" الذكرى "

33 5 0
                                    

لكنّ لا تعودوا أبدًا، كونوا للرحيل أوفياء .. لعلَّنا نكونُ أيضًا لنسيانكم مُخلصين .

”محمود درويش”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يبحث عن طريق لعله يجد طريق الهدوء ، يحتاج لسلام ، لهدوء ، رأسه تعجُّ بالضجيج ، هناك صوتان يسيطران عليه ، تُمسك به الحياة لتمنعه من التحرك ، تتشبث به و كأنها تدفنه و تدفن أحلامه ، أستهدأ الأفكار؟ ، أسيهدأ هذا الضجيج ؟ .

كان يتحدث بهدوء ونبرة خافتة وهو يفسر لوالده ما سيحدث قريباً

ـ أنا جهزت كُل حاجة ، الباقي بس إن
"سلمان الفارسي " يتفق مع الشرطة ، و أنا هطلع " كمال " و رجالته من الحوار ، متفقين ؟

كان يحدث والده بإيجاز فهو يحتاج للراحة حقاً بعد سفر و ترحال و بحث ، يشعر بإعياء و ألم يجتاح جسده ، نطق والده

ـ وإنتَ وَصلك ورق الأرض دي إزاي يا " مازن " ؟

كان يوجه حديثه وهو ينظر له بطرف عينه و نبرة جامدة ، إستند " مازن " برأسه على الكرسي وهو ينطق بتهكمٍ

ـ وصلتلها بطُرقي يا بابا ، المُهم إن الورق معانا و عملنا الإتفاق يتمسك مُتلبس و أخلص أنا من القضية دي عشان تعبت ، عن إذنك عشان جاي من السفر و تعبان جداً .

أنهى حديثه وهو يقوم ليرحل لغرفته ليستريح ، ليوقفه صوت والده وهو يقول بنبرة تحمل الغضب

ـ لينا كلام مع بعض يا ابن " سلمان " .

لم يلتفت " مازن " لحديث والده فقط خرج من الغرفة بأكملها وهو يتحرك بألم و بمجرد خروجه من الغرفة ، وجد تلك الصغيرة صاحبة الثلاث أعوام تقف جوار قدمه لا تكاد تصل له ، جاءت " مودة " تحملها وهي تحدثه برفق وتربت على كتفه

ـ إدخل إستريح و أنا شوية و هجيبلك العشا لعندك .

إبتسم لها ثم نطق وهو يقبل يدها

ـ تسلم إيدك بس أنا أكلت برا ، هدخل أخد شاور و أنام ، تصبحي على خير يا كُل الخير .

أنهى حديثه وهو يتجه لغرفته ، تركها خلفه تبتسم بعيون تلمع بها بعض العبارات ، على الذي عاد ليفيض عليها بحُب الأخ و حُب الأب ، لطالما كان حنوناً عليها ، رفيقاً لها ، و عناقاً و يد تربت عليها ، لكن فرقتهم تلك الذكريات التي لا تفارق عقله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يُضمد جرحه وهو يتأوه في صمت ، لكي لا يستمع له أحد من أفراد المنزل ، ظل يستغفر في سِره وهو يضع ذلك المُطهر الذي جعله يصرخ بصوت مسموع ثم نطق ساخطاً

ـ آه منك لله يا جدع ، بس أشوفك تاني مش هرحم إلِّي جابوك ، كلوا منك يا " مازن " أعمل إيه في صحوبيتك الهم دي .

شيزوفرينيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن