●يقولون ان العالم مكان عادل...ربما هذه احد اكثر النكات اضحاكا التي سمعتها في حياتي...وحده شخص يؤمن بالمثالية قد يصدق كلاما كهذا لكن في حقيقة الأمر لا يوجد مكان اكثر حقارة و قذارة من عالمنا...المبدأ الوحيد السائد بكل بساطة هو مبدأ التبادل العادل و ربما هذا هو العدل الوحيد الموجود بعبارة أخرى الأمر كله عبارة عن تبادل مصالح...لذا بالنسبة لي انا الشخص الذي لم يضع حتى ساقه على خط البداية فقيمتي في المجتمع هي صفر.
●حمل هاتفه و اتصل على امه...السماعة ترن بينما هبت رياح خرافية خفيفة...الساعة السابعة ليلا و الشوارع ليست مزدحمة جدا...كان يحدق بالمارة من فوق عمارة ب خمسة عشر طابقا...بدا الناس صغارا جدا كالنمل...الرياح تضرب وجهه بلطف بينما ينتظر امه لتجيب...أجابت.
<بني كيف حالك>.
< انا بخير امي لكن للأسف لم تسر المقابلة كما ينبغي يبدو أن إيجاد عمل أصعب حتى من التحول لبطل خارق >.
<بني لا داعي لان تفقد الامل ربما كل هذا للأحسن...احيانا لا تسير الأمور كما نريد لسبب لكن هذا لا يعني انها لن تعمل ابدا كن صبورا فلكل شيء وقته>.
< امي لقد تعبت حقا...هذا ليس عادلا لقد حاولت لكنني مازلت افشل...و ما يجعل الامر أصعب هو انني أدرك ان ما تقولينه صحيح لكن لا يمكنني العمل به...هناك تضارب بين ما أؤمن به و بين ما أفعله...لكن لا داعي للقلق امي سأتولى الأمر بطريقة ما...احبكي امي تصبحين على خير>.
<احبك ايضا بني...انا اؤمن بأنك ستنجح عاجلا ام اجلا تصبح على خير >.
●المشكلة ليست مجرد فشل امي...هذا العالم يسير بشكل خاطئ...و انا لا يمكنني تقبل هذا أو التعامل معه...ربما انا مجرد دخيل او خطأ...فقط التفكير في الأمر مزعج...ربما لو القيت نفسي من هذا الارتفاع سينتهي كل شيء...تشه ما الذي اهذي به قد يكون حلا ممتعا لكنه حتما ليس أمرا صائبا...جلس على حافة السطح و ترك ساقيه يتدليان في الهواء...رياح الخريف اللطيفة بدأت تصبح اقوى...حل الظلام بالفعل...و الغيوم ملأت السماء.
●فجأة بدأت حشرات تشبه الفراشات بالظهور من العدم...اقتربت هذه الفراشات بهدوء من الناس...اغلبية من لمستهم سقطوا ثم بعد بضع دقائق ابيضت أعين الذين سقطوا و بدأوا يتحركون بشكل غريب و يصدرون أصواتا تشبه عويل الذئاب...حركاتهم بطيئة لكن ينقلون العدوى بسرعة هائلة بمجرد احداث جرح.
●كم هذا جميل...هذه الكائنات اللطيفة ستكون سبب فنائنا...هذا خارج الصندوق حقا...اقتربت منه إحدى الفراشات...مد يده مستقبلا نهايته بصدر رحب...حطت الفراشة على كفه...ايها الكائن اللطيف هل انت هنا لانهاء معاناتي ؟ اجعل الأمر سريعا من فضلك...قام بقرصه ثم فجأة اختفى...بدأت الآثار بالظهور...احساس بحرارة شديدة يتبعها دوخة خفيفة...ما الذي يحصل ؟ و كأن آلاف النمل تزحف داخل عروقي...سقط على ظهره...بينما ينظر للسماء التي أصبحت صافية مزينة بالنجوم و القمر الذي كان واضحا جدا...هذا مزعج لكن على الاقل ليس مؤلما نهايتي ستكون جميلة على ما اظن كما أن المنظر جميل حقا...هذا العالم خاطئ يستحق أن يفنا بالفعل لم اظن انني سأقول هذا كأخر شيء قبل موتي لكن و اخيرا سنتساوى جميعا في شيء ما...الموت...بدأت رؤيته تصبح اكثر ضبابية و بينما يغط في نوم عميق تذكر كل ما مر به طوال حياته كل اللحظات السعيدة و الحزينة...كل العقبات التي تخطاها و تلك التي كادت تنهيه...تذكر احبته و أعداءه...ربما لأول مرة احس بأن حياته لم تكن فارغة كما ظن لكن هذا لا يهم فقد انتهى كل شيء الآن...غط في نوم عميق.
●كانت لدي الكثير من التوقعات لما بعد الموت لكن لما كل شيء ازرق...اه هذه السماء...أشعر ببعض الخدر...لم أمت ؟...تشه هذا العالم يرفض ان يدعنا اغادره لآخر دقيقة....نهض من على الأرض...قام ببعض التمدد ليتخلص من الخدر الذي اصابه...تحرك نحو حافة السطح ثم القى نظرة...يالها من فوضى تلك الأشياء تملأ الشارع...كم هذا جميل و كأن التعامل مع المغفلين كان أمرا يسيرا و الآن علي التعامل مع اشياء تحاول اكلي...أشعر بالجوع و العطش و المكان أصبح باردا بشكل مبالغ به.
●نزل إلى الطابق السادس...العمارة موحشة و الظلام دامس و لا وجود لاي كائن حي في الجوار...استعمل ضوء هاتفه لانارة الطريق...دخل شقته المكونة من غرفة و مطبخ صغير ملتصق بصالون و حمام مع دش...أغلق بابه باحكام ثم خلع ثيابه و وضع هاتفه في الشاحن...توجه مباشرة للمطبخ شرب الماء حتى ارتوى ثم توجه نحو الدش...استحم و مع تدفق الماء البارد فوقه تدفقت معه افكاره ايضا...بدأ بإدراك ما يحصل...العالم ينتهي و هو من القلائل الناجين...في الماضي كان جمع المال همه لكن الآن اختلفت الأمور الغاية الأسمى هي البقاء على قيد الحياة لفعل هذا الأمر بسيط ستحتاج إلى توفير مأوى و عتاد و أدوية و طعام و شراب...على الورق الأمر سهل لكن الفعل صعب جدا...لا فائدة من التفكير الآن سآكل اولا...ارتدى ثيابه ثم توجه نحو المطبخ و ضع اثنتين من المعكرونة سريعة التحضير في ماء مغلي...خمس دقائق و كانت جاهزة وضعها في طبق ثم جلس على اريكته...أشعل التلفاز ليرى الاخبار و بدأ في الأكل.
●سيداتي سادتي ان كنتم ترون هذا الإعلان فالسلطات تعلمكم انها تحاول جعل الأوضاع تحت السيطرة...على كل الذين بقوا على قيد الحياة التوجه نحو أقرب مستشفى أو مدرسة حيث تم بناء ملاجئ محمية من الشرطة الدرك أو الجيش...هذه إحدى أعظم الكوارث التي حلت على البشرية لذى سنحتاج إلى التعاون من أجل حلها.
●ياله من هراء جميل...السلطات هي نفسها في كل زمان اول ما سيفعلونه تسيير الحشود بحجة ضمان الاستقرار...لكن هذا لن يدوم لوقت طويل...بعد مدة لن يتمكنوا من توفير الطعام و الشراب للجميع و هذا ما سيزعزع الأمن لذا من الأفضل أن اتحرك وحدي...في حالتنا هذه لا معنى للقوانين كل ما تقع عليه عينك هو ملكك من الأفضل أن ابدأ بالعمارة لكن المشكلة ستكون في مدة صلاحية الطعام و الدواء فقط لو كان يمكنني ايقاف الوقت أو تخزينه دون أن يفسد...لما فكرت في هذا الأمر بينما لا أؤمن بالخوارق ؟ هل هذا احد اعراض اللدغة؟...نظر نحو جهاز التحكم و لسبب ما قال بكل عفوية تخزين...اختفى الهاتف...ثم قال استخراج و فكر في جهاز التحكم فظهر امامه...قدرة على تخزين الأشياء...لما أشعر انها جزء مني منذ زمن ؟...هذا غريب لكنه...ممتع...نهاية العالم هذه لا ادري ان كانت شيء جيدا ام سيء لكنها...ممتعة.
أنت تقرأ
آنين عٍآلُِم يحٍتضرٍ
Hororالعالم مكان بسيط يعمل بمابدئ و قوانين بسيطة...ادراكك لهذه المبادئ و القوانين و كيفية عملها يجعل حياتك مريحة و سهلة...و كلما انكرتها و مشيت عكسها صارت الأمور أصعب...اذا ماذا لو جاءت كارثة غيرت هذه القوانين ؟...كيف سيتعامل البشر معها ؟.