها ترمقهم باستغراب... وهي على حالها حتى وقعت على مسمعها كلمة إهتز لها جميع كيانها"لقد... مات"
ما عادت ترى ولا تسمع.. وكأنها غشاوة من ضباب أسود قاتم نزلت عليها فحجبت عنها كل شيء... كأنما كل ما في الكون يمر ببطء... كم أن الثواني جارحة!
أيعقل أن موتك منهك وجارح لهذه الدرجة؟
ربما لأني أحببت حياتك.. التي رأيتها بعين ناقصة
او لأني ألفت شبحك الهزيل هنا
في قلبي..
YOU ARE READING
عنقاء الجليل - نزيف متمردة-
Storie d'amoreلا يكتمل اللقاء بالضرورة، ولا يجتمع الحبيبان في كل نهاية، ولا يتم الثأر في كل رواية، ولا ينتصر الخير في الواقع لربما أثر ظننته أمرا عابرا.. كان بمثابة القطعة الضائعة من الأحجية، لربما كان السبب الحقيقي الوحيد، والأمل المتبقي وسط ركام الخيبات.. خصلات...