1

8 2 3
                                    

السبت 31-08-2024، 10:58

"
ا

لسلام عليكم، حبيبتي "وعد"،
أنا أمك، أبلغ من العمر عشرين عاما أتممتها قبل شهر بالضبط من الآن.
أمك الآن طالبة في السنة الثالثة في تخصص الهندسة المعمارية. أقيم حاليا مع أمي وإخوتي في مسقط رأسي، وأبي مغترب للعمل.
أكتب إليك وأنا في سريري أفكر فيك.
أمك يا طفلتي متعبة جدا، هشة جدا، منهكة جدا. تسرعت في الكثير من القرارات وقدمت على مجريات الواقع الأحلام والأمنيات، وظنت أنها تظن بالله بفعلها هذا الظن الحسن، فلما تأخرت الاستجابة دب اليأس في قلبها دبيب النمل، وبدأت ترى ركائز ما بنته من الإيمان واليقين..تنهار على مهل.
أمك يا حبيبتي يائسة، لا تستطيع أن تكذب وتنكر، تبكي في تسخط على أقدار الله، ثم تبكي طلبا للمغفرة. تسأل الله لماذا أنا ولماذا ليس أنا؟ تتدخل في الذات الإلهية، تسأل عن أشياء إن تبد لها تسوؤها، تعلم ذلك، ولكنها لا تكف.
أمك يا حبيبتي انفلتت عن عقالتها ورزانتها، باتت تقول "أيا يكن" وتمضي تضرب بمبادئها عرض الحائط.
أمك يا حبيبتي نادمة، نادمة جدا.
لست أخبرك بكل هذا إلا وأنا أخشى أن يكون في قلبك شيء منه فتستنكرينه على نفسك مثلي حتى يتراكم فيغلبك، وإنما أخبرك حتى تطمئني، سلك هذا المسلك قوم قبلك، وبإذن الله ناجون مادمنا نسعى.
تعلقت بأمنية ما تعلقا شديدا شديدا، لي خمس سنوات أدعو بها ليلا نهارا سرا جهارا على جنبي قائمة وقاعدة، وتقربت من الله ما استطعت آخر سنتين. كنت أقوم الليل يا صغيرتي وأنا عاشقة للنوم، أتصدق وأنا من في جيبي دنانير أستحي من إظهارها، أذكر الله وأنا من تعود لساني على الأغاني.
تمسكت بدعائي حتى بات لساني ينطق به عن غير وعي، في نومي ويقظتي وعافيتي ومرضي. ظننتني بلغت مراتب اليقين التي تريح قلبي، ظننتني وصلت، ظننتني وثقت بالله حق ثقته، ظننت، وخاب ظني.
كنت أجرب الله.
في دعائي، في ذكري، في سعيي، كنت أجرب الله دائما. صوت في قلبي يقول لي أن الأسباب منعدمة، لو كنت وصلت لوصلت قبل هذا، لو شاء الله أن يجيبك لأجابك في اللحظات التي ظننتِ فيها أنك من فرط الحزن هالكة، ولم تهلكي.
صوت ما، يقول أني واهمة، أني أنتظر عبثا ولست أصبر، أني سأموت أدعو ولن أنال، أني دعوت ولم يستجب لي.

عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّهِقَالَيُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي. متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَيَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 31 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شروح الأمد إلى ابنتي وعدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن